بعد خمسة أيام من المشاورات المستمرة توصل قادة الصومال إلى اتفاق “تاريخي”، نحو نموذج شعبي حول الانتخابات العامة.
الاتفاق، الذي وقع مساء السبت، جاء ثمرة المؤتمر التشاوري السابع الذي استمرت أعماله خمسة أيام في العاصمة الصومالية مقديشو، برئاسة رئيس الصومال حسن شيخ محمود وبمشاركة رئيس الوزراء ونائبه، وعمدة مقديشو ورؤساء الولايات الخمس باستثناء رئيس ولاية بونتلاند الذي غاب بسبب خلافات سياسية مع الحكومة الفيدرالية.
وبحسب الاتفاق، فإنه سيكون هناك انتخابات شعبية مباشرة اعتبارا من العام المقبل، تجرى مرة كل خمسة أعوام (بلدية، مستوى الولايات والمستوى الفيدرالية).
ونص الاتفاق الجديد على أن يكون هناك دائرة انتخابية واحدة ونظام القائمة المغلقة للتمثيل النسبي، بالإضافة إلى إلغاء منصب رئيس الوزراء، والانتقال من النظام البرلماني إلى الرئاسي.
وسيتم انتخاب الرئيس ونائب الرئيس مباشرة من قبل الشعب على بطاقة واحدة، بحسب الدستور الانتقالي الصومالي.
ورغم أن ولاية الرئيس الحالي ستنتهي في مايو/أيار 2026، إلا أنه بمقتضى الاتفاق السياسي الجديد ستمتد فترة رئاسته عاما إضافيا، حتى مايو/أيار 2027.
ووفق الاتفاق الجديد فإنه سيكون للصومال حزبان سياسيان فقط يتنافسان ديمقراطياً على الانتخابات العامة في كافة المستويات، واتفق القادة على توحيد موعد الانتخابات على مستوى الولايات، لتكون العام المقبل.
وتجرى أول انتخابات شعبية للمجالس المحلية على مستوى البلاد بما في ذلك العاصمة (مقديشو) في 30 يونيو/حزيران 2024، على أن تُجرى انتخابات البرلمانات الإقليمية وزعماء الولايات في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
وبحسب الاتفاق، فإن لجنة انتخابية وطنية مستقلة واحدة تدير كافة أنواع الانتخابات من البلديات، مرورا بالولايات إلى المستوى الفيدرالي.
وتتألف اللجنة من خمسة عشر عضوا، ثلاثة يتم ترشيحهم من قبل الحكومة الفيدرالية واثنا عشر من قبل الولايات الفيدرالية الخمس، وبلدية مقديشو (محافظة بنادر) بواقع اثنين لكل جهة.
ووفق الاتفاق، فإن اللجنة هي المسؤولة عن كافة إجراءات الانتخابات من الترتيبات الأمنية والفنية والإدارية وكل المتطلبات الأخرى.
وقد يواجه الاتفاق تحديات، أبرزها مدى التزام القادة على مقتضيات الاتفاق السياسي وتحدي الحصول على دعم دولي في هذا النهج وتوافق داخلي.
ويلغي الاتفاق على الدور المنوط بالبرلمان الحالي في تقرير المصير السياسي للبلاد وفق الدستور، ويضع البلاد تحت هيمنة مجلس التشاوري الوطني الذي يضم قادة الحكومة الفيدرالية ورؤساء الولايات.
غياب بونتلاند عن المؤتمر يعد تحديا آخر في طريق الاتفاق السياسي الذي يصفه المراقبون بـ”التاريخي”؛ نظرا للثورة التي يحدثها في الشارع السياسي الصومالي، بإعطائه القوة لصوت الشعب الذي ظل غائبا عن تقرير مصير المشهد السياسي منذ عام 1969.
وبحسب مراقبين فإن الاتفاق يعطي فرصة لمعارضة سياسية أكبر للحكومة الحالية وتوجيه اتهامات بخرق مواد دستورية، أبرزها فيما يتعلق بدور البرلمان في دمقرطة البلاد، والمساهمة في قيام الأحزاب السياسية والقوانين الانتخابية التي تبقى سلطة حصرية للبرلمان دون تدخل السلطة التنفيذية.