الصومال اليوم

أزمة تمويل مراكز تأهيل المنشقين عن حركة الشباب تهدد مكافحة الإرهاب في الصومال

تواجه مراكز إعادة تأهيل المنشقين عن حركة الشباب الإرهابية في الصومال من أزمة مالية تهدد استمرار عملها وترفع منسوب المخاوف من أن تلقي بظلالها على جهود مكافحة الإرهاب.

ومع قيام الجيش الصومالي بالتعاون مع العشائر والقبائل بثورة شعبية ضد الإرهابيين جنوب البلاد ووسطها، أسفرت عن طرد المليشيات من ولاية هرشبيلي، تقول منظمة دولية تدير مراكز إعادة تأهيل المنشقين عن الحركةالمرتبطة بتنظيم القاعدة الإرهابي، إنها لم تتلق تمويلا يضمن مواصلة عملها.

وقالت المنظمة الدولية للهجرة التي تنفذ برامج التأهيل بدعم من المانحين الدوليين للمراكز الموجودة في مقديشو وبيدوا وكيسمايو، إنها لا تملك تمويلًا للعام الجديد. 

وفي تصريحات إعلامية، قال فرانتز سيليستين، رئيس بعثة المنظمة في الصومال: “في الوقت الحالي ليس لدى المنظمة الدولية للهجرة أي تمويل لمواصلة دعم البرنامج”.

ووفق المسؤول الأممي، فإن الوكالة أبلغت السلطات الصومالية مؤخرًا بأن تمويل المشروع الذي تبلغ تكلفته ملايين الدولارات قد يتوقف في العام الجديد ما لم تتوصل الحكومة الصومالية والجهات المانحة إلى اتفاق بشأن العمليات المستقبلية للبرنامج. 

وتابع سيليستين في تصريحاته: “إذا لم نحصل على التمويل من الآن فلن نكون في وضع يسمح لنا بمواصلة دعم البرنامج، سيتوقف دعمنا”.

ولفت إلى أن الخطوة تستبطن تعليقا حتى يتم الاتفاق مع الحكومة على آليات المضي قدماً. 

ومنذ أكثر من عقد، بدأ مشروع إعادة تأهيل المنشقين عن الحركة الإرهابية، والمعروف باسم البرنامج الوطني لعلاج ومعاملة المقاتلين المنفصلين، وساعد في إعادة تأهيل وإعادة دمج الآلاف من المنشقين عن الحركة في المجتمع.

وتقلد بعض هؤلاء مناصب سياسية وأمنية وإدارية مرموقة في الدولة، وساهموا في دحر الإرهاب. 

وحاليا، يستفيد من البرنامج أكثر من 450 منشقا، بحسب مصادر مطلعة على عمل المراكز. 

ويقضي المنشقون (بينهم رجال ونساء) الذين تركوا حركة الشباب، يقضون نحو عام واحد على الأقل في المراكز قبل إعادة دمجهم في المجتمع.

ويقول المسؤول في المنظمة الدولية للهجرة إن التمويل الإضافي مشروط باتفاق بين المانحين والحكومة الصومالية. 

وكما كان عليه الحال منذ عام 2012، فإن المانحين ملتزمون بدعم البرنامج، لكنهم يرغبون في وضع خطة انتقالية لنقل مسؤولية البرنامج بشكل كامل إلى الحكومة، فيما لا تزال الخطة الانتقالية قيد المناقشة وتصل فترتها لنحو 5 سنوات. 

والجهات الدولية المانحة الرئيسية للمشروع هما بريطانيا وألمانيا. 

وقال مصدر دبلوماسي غربي حول البرنامج، في تصريحات صحفية، إن البلدين يدعمان البرنامج منذ سنوات عديدة. 

وأضاف المصدر أن البرنامج يهدف إلى إنشاء مسار آمن للمقاتلين ذوي المخاطر المنخفضة والنساء المرتبطات بهم لفك الارتباط بالجماعات المسلحة غير الحكومية وإعادة الاندماج بشكل مستدام في مجتمعاتهم. 

وذكر المسؤول أن بريطانيا وألمانيا تعتزمان مواصلة الدعم المالي للبرنامج حتى نهاية 2024، لكنهما أشارتا إلى رغبتهما تسلم الحكومة الصومالية إدارة المشروع وتكاليفه المالية الباهظة، ونقل الملكية إلى مقديشو لضمان استدامته.

وقال “نحن نساهم في تصميم الانتقال ونخطط لدعم تنفيذه بمجرد تأكيد الخطة، المناقشات لا تزال جارية”. 

ولم تعلق وزارة الأمن الداخلي الصومالية التي تدير البرنامج على مخاوف توقف دعم عمل مراكز تأهيل الإرهابيين. 

و تأتي أزمة تمويل البرنامج في وقت حرج حيث تصاعدت وتيرة الحرب التي تخوضها الحكومة الصومالية والقوات المحلية ضد حركة الشباب وأدى زيادة الضغوط العسكرية عليها إلى استسلام العشرات بشكل يومي في جبهات القتال.  

ويعتقد المسؤولون الأمنيون أنه إذا استمرت العمليات الحالية في الضغط على الحركة، فسيكون هناك المزيد من الانشقاقات، مما سيجعل دور مراكز إعادة التأهيل أكثر أهمية في المرحلة المقبلة. 

 وقال وزير الأمن الداخلي السابق عبد الله محمد نور، في تصريحات إعلامية، إن البرنامج مهم بشكل خاص خلال هذه الفترة بسبب العمليات الجارية ضد حركة الشباب. 

وأكد نور: “في هذا الوقت، هناك حاجة إلى فتح المزيد من المراكز وزيادة طاقتها الاستيعابية”. 

ولفت إلى أن المراكز بحاجة إلى أخصائيين نفسيين، لأن المنشقين يحتاجون لتقديم المشورة النفسية لدعمهم، قائلا إنهم “مصدومون بنسبة مائة بالمائة بسبب العنف، ونجحت المراكز في تخريج الآلاف وغادروا المراكز لإعادة الاندماج” . 

وأوضح أنه “في مقديشو على سبيل المثال، يوجد دائمًا مائة شخص على الأقل في المركز”.  

واعترف بدور المانحين الحاسم في دعم البرنامج لكنه قال إنه من الصواب أن يتولى الصومال زمام الأمور، لافتا إلى الفترة الانتقالية التي تجري النقاشات حولها وقد تستغرق خمس سنوات على الأقل.

Exit mobile version