خلال نحو 4 أعوام، فرض رئيس الصومال محمد فرماجو عزلة على علاقات بلاده مع العديد من الدول العربية، فيما اكتفى بأدوار مشبوهة مع قطر.
إلا أنه خلال اليومين الماضيين، شهدت العاصمة الصومالية مقديشو تحركات سعودية ومصرية رسمية عبر مسؤولي بعثات البلدين وإن كانت في موقفين متباينين.
السبت الماضي، زار السفير السعودي لدى الصومال محمد عبدالغني خياط، مقديشو، حاملا معه رسالة إنسانية حيث سلم لوزارة الصحة الصومالية مبنى لغسيل الكلى مجهزا بكامل المعدات.
وقال خياط إن تسليم هذا المبنى يأتي في إطار مساهمة المملكة لتخفيف الأعباء عن الشعب الصومالي وإن مشاريع تنموية كبيرة ستأتي في قادم الأيام التي سيتم تنفيذها عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية.
والتقى السفير خلال وجوده في مقديشو عددا من الوزراء ومسؤولين آخرين معنيين بالقضايا الإنسانية والتنموية في الصومال قبل عودته إلى العاصمة الكينية نيروبي التي يقيم فيها.
من جانبه، التقى السفير المصري لدى الصومال محمد إبراهيم نصر، الأحد، عددا من الوزراء بينهم وزير الخارجية أحمد عيسي عود، ووزير الدولة للشؤون الخارجية عثمان بلل، ووزير الدولة للرئاسة حسن معلم خليف، ووزيرة الإغاثة خديجة محمد ديرية.
وناقش السفير المصري مع هؤلاء المسؤولين تعزيز العلاقات الثنائية ودعم مصر للصومال في قضايا التعليم والصحة والزراعة والاقتصاد ورفع مستوى العلاقات بين البلدين إلى مستويات عالية.
مصر والسعودية من الدول الرئيسية ذات الثقل الكبير في ميزان الدبلوماسية العربية والإسلامية، إلا أن أسباب تودد الصومال الأخيرة بقيادة فرماجو غير واضحة المعالم، والذي يقترب من الخروج بالباب الضيق عبر التغيير المحتوم في الانتخابات العامة المقبلة.
وتتساءل أصوات سياسية وأكاديمية صومالية حول الأمر وهل هو بادرة خير لفقدان التدخل القطري سيطرته أم عودة متأخرة نحو الرشد والطريق الصحيح للدبلوماسية الصومالية التي فقدت بوصلتها خلال سنوات حكم فرماجو الأربع الماضية.
وإن كانت تلك اللقاءات الرسمية شيء عادي في علاقات الدول بعضها مع بعض إلا أنها دفعت النائب المعارض في البرلمان الصومالي، مهد صلاد، للتساؤل “هل انحسر الدور القطري أم عاد الرشد لسياسات فرماجو الخارجية؟”.
وقال صلاد في بيان نشره على حسابه في فيسبوك إن “إدارة فرماجو ليس لديها سفراء في ثلاثة دول عربية وهي السعودية ومصر والإمارات، هذه الثلاث من أهم الدول بالنسبة للشعب الصومالي في مجالات التعليم، والأعمال، والحج، والسياسة الخارجية والعلاقات التاريخية”.
وأضاف صلاد: “بدأ فرماجو اليوم التودد لهذه الدول وقد بقي من ولايته ثلاثة أشهر، في حين سد أبوب الدبلوماسية مع هذه الدول خلال أربع سنوات مضت”.
وأشار إلى أن “تدهور العلاقات مع هذه الدول يتحمل وزرها فرماجو ورئيس المخابرات فهد ياسين اللذين كانا ينفذان أوامر دويلة قطر الماكرة ومخططاتها الخبيثة التي فقدت بسبب التهور السياسي علاقاتها مع الدول الثلاث” .
واختتم صلاد بيانه متسائلا: “هل أدرك فرماجو أهمية هذه الدول بعد فوات الأوان أم ذهبت وصاية قطر التي أدار فرماجو الصومال تحت ظلها طوال فترة ولايته”.
ووفق مراقبين فإن عودة هذه الدول إلى الصومال يخدم صالح الشعب الصومالي الذي عاني الويلات تحت الوصاية القطرية، كما يخدم استقرار القرن الأفريقي.
المحلل السياسي الصومالي، يوسف فارح، قال إن من شأن هذا الوجود تقليص الدور الشرير التي تلعبه قطر في القرار السياسي لمقديشو ما يفتح آفاقا جديدة لتعاون متعدد المجالات وبشكل فاعل بين القاهرة والرياض ومقديشو.
وأوضح فارح، أن المحور القطري التركي يشعر بعدم الارتياح وأن القرار الصومالي لم يعد في الأربع سنوات قادمة كما كان في الفترة الماضية، ما يجبر هذا المحور تقديم تنازلات من نوع آخر لم تتحدد معالمها بعد.
وأكد على أن السعودية ومصر من شأنهما تقديم المزيد للصومال في مجالات التنمية والدفاع والأمن والقطاع الإنساني ما يخدم لصالح استقرار الصومال وتعزيز الأجهزة الحكومية والدفع إلى الأمام في ملف الحرب على الإرهاب وتجفيف منابعه التي رفضت الدوحة إلا أن تزرعه وتمكنه من مفاصل الحكم في البلاد.