انطلق في العاصمة الصومالية مقديشو، الأحد، مؤتمر تشاوري بين قادة البلد الأفريقي في مؤشر على مساعي الرئيس حسن شيخ محمود لتجاوز خلافات سياسية، والتوجه لمواجهة ما يتهدد البلاد من مخاطر الجفاف والإرهاب.
وترأس المؤتمر الذي يستغرق يومين، الرئيس شيخ محمود، بمشاركة رئيس الوزراء حمزة عبدي بري، ورؤساء الولايات الفيدرالية.
وطالما مثلت الخلافات السياسية بين الحكومة المركزية ورؤساء الأقاليم حجر عثرة أمام تفرغ البلد الواقع في القرن الأفريقي إلى معالجة أبرز التحديات الأمنية الاقتصادية، في وقت تتزايد فيه التحذيرات من موجة جفاف من المتوقع أن تستمر للعام الخامس على التوالي.
وبحسب بيان من الرئاسة الصومالية، يناقش القادة على جدول أعمال المؤتمر ضبط أمن البلاد، والتعامل مع أزمة الجفاف ومحاربة الإرهاب وقضايا أخرى منها القضايا السياسية والاقتصادية ذات الأولوية الوطنية خلال الفترة المقبلة.
ويعد المؤتمر الأول منذ تشكيل الحكومة الصومالية الجديدة مطلع أغسطس/آب الماضي لتصحيح مسار العلاقات بين الحكومة الفيدرالية والأقاليم.
وكانت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، أعلنت، قبل أيام، أن التوقعات للفترة الفاصلة بين من أكتوبر/تشرين الأول حتى ديسمبر/ كانون الأول المقبلين، تظهر احتمالات كبيرة لاستمرار ظروف الجفاف بمستويات أعلى من المتوسط في شرق أفريقيا.
وتؤكد التوقعات الأحدث مخاوف وكالات الإغاثة التي تحذر منذ شهور من تفاقم عواقب الجفاف على إثيوبيا والصومال وأجزاء من كينيا، بما في ذلك خطر المجاعة في الصومال.
ويأتي المؤتمر قبيل زيارة خارجية إقليمية ودولية مرتقبة للرئيس حسن شيخ محمود إلى كلٍ من كينيا والولايات المتحدة الأمريكية لبحث الدعم الدولي والإقليمي في ملفي الجفاف ومحاربة الإرهاب.
وتتجه موجة الجفاف التي تضرب القرن الأفريقي منذ عقود نحو الأسوأ لتسقي شرايين الإرهاب المتفرعة في منطقة تعتاش مجتمعاتها الريفية في معظمها، على الرعي والزراعة.
وبينما تشكل أزمة الجفاف تحديا اقتصاديا أمام الحكومة الصومالية، لا يزال خطر تنظيم الشباب ماثلا مع سيطرته على مناطق واسعة في وسط البلاد وشرقها.
والشهر الماضي طالب الرئيس الصومالي مواطنيه بالاستعداد إلى معركة حاسمة مع حركة الشباب التي بدأت مؤخرا في توسيع نشاطها إلى دول مجاورة.
ويناقش القادة في اجتماعهم الجاري على مدى يومي الأحد والأثنين، عدّة قضايا رئيسية، أبرزها: الأوضاع الأمنية والإنسانية في البلاد، إذ يتزامن المؤتمر، مع حملة أمنية وعسكرية ضد حركة الشباب، يصاحبها انتفاضة شعبية ضد الحركة في بعض المحافظات وخاصة في محافظات هيران، غلغذود، ومحافظات جنوب غرب الصومال.
إلى جانب ذلك، سيبحث القادة في اجتماعهم، طريقة توزيع منحة الـ 100 مليون دولار المقدمة من البنك الدولي لدعم الميزانية الصومالية، والتي تسببت بخلخلة نظام التعاون بين وزارة المالية الفيدرالية ونظيراتها في الولايات الإقليمية التي أعلنت الشهر الماضي إيقاف تعاونها مع الحكومة الفيدرالية حتى تعود إلى تطبيق الاتفاقيات السابقة حول هذه القضية.
وعلى الرغم من اجتماع وزراء المالية في الولايات الإقليمية مع وزير المالية الفيدرالي بعد هذه المقاطعة بأيّام، إلا أن هذا الاجتماع لم يُسفر عن نتائج ملموسة لعدم مشاركة مخرجاته مع المجتمع.
بالإضافة إلى ذلك، يتنبأ محللون بإمكانية تطرق الاجتماع إلى بحث قضية التمديد الإداري لبعض رؤساء الولايات الإقليمية عن طريق عملية تصويت داخل برلمانات ولايات: جنوب غرب الصومال، هيرشبيلي، وجوبالاند.
ويبدو أن المؤتمر لن يخلو من بعض النقاشات السياسية الساخنة، وخاصة فيما يتعلق بتشكيلة الحكومة الجديدة، التي تم تشكيلها بعيدا عن اقتراحات رؤساء الولايات الإقليمية، وبالتالي بدت للبعض أنها لا تتجاوب مع مصالحها، بل إن من قادة الولايات الإقليمية من يرى عدم التعاون مع هذه الحكومة طالما تضم وجوها غير مرغوب فيها لدى إدارة الولاية التي يمثلونها في هذه الحكومة.
ويرى محللون ومراقبون للشأن الصومالي أن المؤتمر قد يتوصل إلى اتفاق شامل وعام حول ضرورة تفعيل مجابهة حركة الشباب وتوفير الدعم للمتضررين من حالات الجفاف في البلاد، وتوثيق التعاون بين الحكومة الفيدرالية والولايات الإقليمية، وهو ما ألمح إليه السيد أحمد مذوبي رئيس جوبالاند في كلمته المقتضبة عقب وصوله أمس السبت إلى العاصمة مقديشو، عندما أفاد بأن نقاط الاختلاف بين المشاركين في المؤتمر محدودة جدّا، لكون النظام السياسي الجديد في البلاد في مرحلة النشأة والتكوين.
ومهما يكن من أمر، فإن التوصل إلى تفاهم حول كيفية تقاسم المنحة المالية من البنك الدولي قد يستغرق وقتا طويلا، بسبب المواقف المتطرفة منه لدى البعض، مما يتطلب مزيدا من الحوارات والنقاشات حتى يتم الوصول إلى حل وسطي يرضي جميع الأطراف ويضمن باستمرار التعاون بين الحكومة الفيدرالية والولايات الإقليمية والحفاظ على الإجماع الوطني.
يذكر أن هذا الاجتماع، يكون الأول من نوعه منذ فترة طويلة، وإن كان قد التقى الرئيس الصومالي الحالي برؤساء الولايات الإقليمية، قبل تعيينه رئيس الوزراء حمزة عبده برّي الّذي يشارك في المؤتمر الّذي انطلقت أعماله الأحد، إلا أن هذا اللقاء كان عبارة عن ترحيب بالرئيس الجديد وتهنئته ولم يتطرق حينها بشكل حاسم إلى بحث القضايا العالقة.