تظهر بصمات إيران بوضوح على جميع مفاصل شبكة لتهريب السلاح بملايين الدولارات بين إيران واليمن والقرن الإفريقي، وقد أدرجت هذه الشبكة على لائحة عقوبات الولايات المتحدة يوم الثلاثاء،1 تشرين الثاني/نوفمبر.
وتلعب الأسلحة والأموال الإيرانية دورا محوريا في الشبكة غير المشروعة، إذ يزعم أنها تغذي عنف حركة الشباب في الصومال التابعة لتنظيم القاعدة، إضافة إلى تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال (داعش-الصومال).
وتم الإعلان عن العقوبات الأميركية التي استهدفت 8 أفراد وشركة واحدة، بعد يومين من تبني حركة الشباب تفجيرات يوم 29 تشرين الأول/أكتوبر التي أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن مائة شخص وإصابة 300 آخرين في العاصمة الصومالية مقديشو.
وبحسب وزارة الخزانة الأميركية، استهدفت العقوبات “نقاطا مهمة ضمن شبكة لتهريب الأسلحة هي مدمجة بشكل وثيق مع تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال”.
وأوضحت الوزارة أن “هذه الشبكات تعمل بالدرجة الأولى بين اليمن والصومال وتربطها علاقات وطيدة بالقاعدة في جزيرة العرب وحركة الشباب”، مشيرة إلى أن هذه أول عقوبات أميركية تطال تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال.
وفي هذا السياق، قالت وزارة الخارجية الأميركية إن العديد من الأفراد الخاضعين للعقوبات متورطون أيضا في أنشطة غير قانونية أخرى بينها القرصنة والجرائم البيئية، وهذا ما يعكس اندماجهم مع الشبكات غير المشروعة العاملة في المنطقة.
وأضافت أن “داعش سعت بشكل متزايد إلى تحقيق إيرادات في شرق إفريقيا. وتحصل داعش في الصومال التي تواصل شن هجمات إرهابية ضد المدنيين، على معظم تمويلها عبر ابتزاز المجتمعات المحلية للتمويل والتجنيد”.
وأكدت أن “التنظيم يقوم بمعاقبة وترهيب واغتيال رجال الأعمال والمدنيين الصوماليين الذين لا يدعمونه ماليا أو لا يقدمون الإمدادات له”.
وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال عن ولائه لتنظيم داعش في تشرين الأول/أكتوبر 2015 تحت قيادة عبد القادر مؤمن، وهو زعيم بارز سابق في إحدى فصائل حركة الشباب العاملة في منطقة بونتلاند الصومالية.
وأدرجت الولايات المتحدة كلا من مؤمن وتنظيم الدولة الإسلامية في الصومال على لائحة الإرهابيين.
وقالت وزارة الخزانة إن “تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال يعمل عادة مع تنظيمات إرهابية أخرى مثل حركة الشباب والقراصنة الصوماليين وجماعات التهريب التي تبيع لأي مشتر يدفع للحصول على أسلحة وموارد أخرى”.
بنادق مهربة من إيران
ومن بين الأفراد الـ 8 الذين أدرجوا على لائحة العقوبات يوم الثلاثاء، كان لـ 4 منهم روابط موثقة بوضوح مع مواطنين إيرانيين أو مع وكلاء إيران في اليمن أي الحوثيين.
ومنذ العام 2020، اعتبر عبد الرحمن محمد عمر الذي عمل على تهريب الأسلحة من اليمن إلى الصومال من أكثر مستوردي الأسلحة غير المشروعة نشاطا في بونتلاند، وقد نفذ خلال فترة 4 سنوات صفقات تزيد قيمتها عن مليوني دولار.
وقالت وزارة الخزانة الأميركية إنه تورط في تسهيل عمليات نقل الأسلحة إلى تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال وحركة الشباب منذ مطلع العام 2017 على أقل تقدير، وعمل بتعاون وثيق مع ميسر القاعدة في جزيرة العرب سيف عبدالرب سالم الهياشي.
وفي منتصف العام 2020، سهل عمر نقل شحنة أسلحة إلى تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال من أحد عناصر تنظيم الدولة الإسلامية في اليمن. وفي منتصف العام 2021، رتب واشترى شحنة أسلحة من بلدة الشحر الساحلية في محافظة حضرموت اليمنية.
وشملت هذه الشحنة التي تم شراؤها بناء على طلب من عناصر تنظيم داعش في الصومال، أكثر من 30 بندقية من طراز جي 3 من إيران وأسلحة أخرى من بينها أكثر من 30 صندوقا من الرشاشات والبنادق وآليات تفجير العبوات الناسفة.
وقالت وزارة الخزانة إن عمر يعمل منذ أواخر العام 2021 من ميناء باكاد الصومالي، فيهرب الأسلحة من اليمن على متن مركب شراعي بعد أن يخفيها تحت الثلج والأسماك.
وبمجرد وصوله إلى الميناء، يتصل عمر بأحمد حاج علي حاج عمر الذي أدرج اسمه أيضا على لائحة العقوبات يوم الثلاثاء، لتحميل الأسلحة على الجمال والحمير بعد إخفائها في أكياس السكر والأرز الأبيض، على أن يتم نقلها ليلا إلى جبال كاندالة.
وهناك، يستلمها عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال وحركة الشباب.
ويتواصل عمر أيضا مع شركات تعمل في صيد الأسماك غير القانوني وغير المنظم وغير المصرح عنه وفي عمليات الصيد بالسخرة.
وباع شريك عمر في تجارة الأسلحة ومهرب الأسلحة مهد عيسى عدن، أسلحة لكل من تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال وحركة الشباب، محولا بين عامي 2015 و2020 ما يقارب الـ 800 ألف دولار إلى موردي الأسلحة في اليمن.
وقالت وزارة الخزانة إنه اعتبارا من مطلع العام 2016، عمل عدن مع مهربي أسلحة إيرانيين واستلم أسلحته من كل من اليمن وإيران.
وفي أواخر العام 2020، كان عدن قد أصبح واحدا من أكثر مهربي الأسلحة الذين يعملون بين اليمن وبونتلاند في الصومال انتشارا، فشكل صلة وصل رئيسية بين شبكات تهريب الأسلحة في اليمن والصومال.
ويقيم في بونتلاند أيضا المدعو عيسى محمود يوسف، وهو ميسر نقل أسلحة ولوجستيات في تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال ومهرب أسلحة، وهو من أقارب مؤمن وزعيم سابق لشبكة بونتلاند للقرصنة.
وكشفت وزارة الخزانة أن يوسف يدير شبكة من سفن التهريب من بينها عدة سفن يملكها ويستخدمها لنقل الأسلحة من اليمن إلى تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال، وتشمل بنادق إي كي-47 و بي كي أم وآر بي جي 7 ومكونات العبوات الناسفة.
وينسق يوسف الشحنات بناء على طلبات من تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال مباشرة، علما أن هذه الطلبات تتضمن أسلحة وإمدادات غير فتاكة للتنظيم.
ويدير يوسف أيضا شبكة من مهربي السوق السوداء الذين نظموا منذ العام 2021 عملية نقل شحنات الأسلحة والذخيرة لصالح تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال، كما أنه يعمل على تهريب المعدات والبضائع إلى بونتلاند لدعم تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال وحركة الشباب.
وفي مطلع العام 2022، سهل يوسف سفر مقاتلي داعش على متن مركبه الشراعي من الشرق الأوسط إلى الصومال لحضور اجتماعات حول إعادة هيكلة قيادة تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال وتكتيكاته واستراتيجياته.
وكلاء صيد مرتبطون بالحوثيين
ومنذ مطلع العام 2022، بدأت الشركات الإيرانية تتعاقد مع وكلاء الصيد والمراكب الشراعية المرتبطة بالحوثيين لتنفيذ عمليات صيد في أعماق البحار قبالة الساحل الصومالي.
وكانت تنتمي هذه السفن إلى شبكة استخدمت الصيد كغطاء للعمل في تهريب الأسلحة الإيرانية ونقلها وغسيل الأموال. وكان يوسف يمتلك مركبا شراعيا كان يستخدم في أنشطة الصيد في أعماق البحار ضمن هذه الشبكة.
وكان الغرض من الصيد في أعماق البحار الحصول على أكبر كمية ممكنة من الأسماك من قاع البحر عن طريق تفجير الديناميت.
وسبق أن اتهمت إيران بالتصرف في الثروة السمكية في اليمن من خلال عمليات الصيد غير المشروعة، حتى في وقت يقف فيه هذا البلد على حافة المجاعة.
واشترى يوسف الوقود في كاندالة في الصومال لبيعه في اليمن، مستخدما الأرباح لشراء أسلحة من القاعدة في جزيرة العرب وبيعها للقراصنة في كاندالة.
هذا وكان محمد أحمد قاهي رئيسا لأمنيات، جناح استخبارات حركة الشباب. وفي أوائل عام 2020، التقى قاهي ومؤمن بمواطنين إيرانيين دفعوا أكثر من 10 آلاف دولار لقيادة تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال.
وفي سياق منفصل، طلب قاهي ومؤمن شحنة أسلحة من اليمن تضم أكثر من 20 صندوقا من ذخيرة إي كي-47 وصناديق ذخيرة مسدسات وقاذفات آر بي جي ومدافع رشاشة من طراز بي كي أم.
كذلك، فرضت عقوبات على ليبان يوسف محمد وهو من كبار العناصر في أمنيات وميسر عمليات الاختطاف في حركة الشباب وعلى الشركة التي يديرها وهي شركة ليبان للتجارة العامة، إضافة إلى أمير داعش في الصومال عبدالرحمن فاهي عيسى محمود.
وطالت العقوبات أيضا أسامة عبد المنجي عبدالله بكر المقيم في البرازيل والذي قالت وزارة الخزانة إنه اتصل بمسؤولين من كوريا الشمالية في عام 2016 في محاولة لشراء أسلحة وتكنولوجيا مضادة للمسيرات لحساب تنظيم داعش في الصومال.. ولكن لم تتم الصفقة، وفقا لما ذكرته وزارة الخزانة.