تدرس واشنطن طلبا صوماليا لتكثيف استهداف العناصر الإرهابية بالطائرات المسيرة، في خطوة ربما تتعارض مع تشديد قيود أمريكية بشأنها.
وقال مسؤولون أمريكيون إن إدارة الرئيس جو بايدن تدرس طلبا تقدم به الصومال، وينطوي على تخفيف الولايات المتحدة للقيود المفروضة على غارات الطائرات المسيرة العسكرية التي تستهدف إرهابي حركة الشباب بالدولة المضطربة الواقعة في القرن الأفريقي.
وبحسب صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، يأتي هذا الطلب في وقت أطلقت فيه الإدارة الصومالية الجديدة حربا شاملة على حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة، حيث انضمت عدة مليشيات عشائرية إلى القتال إلى جانب الحكومة المركزية.
ويستند تقرير “نيويورك تايمز” إلى لقاءات مع المسؤولين العسكريين الأمريكيين والدبلوماسيين وبالإدارة، إلى جانب عدة مسؤوولين صوماليين وخبراء من منظمات إنسانية وسياسية تركز على الصومال.
وتحدث كثيرون شريطة عدم كشف هويتهم لمناقشة المسائل الدبلوماسية والعسكرية، ورفض آخرون الحديث عن طلب توسيع نطاق الضربات، بالرغم من أنهم لم ينكروا التقدم به.
وأعاد الرئيس جو بايدن مؤخرًا نشر 450 جنديا أمريكيا إلى الصومال، متراجعا بذلك عن الانسحاب المفاجئ للرئيس السابق دونالد ترامب في يناير/كانون الثاني عام 2021.
وتعتبر الولايات المتحدة واحدة من بين عدة دول تقدم النصح والمساعدة للحكومة الصومالية في قتالها ضد الشباب. وبرر مسؤولون في إدارة بايدن الدور الأمريكي المستمر في قتال الشباب بوصف الحركة بالأكثر دموية وثراء بين فروع تنظيم القاعدة العالمية.
وتريد الحكومة الصومالية أن يتمكن المشغلون العسكريون الأمريكيون من مهاجمة مجموعات مسلحي الشباب الذين قد يشكلون تهديدا على القوات الصومالية، حتى وإن لم يطلقوا النار عليهم باللحظة الراهنة، بحسب المسؤولين.
ومن شأن مثل هذه الخطوة زيادة الانخراط الأمريكي في حرب مكافحة الإرهاب الدائرة منذ فترة طويلة، بحسب “نيويورك تايمز”. وفي مايو/أيار انتخب الصومال رئيسا جديدا حسن شيخ محمود، الذي شغل المنصب أيضا من 2012 إلى 2017، ومنذ عودته إلى المنصب جعل دحر الشباب أولوية قصوى.
وأمر محمود الجيش الوطني الوليد بشن هجوم في الريف، ويخطط لتقديم خدمات لتحقيق الاستقرار بالمناطق التي تم تحريرها حديثا، ويحاول إبرام شراكات قوية مع زعماء العشائر والحلفاء الدوليين.
وفي الوقت نفسه، تقاتل مليشيات القبائل المحلية بمنطقة هيرا في ولاية هيرشابيل، وسط الصومال، الشباب بضراوة بعد الانقلاب عليهم بسبب حكمهم الغاشم والضرائب، وكانت الحكومة الصومالية تزودها بالذخيرة وغيرها من المساعدات.
ويأمل بعض المسؤولين الأمريكيين في أن يجتاز البلد المضطرب منذ فترة طويلة الوضع السيئ. وفي المقابل يتشكك آخرون في أن يتمكن محمود من الحفاظ على فترة “شهر العسل” الحالية، كما وصفها أحد المسؤولين، بالنظر إلى تاريخ الصومال في الاضطراب، والقدرة المحدودة لحكومته المركزية، والتعقيدات الاستثنائية لديناميكيات عشائره والمجاعة الناجمة عن الجفاف.
وأكدت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي أدريان واتسون أن الولايات المتحدة كانت تحاول تعزيز الاستقرار في الصومال ومكافحة الشباب ليس فقط بالقوة العسكرية، بل أيضا عبر بناء قدرة الحكومة الصومالية وتلبية الاحتياجات الإنسانية. وقالت واتسون خلال بيان “في إطار هذا النهج الشامل، يعمل الجيش الأمريكي على تدريب ودعم الشركاء الصوماليين الذين يحفزون العمل الهجومي ضد حركة الشباب، بينما يطبقون بحصافة القدرات المتطورة فقط لعرقلة أخطر التهديدات”.
وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن الصومال يعتبر الآن محور حرب المسيرات بعمليات مكافحة الإرهاب الأمريكية، وقد برر الجيش معظم ضرباته هناك بأنها “دفاع جماعي عن النفس” للقوات الصومالية الشريكة التي احتاجت في بعض الأحيان للإنقاذ في ظل تصعيدهم للعمليات الهجومية على الشباب، ويتضمن ذلك الغارة في 18 سبتمبر/أيلول الذي قال الجيش إنه أسفر عن مقتل 27 مسلحا.
وكان الرئيس الأمريكي قد وقع مؤخرا سياسة تحكم الضربات بطائرات مسيرة خارج مناطق الحرب التي تتطلب موافقة رئاسية على استهداف مسلحين محددين، وتغطي السياسة الصومال، لكنها تعفي ضربات الدفاع عن النفس من متطلبات التدقيق المركزية.
وبحسب مسؤولين طلبوا عدم تسميتهم، يقال إن الطلب الصومالي الذي يطلب من الولايات المتحدة توسيع نطاق تعريف ما يمكن اعتباره ضربة جماعية للدفاع عن النفس، ويمكن تفسيرها كما لو أنه يطلب اعتبار أجزاء محددة من الصومال منطقة حرب، حيث يسمح باستهداف عناصر قوة معادية بناء على وضعهم فقط، حتى ولو لم يشكلوا تهديدا وشيكا.
وأوضح المسؤولون أن الطلب لا يزال قيد التقييم، ولم يعرضه البنتاجون رسميا بعد على البيت الأبيض، مرفقا بأي توصيات متعلق بالسياسة، وقال عدة مسؤولين إنه من المرجح أن يواجه تدقيقا شديدا في عملية المراجعة المشتركة بين الوكالات.
ويقدر مسؤولو الاستخبارات أن الشباب لديها حوالي 7000 إلى 12 ألف عضو، ودخل سنوي -بما في ذلك ضرائب وابتزاز المدنيين- بقيمة حوالي 120 مليون دولار.
ويخشى بعض المحللين من استمرار شن الغارات العسكرية الأمريكية وتدريب قوات الأمن الصومالية، قائلين إن هذا النهج لم يضعف الشباب على مدار العقد الماضي.