بعد تسلمها المهام الأمنية والعسكرية من “أتميس”.. هل تنجح الحكومة الصومالية في مواجهة حركة الشباب؟
تسلمت الصومال بنهاية يونيو/ حزيران الماضي المهام الأمنية والعسكرية جزئيا من بعثة الاتحاد الأفريقي “أتميس” بعد انتهاء المرحلة الأولى للانسحاب.
وتزامن مع ذلك تصاعد عمليات حركة الشباب ضد الجيش والقوات الأمنية خلال الأيام الماضية، الأمر الذي أدى لزيادة المطالبات برفع الحظر عن التسليح المفروض على البلاد.
ويرى مراقبون أن هناك العديد من البنود يجب العمل عليها محليا ودوليا قبل ترك القوات الصومالية الوليدة فريسة للميليشيات والصراعات القبلية، بأن يتم رفع الحظر عن تسليح القوات النظامية ومحاولة اختيار القادة بعيدا عن المناطقية وأن يكون هناك دعم مادي ولوجستي دولي للقوات المحلية، في الوقت الذي يرى فريق آخر أن القوات الصومالية أصبح لديها اليوم استعدادات كبيرة ويمكنها القيام بأي دور.
بداية يقول عمر محمد، المحلل السياسي الصومالي، إن نجاح الحكومة في تحقيق تقدم بالملف الأمني يتعلق بمدى تحقيقها الاستقرار السياسي الداخلي، وتنسيق التعاون بين مؤسساتها التنفيذية والتشريعية، والتفاهم مع إدارة الولايات الإقليمية.
وأضاف محمد “بالنظر إلى ما أنجزته الحكومة في المجال الأمني خلال العام المنصرم، من استعادة للعديد من المناطق الخاضعة للشباب، وتأمين للعاصمة “مقديشو” وما إلى ذلك، يتبين لك صحة ما ذهبنا إليه، إذ كان هناك خلال هذه الفترة انسجام شبه تام بين مؤسسات الدولة، فضلا عن التعاون الذي كان قائما مع إدارة الولايات الإقليمية والمليشيات المحلية، ما أثبت قدرة القوات الصومالية على تحقيق تقدم في الملف الأمني بالبلاد”.
وأشار محمد إلى أنه ثبت تاريخيا أنه إذا لم يكن هناك استقرار سياسي وتنسيق رسمي بين مؤسسات الدولة من جهة، وبينها وبين الولايات الإقليمية من جهة أخرى، فمن الصعب تحقيق نجاح أمني كبير.
وأوضح المحلل السياسي أن “النجاح الأمني لا يتأثر فقط بانسحاب القوات الأفريقية التي كانت منذ فترة طويلة شبه محصورة في قواعدها العسكرية، ولم تخرج إلى ساحات المعارك إلا في أضيق الحدود، وإنما يتأثر بعوامل أخرى، تتمثل في الأوضاع السياسية الصومالية واستقرارها، بمعنى أنه إذا كان هناك توافق أو استقرار سياسي، فيمكن سد فراغ انسحاب القوات الأفريقية بمرور الوقت”.
من جانبه يقول عبد الرحمن عبدي، الباحث السياسي الصومالي: “القوات المسلحة الصومالية في اعتقادي حققت خلال السنوات الأخيرة تطورات كبيرة ولافتة، سواء من ناحية العدد أو العتاد وانضمت إليها كتائب متعددة تم تدريبها في داخل البلاد وخارجها، وتتمتع بتأييد كبير من القيادة السياسية”.
وأضاف عبدي “إن الطفرة الكبيرة التي تحققت من حيث التدريبات والإعداد قد تؤهلها مستقبلا لتحمل مسؤوليات أكبر في مواجهة التهديدات التي تتعرض لها و ملء أي فراغ قد يحدث مستقبلا بانسحاب قوات الاتحاد الأفريقي (أتميس) والتي أنهت مرحلة انسحابها الأولى.
وتابع عبدي: “أعتقد أن الجيش الصومالي قادر على تحمل مسؤولية الأمن في البلاد وملء الفراغ الذي أحدثته عملية انسحاب القوات الأفريقية من البلاد، والدليل على ذلك أن الجيش الصومالي يقوم في الوقت الحالي بعمليات أمنية ويشن هجمات على المناطق التي تسيطر عليها حركة الشباب بدون دعم وإسناد من القوات الأفريقية وحققت انتصارات كبيرة”.
وأشار المحلل السياسي إلى أن “كل ما يحتاج إليه الجيش الصومالي هو الحصول على الدعم المالي والأسلحة اللازمة ليحقق التفوق العسكري، بالإضافة إلى الخبرات القتالية وخاصة فيما يتعلق بحرب العصابات”.
وأعلنت قوة الاتحاد الأفريقي في الصومال “أتميس” أنها أكملت المرحلة الأولى من خفض قواتها بهدف تسليم مهام الأمن في نهاية المطاف إلى الجيش والشرطة الصوماليين.
وحلت قوة الاتحاد الأفريقي في الصومال “أتميس” التي تضم نحو 20 ألف جندي وشرطي ومدني من أوغندا وبوروندي وجيبوتي وإثيوبيا وكينيا، في أبريل/ نيسان 2022 مكان قوة الأمم المتحدة التي نشرت منذ عام 2007 لمكافحة حركة “الشباب”، وهدفت القوة الأفريقية إلى تسليم المسؤوليات الأمنية للجيش والشرطة الصوماليين بحلول عام 2024.
وأعلن الرئيس الصومالي حسن الشيخ محمود، الذي عاد للسلطة في مايو/ أيار 2022 “حرباً شاملة” ضد حركة “الشباب” في سبتمبر/ أيلول من العام ذاته، وشن هجوما عسكريا بمساندة قوة الاتحاد الأفريقي وضربات جوية أمريكية.
وفي تقرير لمجلس الأمن الدولي في فبراير/شباط الماضي، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن 2022 كان العام الذي شهد سقوط أكبر عدد من المدنيين في الصومال منذ 2017، لا سيما في هجمات شنتها حركة “الشباب”.
يذكر أن “حركة الشباب” الإرهابية كانت قد أعلنت الولاء للقاعدة في عام 2009 وأصبحت تابعة لها في عام 2012، وتدر الآن نحو 100 مليون دولار سنويا للشبكة الإرهابية، وفقا لوزارة الخزانة الأمريكية.
وشنت الجماعة مواجهات مسلحة ضد الحكومة الفيدرالية التي تتخذ من مقديشو مقرا لها، و انخرطت في هجمات إرهابية وعرقلت وصول المساعدات الإنسانية الأممية في البلاد، ولا تزال “حركة الشباب” تسيطر على مناطق واسعة في وسط وجنوب الصومال.