أيدت البعثة الانتقالية الأفريقية في الصومال (أتميس)، طلب الحكومة الصومالية بشأن تأجيل سحب الدفعة الثانية من قواتها لمدة ثلاثة أشهر. جاء ذلك في خطاب حمل تاريخ 25 سبتمبر/ أيلول، ونشرته وسائل الإعلام الخميس.
وحمل البيان الذي أرسلته “أتميس” لمجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، توقيع وزراء خارجية الدول التي تعمل قواتها في الصومال وهي بروندي وإثيوبيا وجيبوتي ورواندا وكينيا.
وأكدت البعثة الأفريقية أنّ طلب الصومال متجذر بالضرورة الملحة لمعالجة التحديات الحاسمة التي تم توضيحها في الوثيقة المشتركة قبل الشروع في عملية سحب القوات.
وكررت البعثة المخاوف التي أثارتها الحكومة الصومالية في وضع خطط أمنية شاملة للسكان المقيمين في محيط القواعد العسكرية التي سيتم تسليمها للقوات الصومالية بعد انسحاب قوات “أتميس” منها، لضمان انتقال أمني سلس.
وأقرت البعثة بالتحديات الأمنية واللوجستية التي يواجهها الصومال حالياً، مشيرة إلى أنه “من الحكمة” أن تستمر الحكومة الصومالية بتنفيذ المعايير المتفق عليها، وإجراء المزيد من التقييمات الميدانية قبل الشروع في المرحلة الثانية من الانسحاب.
وأشادت البعثة بجهود الصومال في تسريع العمليات العسكرية ضد حركة الشباب، وقالت إنّه “من أجل مواصلة هذه العمليات العسكرية الحكومية المستمرة، نؤكد على أهمية مقترح تعليق سحب 3 آلاف من قوات (أتميس) لمدة 90 يوماً”.
وكان مستشار الأمن القومي للرئيس الصومالي حسين معلم قد أرسل خطاباً حمل تاريخ 19 سبتمبر/ أيلول الجاري، طالب فيه بإرجاء سحب الدفعة الثانية من قوة الاتحاد الأفريقي لمدة 90 يوماً.
وفي مطلع يوليو/ تموز، أعلنت البعثة الانتقالية الأفريقية في الصومال (أتميس) أنها أكملت المرحلة الأولى من خفض قواتها، بهدف تسليم مهام الأمن في نهاية المطاف إلى الجيش والشرطة الصوماليين.
ويجري الجيش الصومالي، منذ مطلع إبريل/ نيسان الماضي، بالتعاون مع المليشيات العشائرية المسلحة، عمليات عسكرية ضد “الشباب” وسط البلاد.
مخاوف الانسحاب:
تمثل بعثة قوات الاتحاد الأفريقي المعروفة باسم (أتميس) ركيزة أساسية لأمن الصومال في مواجهة الجماعات الإرهابية خصوصا حركة الشباب الموالية لتنظيم القاعدة، التي تأسست عام 2004.
وكثفت قوات الأمن الأفريقية تواجدها بعدد من المدن الصومالية المهمة، خصوصاً العاصمة «مقديشو» ومنطقة «باراوي» الولاية الجنوبية الغربية، لإحباط هجمات حركة الشباب الإرهابية. ووجهت الحكومة رسالة مناشدة لبعثة الاتحاد الأفريقي، من أجل تأجيل المرحلة الثانية من عملية سحب قواتها، بعدما أعلنت قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي الأحد الماضي سحب قواتها من البلاد، البالغ عددها ٣٠٠٠ جندي، بعد سحب المرحلة الأولى في يونيو الماضي، كما طالبت الحكومة الصومالية بدعم مالي ولوجستي لقواتها، حتى تتمكن من الصمود في حربها ضد الحركة.
وأكد بيان الحكومة الصومالية خلال الساعات الماضية أن خروج قوات «أتميس» يجب أن يتماشى مع الظروف الأمنية لكل منطقة، لضمان انتقال سلس للمسؤوليات الأمنية ليد الحكومة الصومالية، خصوصاً أن الجيش الصومالي منذ أغسطس الماضي وهو يخوض إلى جانب مجموعات عشائرية محلية، وبدعم من قوات الاتحاد الأفريقي والقوات الأمريكية، ضربات جوية ضد عناصر الحركة، وهو ما تعهد به الرئيس الصومالي حسن الشيخ محمود منذ توليه السلطة في مايو من العام الماضي تخليص البلاد من تلك المليشيات.
وتشير غالبية التقديرات إلى أن القوات الصومالية غير قادرة حالياً على الاضطلاع بشكل منفرد بالمهمات الأمنية في البلاد، وأن خروج قوات «أتميس» الأفريقية سيؤدي إلى انهيار سريع للمؤسسات الصومالية، لذا لا تزال مقديشو تبحث مع شركائها الدوليين البدائل المطروحة للحيلولة دون الانزلاق نحو هذا المسار، وخسارة المكتسبات التي تحققت أخيرا، وهو ما أكدت عليه خبيرة الشؤون الأفريقية بالقاهرة الدكتورة نجلاء مرعى، محذرة من أن انسحاب «أتميس» من الصومال سيسهل على حركة الشباب السيطرة الكاملة على الصومال. وقالت إن الرئيس الصومالي يسعى الى زيادة عدد قوات جيش بلاده إلى أكثر من 23 ألف جندي، لتعويض الانسحاب المرتقب للقوات الأفريقية من مقديشو.
ورفضت الخبيرة انسحاب القوات الأفريقية كاملة من الصومال، كون ذلك يعرض البلاد للخطر، خصوصاً في ظل حظر التسليح المفروض على مقديشو من قبل مجلس الأمن الدولي، وبالتالي الصومال في احتياج إلى قوات أمنية قوية، ودعم مالي كافٍ يجعلها قادرة على مواجهة حركة الشباب الإرهابية وإنهاء وجودها كاملاً في البلاد.