مقديشو / الصومال اليوم – تقرير خاص
في إطار إعادة بناء القوات البحرية الصومالية لحماية حدود الدولة، وسواحلها البحرية من عمليات القرصنة والإرهاب وضمن بناء قوات بحرية قوية في افريقيا لحماية أطول ساحل في القارة من اتساع رقعة أعمال القرصنة تعمل السلطات الصومالية على تدريب وإعادة تأهيل قواتها البحرية بدعم وإسناد من الشركاء الدوليين.
ونقل مراسل “الصومال اليوم” عن مصادر قيادية في القوات البحرية الصومالية ان الصومال ستتسلم دعما من عدة دول لبناء ودعم قواتها البحرية منها 8 سفن حربية ضخمة من اليابان وسبع سفن حربية أخرى من هولندا ضمن اتفاقية وقعت عليها الحكومة الصومالية السابقة لبناء سفن حربية للصومال ضمن جهود رؤية إعادة بناء أقوى قوات بحرية في أفريقيا لحماية أطول ساحل في القارة.
وكانت الحكومة الصومالية تعاقدت قبل سنوات مع شركة Atlantic marine offshore ومقرها هولندا لصناعة 6 سفن عسكرية لقوات خفر السواحل الصومالية.
وتواجه القوات البحرية الصومالية صعوبات جمة في الانتشار على طول السواحل الصومالية لمكافحة عمليات القرصنة ومواجهة الارهاب، والحد من الصيد الجائر الذي تقوم به السفن الأجنبية، إضافة إلى مشكلة إلقاء النفايات الصناعية السامة في المياه الخالية من الحراسة.
الجدير بالذكر ان الحدود البحرية الصومالية تشهد نزاعا مع كينيا منذ عدة سنوات وتم رفع القضية إلى محكمة العدل الدولية التي تنظر حاليا في هذا النزاع على الحدود البحرية مع كينيا، وكانت كينيا طلبت من المحكمة الدولية تأجيل جلسة استماع للنظر في النزاع ثلاث مرات على التوالي بحجة تفشي فيروس كورونا الذي أثر على العالم، وفي إطار مساعيها لإقناع الصومال بحل النزاع خارج المحكمة الدولية، إلا ان الحكومة الفيدرالية الصومالية أعلنت رفضها القاطع لتأجيل محكمة العدل الدولية، إلا أن محكمة العدل الدولية أعلنت رسميا تأجيل النظر في قضية النزاع في الحدود البحرية بين الصومال وكينيا إلى 15 مارس 2021، وقالت المحكمة في بيان صدر عنها منتصف العام الجاري أن تفشي وباء كورونا هو السبب في تأجيل جلسة استماع حول قضية النزاع الحدودي بين الصومال وكينيا الذي كان مقررا أن تعقد في يونيو 2020.
وكانت المحكمة الدولية أجلت القضية مرتين في العام الماضي بناء على طلب من كينيا وحددت يونيو من هذا العام موعدا نهائيا للنظر فيها الا انها أيضا اجلت الجلسة للمرة الثالثة رغم الرفض الصومالي.
مستقبل الدفاع في الصومال
يأتي اهتمام الحكومة الصومالية بإعادة بناء وتأهيل المؤسسة العسكرية وعلى رأسها القوات البحرية في اطار تأمين وتحقيق الأمن الإقليمي والاستقرار في الصومال بشكل خاص ومنطقة القرن الإفريقي بشكل عام، خاصةً مع اقتراب انسحاب قوَّات بعثة الاتحاد الإفريقي “أميصوم” من البلاد بحلول عام 2021م، وفي ضوء التحديات الأمنية التي تُواجه الدولة الصومالية؛ إلا ان كثير من المحللين والمراقبين العسكريين والسياسيين تحدثوا لـ”الصومال اليوم” وعبروا عن القلق بشأن قدرة الجيش الصومالي على تحمُّل المسؤولية الأمنية خلال المرحلة المقبلة في ظل ضعف قدراته التسليحية وكفاءة عناصره القتالية الحالية؛ لدرجة أنه يحتل مرتبة متأخرة (136 من 138) في تصنيف تقرير Global Fire Power لعام 2020م؛ ليضع مستقبل البلاد في مأزق حقيقي.
وتُواجه المؤسسة العسكرية الصومالية بمختلف تشكيلاتها العديد من التحديات منذ عدة سنوات وهي ما تعرقل تعزيز قدراتها وكفاءتها، فهناك ضعف في القدرات المالية التي كان لها تأثيرها في تأخير عملية صَرْف مستحقات بعض الجنود، وهو ما أدَّى إلى انسحاب بعض عناصر وحدات الجيش الصومالي من عدد من المواقع الاستراتيجية؛ مما أدى إلى سقوطها في يد حركة شباب المجاهدين. كما تشير بعض التقارير إلى أن عدم انتظام الحكومة في دَفْع رواتب العسكريين قد أدَّى ببعضهم إلى بيع أسلحتهم وذخائرها. فيما سعى البعض الآخر لأعمال إضافية. الأمر الذي دفَع واشنطن نحو تحمُّل صَرْف تلك المرتبات قبل أن تعلقها قبل ثلاث سنوات. وهنا تكمن إشكالية انتشار الفساد داخل الأوساط العسكرية والحكومية بالصومال. وهو ما تشير إليه العديد من التقارير التي تؤكد أن الأسلحة الواردة إلى الجيش الصومالي يتم بيعها في السوق السوداء، وتوزيعها على العشائر وكذلك حركة شباب المجاهدين.
كما يعاني الجيش الصومالي من ضعف القدرات التسليحية على مدار السنوات الماضية، كما يُرتهن تدريب الجيش الصومالي لبعض القوى الإقليمية والدولية، واستقبال بعض المعسكرات التدريبية والقواعد العسكرية على الأراضي الصومالية؛ حيث تعتمد الحكومة الصومالية على قوات خارجية مثل “أميصوم” في حماية مقارّها. وهو ما يهدّد استقلالية القرار الوطني الصومالي والسيادة الصومالية على أراضيها وقواتها العسكرية.
تدريب وتأهيل
وتكفلت عدة دول بتدريب وإعادة تأهيل القوات المسلحة الصومالية ومن ضمنها القوات البحرية ومن هذه الدولة الولايات المتحدة الامريكية والامارات وتركيا وبريطانيا، وتستعين الحكومة الصومالية أيضا بخبرات عددٍ من الدول في تدريب عناصر الجيش الصومالي؛ حيث تقوم بإرسال وحدات من الجيش الصومالي منذ عام 2014م إلى دول إيطاليا وجيبوتي وأوغندا ومصر والسودان لتلقّي التدريب العسكري والقتالي بهدف رفع الكفاءة القتالية للجيش الصومالي.
ويقوم الاتحاد الأوروبي بدور فعَّال في عملية بناء الجيش الصومالي من خلال تقديم المساعدات المالية والخبرات. فقد أسَّس الاتحاد في العاصمة الأوغندية كمبالا مركزًا لتدريب القوات الصومالية، بمساهمة من نحو 14 دولة أوروبية.
وقد قادت الإمارات مهمة تدريب القوات الصومالية منذ عام 2014م قبل أن تنسحب في أبريل 2018م على خلفية التوتر السياسي بين الحكومتين.. كما تقرر إغلاق مركز التدريب الإماراتي في مقديشو الذي كان يدرب نحو 2407 جنود صوماليين، وذلك عقب احتجاز الحكومة الصومالية طائرة إماراتية والاستحواذ على مبالغ مالية بها، وذلك رضوخا لضغوط مارستها تركيا على السلطات الصومالية لاحتجاز الطائرة حيث تدير المطار شركة تركية وأيضا جاء الانسحاب الاماراتي نتيجة تصاعد التدخل التركي في الصومال ومحاولات إزاحة دور الامارات من المشهد بعد ان كانت قد لعبت دورا كبيرا في عملية تدريب وتأهيل للشرطة والجيش الصومالي بمختلف تشكيلاته.
التدريب الإقليمي:
وكانت الصومال عادت إلى التدريب الإقليمي للقوات البحرية في العام 2018 عندما قامت قوات عسكرية من أفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة بإجراء التدريبات البحرية السابعة “Cutlass Express” انضمت إليها الشرطة البحرية الصومالية – وهي المرة الأولى تقريبًا حيث لم تشارك الصومال في أي تمرين أمني خارج حدودها منذ 30 عامًا.
وتعتبر المشاركة في التدريب العسكري خطوة هامة للصومال. فالبلاد لم تهزم حركة “الشباب” المتطرفة هزيمةً كاملةً حتى الآن، وهي تعتمد على 22 ألف فرد من بعثة الاتحاد الأفريقي المتواجدة في الصومال من 6 دول أفريقية أخرى، وسينتهي دورها في 2021.
وكان وزير الأمن الداخلي الصومالي في الحكومة السابقة محمد إسلو قال أثناء مشاركة الصومال في التدريبات البحرية السابعة “تمثل مشاركتنا هنا في Cutlass Express دليلاً على مدى التطور الذي حققته الصومال خلال السنوات القليلة الماضية.” ”ولكن يجب أيضًا أن تتم الموازنة بنفس الدرجة بين ذلك وبين إدراك مدى التطور الذي لا يزال يتعين علينا تحقيقه قبل أن نستعيد بنيتنا الخاصة في مجال الحقوق والأمن.”
وأضاف “وجود صومال مستقر هو مفتاح الأمن في المنطقة وخارجها. تمتلك البلاد أطول خط ساحلي في جنوب أفريقيا بطول 3 آلاف كيلومتر، وتربط بين شرق أفريقيا والشرق الأوسط. وبالرغم من تهديدات القرصنة، تمر بلايين الدولارات من البضائع عبر مياهها كل عام. موارد البلاد الوفيرة، بما في ذلك الحديد والنحاس واليورانيوم، لم يتم استغلالها إلى حدٍ كبير، ويعتقد العلماء أن لديها كمياتٍ هائلة من النفط البحري.
وكان تقرير عن “حالة القرصنة البحرية لعام 2017” الصادر عن منظمة محيطات بلا قرصنة “Oceans Beyond Piracy”، أكد أن أكبر خسارة اقتصادية إجمالية من القرصنة في العالم كانت من نصيب شرق أفريقيا، حيث بلغت 1.4 مليار دولار أمريكي، مقابل 1.7 مليار دولار أمريكي في عام 2016. كما جاء في التقرير أن “التهديد الذي يشكله اختطاف السفن يزيد عن المناطق الأخرى، حيث ترتبط طبيعة الحوادث بالاختطاف مقابل الفدية أو اختطاف البضائع واليخوت.”
وقالت الأمم المتحدة إن عدم وجود حكومة مستقرة في الصومال أسهم في مشكلة القرصنة.
وأفادت الأمم المتحدة أن “الصومال ما زالت تشتهر باعتبارها نقطة انطلاق عمليات الإرهاب والقرصنة والاتجار بالبشر وعمليات التهريب التي تعوق الجهود المبذولة لتسويق الموارد البحرية الصومالية.” “وفي الوقت نفسه، يُنظر باستمرار إلى عدم قدرة الصومال على القيام بذلك بنجاح باعتباره أحد الأسباب الكامنة وراء عدم الاستقرار.”
وفي سياق تدريب القوات البحرية الصومالية وفرت الأمم المتحدة في وقت سابق مراقبين لإنفاذ القانون البحري وموجهين للنظام الهندسي والاتصالات داخل الصومال، والذين قاموا بتدريب وحدات الشرطة البحرية الصومالية وخفر السواحل.. كما استفادت الشرطة البحرية الصومالية من التدريب المتقدم في سيشيل على عمليات التفتيش وصعود القوارب والبحث والمصادرة.
وفي عام 2010 أنشأت الأمم المتحدة صندوقًا ائتمانيًا لدعم المبادرات في البلدان التي تحارب القرصنة قبالة سواحل الصومال. وفي عام 2017 قدم مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة ثلاثة زوارق جديدة مخصصة للدوريات إلى وحدة الشرطة البحرية. وقالت الأمم المتحدة أن الزوارق تناسب البحار الهائجة قبالة مقديشو أكثر من السفن الشراعية التي حلت هذه الزوارق محلها. تجوب الزوارق متعددة الاستخدامات حول مقديشو 365 يومًا في العام، بعد مرور 20 عامًا بدون دوريات منتظمة.
ووقّعت الصومال في عام 2014 اتفاقيات تعاون عسكري مع إيطاليا والإمارات العربية المتحدة.
وفي مارس 2018 أجرت بعثة التدريب التابعة للاتحاد الأوروبي في الصومال تدريبًا بالذخيرة الحية بالاشتراك مع وحدة الشرطة البحرية الصومالية لمساعدة وحدة الدوريات. وتعلّم الضباط الصوماليون إجراءات التعامل مع البندقية وإطلاق النار. كما تدربت وحدة الشرطة البحرية مع الاتحاد الأوروبي في سبتمبر 2017 على القيام بالدوريات والصعود على متن السفن. وقال المدربون إن الهدف كان مساعدة الصومال على حماية ميناءها الرئيسي في مقديشو، بالإضافة إلى منافذه.