الصومال اليوم

ما هو الخطأ الفادح في الصومال الذي حذرت منه “ناشيونال إنترست” الأمريكية؟

ترى مجلة “ناشيونال إنترست” الأمريكية، أن تخفيف واشنطن الضغط على المنظمات الإرهابية في مناطق مثل شمال شرق الصومال خطأ فادح.
وقالت إن تقدم غارة الكوماندوز الأمريكية الأخيرة لتصفية بلال السوداني، القيادي في تنظيم داعش في شرق أفريقيا تذكير بأن الجماعات الإرهابية لا تزال تشكل تهديدًا كبيرًا للولايات المتحدة وحلفائها، حتى وإن حوّل صناع السياسة الأمريكيين جل تركيزهم إلى روسيا والصين.
وأوضحت المجلة أنه رغم حالة الإحباط التي تسود الرأي العام الأمريكي جراء “الحروب التي لا نهاية لها”، بالنظر إلى الحروب الطويلة في العراق وأفغانستان التي كلفت آلاف الأرواح وتريليونات الدولارات مقابل مكاسب قليلة ملموسة، دفعت الرئيس السابق دونالد ترامب إلى إصدار أوامر للقوات الأمريكية بالانسحاب من الصومال أواخر عام 2020.
لكن الجماعات الإرهابية، في الصومال وغيرها من الأماكن، لم تُهزم، ولا يتوقع أن يحدث ذلك قريبا. بل إن التدهور السريع للوضع الأمني في شرق أفريقيا يستلزم إعادة انتشار القوات الأمريكية.
ورغم معاناة تنظيمي داعش والقاعدة من انتكاسات خطيرة على مدى العقدين الماضيين، إلا أنهما ما زالا يسيطران على مئات الآلاف من الأميال المربعة وعلى ملايين الأشخاص في حوض بحيرة تشاد وجنوب وسط الصومال واليمن وأفغانستان. كما يمتلكان القدرة على شن هجمات بعيدة عن معاقلهم الأصلية. وبفضل تكنولوجيا الاتصالات السلكية واللاسلكية الحديثة، تتمكن شبكاتهم الدعائية من جمع الأموال من جميع أنحاء العالم – بما في ذلك الولايات المتحدة.
وتُظهر العمليات الأخيرة لحركة الشباب (المرتبطة بتنظيم القاعدة) وداعش في شرق أفريقيا أنها احترافية وقادرة على التكيف ودامية – ليس فقط للحكومات المحلية، بل للمواطنين الأمريكيين أيضا. ففي عام 2019، هاجمت حركة الشباب فندقا في نيروبي، أسفر عن مقتل 21 شخصًا، بينهم جيسون سبيندلر، الرئيس التنفيذي لشركة أمريكية والذي نجا من هجوم 11 سبتمبر الإرهابي على مركز التجارة العالمي.
وفي العام التالي، اتُهم رجل كيني التحق بمدرسة طيران في الفلبين بالتخطيط لاختطاف طائرة للاصطدام بها في مبنى شاهق في مدينة أمريكية. ووفقًا لمكتب التحقيقات الفيدرالي، كان لدى الرجل اتصالات مباشرة مع كبار قادة الشباب. وفي نفس العام، هاجم متطرفون صوماليون معسكر “سيمبا” في ماندا باي، في كينيا، مما أسفر عن مقتل جندي أمريكي واثنين من متعاقدي وزارة الدفاع، وإصابة اثنين آخرين من أفراد الخدمة الأمريكية ومقاول ثالث، وتدمير وإتلاف ما لا يقل عن ست طائرات تقدر قيمتها بـ ما يقرب من 72 مليون دولار.
ويقدم الهدف الأخير لغارة الكوماندوز في الصومال، بلال السوداني، مثالًا نموذجيًا لأحد قادة الجماعات الإرهابية ممن قاموا بقيادة وتسهيل الشبكات والعمليات العالمية. وكان السوداني، الذي ترك حركة الشباب للانضمام إلى داعش، شخصية رئيسية في مكتب القرار الإقليمي للتنظيم، والذي يعمل كمركز تنسيق لجميع أنشطة داعش في شرق أفريقيا. كما قام السوداني بتسهيل الاتصالات بين الفروع المحلية وشبكة داعش خارج أفريقيا.
وتؤدي تصفية السوداني إلى تدهور كبير في القدرات المالية لداعش، مما يحد من قدرتها على شن هجمات جديدة – على الأقل لفترة من الوقت. ويعد دعم القوات المحلية الصديقة – مثل الضربات العسكرية الأمريكية في الصومال في 23 يناير/ كانون الثاني – أداة فعالة من حيث التكلفة لمواجهة عمليات التطرف.
وأشار التقرير إلى أن المنظمات المتطرفة العنيفة تتابع عن كثب الأحداث العالمية وتحاول استغلالها. وضربت مثالا بأزمة الحدود الحالية. ففي السنة المالية 2022، ألقت قوات حرس الحدود الأمريكية القبض على ثمانية وتسعين مواطناً أجنبياً على قائمة مراقبة الإرهاب لمكتب التحقيقات الفيدرالي، لتسجل رقما قياسيا جديدا، تجاوز أضعاف الرقم السابق والذي كان 15 شخصا. ومن المرجح أن يسجل هذا العام رقماً قياسياً آخر؛ ففي الأشهر الخمسة الماضية فقط، ألقت دورية حرس الحدود القبض على ثلاثة وخمسين إرهابياً مشتبهاً بهم.
وخلص التقرير إلى أنه إذا كانت الولايات المتحدة تريد تجنب احتمال وقوع هجوم إرهابي جديد على أراضيها، فلا يمكن لقادتها تجاهل ما يختمر في إفريقيا – أو على حدودها الجنوبية بهذا الصدد. ربما تكون أيام الاشتباكات العسكرية الممتدة مثل الحرب في أفغانستان قد ولت، لكن الضغط على المنظمات المتطرفة العنيفة وشن غارات كوماندوز صغيرة الحجم، على غرار مقتل السوداني، يجب أن يستمر.

Exit mobile version