عادت السبت 29 أكتوبر 2022 الآلام والجراحات إلى العاصمة الصومالية مقديشو مضرجة بدماء المدنيين من النساء والأطفال والصحفيين، لتكشف حركة الشباب مدى حقدها على هذا الشعب ودمويتها وإرهابها الذي تخطى كل الجماعات الإرهابية.
وفي نفس هذا اليوم.. السبت، ونفس المكان، تقاطع زوبي وسط العاصمة مقديشو، وفي ذات الشهر أكتوبر من عامي 2017-2022 وعلى مسافة زمنية هي خمس سنوات، شكلت ذكريات عصية على النسيان تأبى إلا أن تتجدد بسفك دماء صومالية جديدة.
السبت، عاشت مقديشو أحد أيامها السوداء، متوشحة بدم الأبرياء التي سفكت على خط توقيع أقلام الإرهاب المصنوعة من المواد المتفجرة.
يوم دموي آخر، سقط نحو 50 شخصا من أبنائها ما بين قتلى وجرحى جراء تفجيرين تم تنفيذهما عبر شاحنتين مفخختين وفق مصادر أمنية وطبية.
ومن بين القتلى رئيس مركز شرطة هدن حسين عدعيد، وصحفي صومالي يدعى محمد عيسى كونا الذي كان يعمل لدى وسائل إعلام محلية، فيما أصيب ثلاثة صحفيين آخرون من بينهم مصور لدى وكالة رويترز.
وكان بين التفجيرين نحو عشرة دقائق، وكان التفجير الثاني أوقع الخسائر بين الصحفيين ووسائل الإعلام.
واستهدفت التفجيرات مبنى وزارة التعليم الواقعة على تقاطع زوبي المزدحم وسط مقديشو.
ويحمل تقاطع زوبي ذكرى أليمة، حيث أعادت تفجيرات السبت إلى الأذهان أكثر تفجير دموي في تاريخ الصومال الذي وقع في 14 من أكتوبر/تشرين الأول 2017 أسفر عن مقتل وإصابة نحو ألف صومالي وخسائر مالية كبيرة تقدر بعشرات الملايين من الدولارات.
الناطق الرسمي باسم الشرطة الصومالية صديق دوديشي قال، في مؤتمر صحفي، إن الهدف كان وزارة التعليم التي كانت تكتظ بالطلاب الخريجين من الثانوية لاستكمال إجراءات حصول الشهادات.
وتزامن التفجير مع اختتام مؤتمر تشاوري بين وزارة الأوقاف الصومالية وعلماء الدين حول محاربة الفكر المتطرف.
وقال بيان صادر من المؤتمر الذي استمر ما بين 24-29 من الشهر الجاري إن دفع إتاوات لحركة الشباب الإرهابية حرام شرعا، ويجب تسمية التنظيم الإرهابي بالخوارج.
وقال الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، في كلمته في اختتام المؤتمر، إن الحكومة ملتزمة بمحاربة حركة الشباب فكريا ماليا وعسكريا، داعيا علماء الدين من المساهمة في تحرير البلاد من التنظيم المتطرف.
وحول دلالات الهجمات الإرهابية، قال المحلل الأمني الصومالي إن هناك اختراقا أمنيا خطيرا يجب على الحكومة معالجته سريعا.
وأضاف حاشي” أن تزامن التفجيرات في مؤتمر ديني حول محاربة الفكر المتطرف رسالة تحدّ من الإرهابيين لسياسات الحكومة، وأن الفتاوى الدينية لا توقفها في ممارسة جرائمها.
ويعتقد المحلل الأمني الصومالي ضرورة ضرب الخلايا الإرهابية النائمة في مقديشو، والتصدي استخباراتيا مثل هذه العمليات.
ويرى حاشي أن الخطوات الحكومية حتى الآن في مسار الحرب على الإرهاب جرئية ومشجعة، لكنها ليست كافية لوقف الهجمات الدموية.