الانتخابات الرئاسيةالرئيسيةالصومال اليوم

هل يقرب الانسداد السياسي مسار الأزمة في الصومال من التدويل؟

حملت الأزمة السياسية المستمرة في الصومال إشارات قد تُسهم في تعميق المخاوف من إمكانية تدويلها بالنظر إلى حجم الضغوط الخارجية لكسر الجمود حول إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية المؤجلة. فقد تزايدت الأصوات المُحذرة من تداعياتها على مُجمل الأجواء العامة في البلاد التي دخلت مُربعا مزعجا على المستويات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية. 

تسود الصومال حالة من التوتر السياسي بسبب الخلافات بين الحكومة من جهة ورؤساء الأقاليم والمعارضة من جهة أخرى حول تفاصيل متعلقة بآلية إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي تأجلت في ظل تزايد القلق من تدويل الأزمة. وهي خطوة ترفضها قوى المعارضة بشدة. 

وباتت الأزمة السياسية مطروحة بقوة أمام المجتمع الدولي بعد أن فشلت القوى السياسية في الصومال في التوصل لإيجاد حل لأزمة الانتخابات، حيث أن الجميع يراقب كيف ييعالج المجتمع الدولي، ولاسيما القوى الاقليمية والدولية المعنية بالشأن الصومالي، هذه المشكلة التي قد تعيد البلاد إلى المربع الأول. 

وتجاوز الصومال مهلة نهائية كانت محددة لإجراء انتخابات بحلول الثامن من فبراير الماضي عندما كان مفترضا أن يغادر الرئيس محمد عبدالله فرماجو السلطة، الأمر الذي أدى إلى أزمة دستورية. ويعتبر ائتلاف لمرشحي المعارضة الرئيس غير شرعي ويطالب باستقالته على الفور. 

وعكست هذه الإشارات، التي جعلت شبح التدويل يطل من نافذة مجلس الأمن الذي طالب في ختام اجتماع مغلق عقد بشكل عاجل الأربعاء الماضي الصوماليين بالإسراع إلى الخروج من “الطريق المسدود المرتبط بالعملية الانتخابية تشمل الجميع في أقرب وقت ممكن”، مدى تعقيدات المشهد السياسي في بلد تهدده مجموعة من الأخطار. 

وفي بيان صاغته بريطانيا وأقرّه مجلس الأمن بالإجماع أعرب المجلس عن “قلقه من الطريق المسدود في اللحظة الراهنة”. وحث الفرقاء السياسيين في الصومال على حل المسائل العالقة استنادا إلى اتفاق الـ17 من سبتمبر الماضي حول المسار الانتخابي. 

وكانت الولايات المتحدة قد حضت الصومال الشهر الماضي على إجراء الانتخابات فورا وكسر الجمود السياسي الذي ترى أنه يهدد البلد المضطرب. وقال وزير الخارجية أنتوني بلينكن آنذاك إن بلده يشعر «بقلق عميق جرّاء الأزمة الانتخابية، التي تتسبب في ضبابية سياسية تهدد الأمن والاستقرار والتنمية بالبلاد”. 

لكن القلق بشأن استمرار الخلافات بين القوى السياسية الصومالية، والذي أدى إلى تأجيل الانتخابات مرارا دون تحديد موعد لها رغم عقد عدة جولات حوارية، تسرّب إلى دول المنطقة أيضا، فخلال زيارة وزير الخارجية الصومالي محمد عبدالرازق إلى القاهرة الشهر الماضي أكدت مصر على لسان وزير خارجيتها سامح شكري على ضرورة إنهاء الأزمة سريعا. 

ومع أن المساعي الدولية نجحت في فترة مّا في استضافة جميع القوى السياسية على طاولة واحدة، بقيادة السفير الأميركي لدى مقديشو ياماموتو ورئيس بعثة الأمم المتحدة إلى الصومال جيمس سوان لردم هوة الخلافات، إلا أنها واجهت عقبات كبيرة وتبددت فرص نجاحها، حيث لم يقدم أحد الطرفين الأساسيين، وهما الحكومة المركزية وولايتي جوبالاند وبونت لاند، مزيدا من التنازلات لتجاوز المشكلة. 

وتبدو مواقف الأطراف السياسية متباعدة، فهناك أزمة ثقة وكل طرف متشبث بمواقفه ويحاول أن يخرج من حلبة الصراع منتصرا بعلامة كاملة لأن ما دون ذلك يحمل طعم الهزيمة وأن المسألة باتت مسألة حياة أو موت. 

فالرئيس فرماجو المنتهية ولايته يسعى لإثبات وجوده وبرهنة أنه الحاكم الفعلي والمسؤول عن تنظيم الانتخابات. وإذا تحقق له ذلك فإنه يعزز حظوظ إعادة انتخابية في أيّ عملية تُجرى. وفي حال لم يتحقق له هذا الهدف عبر المفاوضات فإن لديه مسارات وخيارات أخرى، فهو ليس في عجلة من أمره. 

ويرى مراقبون أن فوز فرماجو بولاية ثانية نهاية لدور بعض رؤساء الولايات الأخرى كرئيس ولاية جوبالاند أحمد أسلان مذوبي ورئيس ولاية بونت لاند سعيد ديني في المسرح السياسي في الصومال. وبالتالي فإن سقف مطالبهما عالية ويقاومان ضغوط المجتمع الدولي بشراسة ويرفضان بشدة توفير طوق نجاة للرئيس فرماجو. 

وتعد أبرز النقاط الخلافية بين الطرفين عدم ثقة المعارضة بلجنة الانتخابات الوطنية التي عيّنتها الحكومة، والتي تراها موالية لأجهزة الدولة الأمنية ما دفع اتحاد المرشحين لإصدار بيان يدعو فيه إلى حلّ اللجنة، ويهدد بإجراء انتخابات موازية للانتخابات الوطنية. 

ومن البنود الخلافية كذلك مقاعد صوماليلاند، وهو كيان منفصل عن الصومال، حيث تقترح حكومة الإقليم إجراء انتخابات في مقديشو تجمع السياسيين المنحدرين من صوماليلاند المقيمين في العاصمة. 

لكن الخلاف الأساسي هو كيفية اختيار مندوبي صوماليلاند؟ حيث ترى المعارضة أن الحكومة تريد تنصيب موالين لها وأعضاء في الحكومة ليختاروا ممثلي صوماليلاند في البرلمان بمجلسيه وعددهم 57 عضوا، وسيكون لديهم بعدئذ دور حاسم في تحديد هوية المرشح الفائز. 

أما إقليم غدو في ولاية جوبالاند فهو الآخر يبرز كنقطة خلافية جوهرية في الأزمة، بحيث يعتبر خلافا أدى لمواجهة عسكرية في الإقليم. وتتركز نقطة الخلاف في أن الحكومة تريد إبقاء المقاعد الـ16 في مدينة غربهاري التي تسيطر عليها، بينما يرفض قادة الإقليم ذلك ما لم تُنقل سلطة المدينة إليهم. 

ويشير المتابعون لمجريات الأحداث بالبلاد، التي تعاني من هجمات متكررة تشنها حركة الشباب، إلى أنه من المحتمل أن يتطور الوضع إلى الأسوأ في ظل إصرار رئيس الإقليم أحمد مادوبي على مغادرة القوات الفيدرالية من الإقليم، والذي ترفضه الحكومة الاتحادية، وهي أوضاع قد تقود إلى اتساع المواجهات بين الطرفين. 

وبناء على كل هذه المعطيات فإن الخيارات أمام المجتمع الدولي قد تكون صعبة، وإجراء الانتخابات خلال العام الجاري قد تحتاج إلى عملية قيصرية. 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق