انضم جنود أميركيون للمرة الأولى، إلى قوات الجيش الصومالي، التي تستعد لشن «المرحلة الثانية» من حربها على حركة «الشباب» الصومالية المتطرفة.
وأكد مسؤول بالحكومة الصومالية، وصول عناصر من القوات الخاصة الأميركية إلى منطقة محاس، على بعد نحو 300 كيلومتر من العاصمة مقديشو، بإقليم هيران وسط الصومال، للإشراف على الهجوم المرتقب ضد معاقل «حركة الشباب»، حيث وصل مسؤولون وضباط من الجيش الأميركي إلى المنطقة؛ و استقبلهم محافظ محاس.
وأكد مسؤولون محليون أن زيارة المسؤولين الأميركيين تندرج في إطار المرحلة الثانية من العملية العسكرية المرتقبة ضد «حركة الشباب».
وكانت أعلنت الحكومة الصومالية قبل أيام أنها عازمة على إضعاف حركة الشباب بكل الطرق والوسائل، سواء كان ذلك عن طريق الحرب العسكرية أو الوسائل الدبلوماسية والقوانين والتشريعات العادلة والتي كان آخرها موافقة البرلمان على قانون الإرهاب الذي ظل حبيس الأدراج لسنوات طويلة.
يقول عمر محمد، الباحث السياسي الصومالي (في تقديري أن إقرار البرلمان الصومالي لقانون مكافحة “الإرهاب” وخاصة في ظل الحملة العسكرية الجارية في البلاد ضد “الشباب” يعكس مدى التزام الحكومة الفيدرالية الصومالية بمحاربة “الشباب” والقضاء على المجموعات المماثلة لها تحت غطاء قانوني.
وأضاف، ان المصادقة على هذا القانون في هذا الوقت بالذات، تعني قطع الطريق أمام التدخلات الخارجية واستهداف الشركات التجارية الصومالية بحجة مكافحة الإرهاب طالما لا يوجد في البلاد قانون لمكافحة “الإرهاب”، وفقا لما صرح به عبداللطيف موسى عضو اللجنة الأمنية في البرلمان الصومالي عقب اجتماع مصادقة مجلس الشعب في البرلمان الفيدرالي على القانون.
وأشار محمد إلى أن القانون به إيجابيات كثيرة ورغم ذلك لا يخلو القانون الذي ظل حبيس الأدراج منذ 2017، من مخاوف حول إمكانية استخدامه لقمع الصحافة الحرة والمعارضة السياسية، طالما مفهوم “الإرهاب” حسب هذا القانون هو الأعمال العدائية التي تنفذها جماعات مسلحة أو خلق حالة من عدم الاستقرار، غير أن هناك أعضاء في البرلمان قدموا تطمينات بعدم توظيف هذا القانون لأغراض سياسية.
وفي النهاية فإن القانون يعد انتصارا قانونيا للحكومة ويعزز حربها على “الشباب”.
بدوره أكد أستاذ العلاقات الدولية والاستراتيجية بالجامعة الصومالية، الدكتور حسن شيخ علي، على أن الدولة عازمة على إضعاف حركة “الشباب” ومواجهتها بكل الأدوات برا وبحرا وجوا بما فيها سن القوانين لمكافحة الإرهاب.
وقال، إن الحكومة الحالية سوف تتغلب أو تضعف كثيرا حركة الشباب مقارنة بالحكومة التي سبقتها (عبد الله فرماجو).
وأشار شيخ علي إلى أن الحكومة اليوم تقود هجوما واسعا ضد مقار ومناطق حركة الشباب، و”بحسب القراءة الحالية للمشهد الراهن في الصومال، أتوقع أن يتم التصعيد بصورة أكبر من أجل لفت انتباه الإعلام الدولي.
ولفت الأكاديمي الصومالي إلى أن القتال أو الحرب الدائرة الآن التي تقودها الحكومة الجديدة “سوف تضعف من قوة حركة الشباب، وهو ما يؤكد أن الدولة عازمة ولها اليد الطولى فيما يجري من معارك على الأرض ضد حركة الشباب”.
وأكد شيخ علي أن “الحكومة السابقة بقيادة فرماجو لم يكن همها الأول سوى حماية العاصمة ومنع الحركة من التوغل بداخلها، أما السلطات الحالية فإنها تقود حرب على جبهات بعيدة تصل إلى 750 كم ، وهى المرة الأولى في تاريخ البلاد الحديث تقوم الحكومة بمواجهة الحركة على جبهات أخرى بعيدا عن العاصمة مقديشو”.
ويشهد الصومال، منذ عدة سنوات، صراعا داميا بين القوات الحكومية ومسلحي حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة، التي تسعى للسيطرة على الدولة الواقعة في منطقة القرن الأفريقي، وحكمها وفقا لتفسيرها المتشدد للشريعة الإسلامية.
وتكثف الحكومة الصومالية في الفترة الأخيرة من عملياتها العسكرية ضد مواقع حركة الشباب المتشددة.
وفي سياق الإعداد لمرحلة جديدة من العمليات العسكرية ضد حركة الشباب قال مسؤولون في منطقة محاس إنهم بصدد الانتقال إلى منطقة جلجدود لإزالة «حركة الشباب» منها، وحثوا أهالي المنطقة على المشاركة في إخراج «حركة الشباب» من جميع أنحاء البلاد، وتختلف العملية الجديدة بإعلان انضمام قوات أمريكية إلى الجيش الصومالي للمشاركة في القتال ضد حركة الشباب.
وكان الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، أعلن استئناف الوجه الثاني للعمليات العسكرية لتصفية الإرهاب في عدد من مناطق ولايتي غلمدغ وهيرشبيلى، مشيرا إلى تكثيف الجيش الوطني من عملياته العسكرية ضد «حركة الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» وكبدها خسائر فادحة؛ حيث تحاصر نيران الجيش، الخوارج في أكثر من منطقة.
وقرر الرئيس الأميركي جو بايدن، منتصف العام الماضي، إعادة نشر أقل من 500 جندي أميركي في الصومال، بعد مرور ما يزيد على عام على أمر سلفه دونالد ترمب بسحبهم.
وقبل قرار ترمب، كان للولايات المتحدة نحو 700 جندي في الصومال يركزون على مساعدة القوات المحلية في إلحاق الهزيمة بـ«حركة الشباب» المتمردة المرتبطة بتنظيم «القاعدة».
وكان مطار مقديشو الدولي، قد استقبل مطلع هذا الشهر، طائرة تابعة للقوات الجوية الأميركية محملة بشحنة معدات عسكرية لدعم القوات الصومالية، واعتبر وزير الدفاع الصومالي عبد القادر نور أنها ستساهم في الحرب التي تشنها قوات الجيش ضد «حركة الشباب».
وإلى جانب تعزيز دعمها العسكري واللوجيستى، رصدت الولايات المتحدة عبر برنامج المكافأة من أجل العدالة، التابع لوزارة الخارجية الأميركية، مكافأة 5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقال القيادي والمتحدث باسم حركة الشباب علي راغي، المتهم بالتورط في شن هجمات إرهابية في كينيا والصومال قُتل فيها آلاف الأبرياء، وبينهم مواطنون أميركيون.