يراقب الشارع الصومالي عن كثب ما تؤول إليه الأوضاع السياسية في البلاد، بعد قرارات تمديد فترة رئاسة الولايات الفيدرالية، وكيف سيؤثر ذلك على المشهد العام للبلاد.
وذكرت مصادر إعلامية في ولاية جلمدغ بأن رئيس الولاية أحمد كاريْ قورقور يخطط لتمديد فترة ولايته لعام آخر إضافي، في خطوة لها عدة دلالات وانعكاسات مستقبلية على مسيرة الولاية التي تعاني بالفعل من جملة من التحديات التي توارثها قورقور من سلفه.
خطة قورقور للتمديد لا يمكن فصلها عن كونها جزء من الارتدادات المتوقعة للمياه الراكدة التي حركها رئيس ولاية جنوب غرب عبدالعزيز حسن لفتاغرين، وتبعه رئيس ولاية جوبالاند أحمد إسلام مدوبي، اللذان قاما بتمديد فترة رئاستهما لسنة إضافية أيضًا.
وبحسب ما ذكره موقع “Caasimada Online”، فإن الرئيس قورقور بدأ بالفعل بممارسة ضغوطات على قيادة البرلمان المحلي للولاية لقبول اقتراح التمديد الذي تقدم به بعض النواب، لتعديل بعض بنود دستور الولاية، بما في ذلك بند يحدد ولاية الرئيس بأربع سنوات وتعديله لخمس سنوات.
قرار التمديد – إن حدث – قد يشعل فتيل أزمة سياسية لا غنى عنها للولاية التي يعتبر رئيسها من المقربين للرئيس الصومالي السابق محمد عبدالله فرماجو، وبلا شك ستكون هناك ضغوطات من الحكومة الفدرالية لإفشال خطة التمديد.
وبعيدًا عن الحكومة الفيدرالية، تعاني إدارة الرئيس قورقور من أزمة حقيقية مع قوات أهل السنة والجماعة الصوفية التي لا تعترف بسلطته ودخلت في حرب مفتوحة مع إدارته في عام 2021 خلفت عشرات القتلى وآلاف النازحين.
ولا نغفل حركة الشباب التي تسيطر على مساحة واسعة من أراضي الولاية وقد تستغل أي صراع على السلطة لتوطيد مكاسبها على الأرض.
وتراقب حكومة الرئيس الصومالي المنتخب حديثًا، حسن شيخ محمود، من بعيد، خطط الأقاليم الفيدرالية للتمديد. إذ لم تبد الحكومة المركزية أي ردة فعل رسمي تجاه الأمر.
وهذا ما يمكن تفسيره حاليًا بعدم رغبتها في خلق أزمة سياسية قد تتصاعد لأمنية لاحقًا، لإدراكها لمدى قوة ونفوذ الأقاليم الفدرالية التي أصبحت لبعضها قوة عسكرية موازية نسبيا للجيش الوطني الصومالي كحال إقليم بونتلاند، أو على وشك تخريج وتدريب المزيد من القوات المحلية كحال ولاية جنوب غرب.
ومع ذلك، أظهرت الحكومة الفيدرالية – بشكل غير مباشر – عن رفضها لهذه الخطط، وذلك على لسان بعض الساسة والمسؤولين السابقين المنحدرين من ولاية جنوب غرب والمقربين من الحكومة الصومالية. حيث شكلوا مجلسًا سياسيًا سمي بمجلس إنقاذ ولاية غرب في العاصمة الصومالية مقديشو في 23 يوليو الماضي.
وضم مجلس إنقاذ ولاية جنوب غرب نخبة من كبار ساسة الولاية، من بينهم رئيس الولاية السابق شريف حسن شيخ آدم، والذي شغل أيضًا منصب رئيس البرلمان الفيدرالي بين أعوام 2009-2012. ورئيس البرلمان الفيدرالي السابق البروفيسور محمد عثمان جواري.
إضافة إلى وزيرة شؤون المرأة في الحكومة الفيدرالية السيدة حنيفة حابسدي، إبنة القيادي السابق في جيش رحوين للمقاومة (RRA) إبراهيم حابسدي الذي شارك في الحرب الأهلية وتأسيس الولاية. وعدد من كبار المسؤولين السابقين في الولاية برعاية سخية من الحكومة الفدرالية.
وأبدى المجلس في ختام اجتماعه مخاوفه من التأثيرات السلبية لقرار البرلمان المحلي في أبريل 2020 بتمديد رئاسة الحكومة لسنة إضافية، واعتبره غير شرعي.
وتكمن أهمية ولاية جنوب غرب بالنسبة للحكومة الفدرالية كونها تملك 77 نائبًا فدراليًا وهو أكبر عدد من النواب الفيدراليين الذي تملكه ولاية فدرالية، ما يعني أنها قادرة على التأثير في سير الإنتخابات الرئاسية.
علاوة على ذلك، تملك الولاية حدود مشتركة مع محافظة بنادر عبر شبيلي السفلى وهي معبر مهم سواء على الصعيد التجاري أو الأمني.
وتكمن الأهمية الثالثة للحكومة الفدرالية تجاه ولاية جنوب غرب كون رئيس الولاية عبدالعزيز حسن لفتاغرين من المقربين للرئيس الصومالي السابق محمد عبدالله فرماجو. وتتوقع إدارة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود بأن يكون الرجل حجر عثرة أمام تطلعات إدارته خلال السنوات الأربع المقبلة.
لاشك أن أي تدخل مباشر من الحكومة الفيدرالية في مصير العملية الإنتخابية للولايات الفدرالية قد يتخلله صراع مسلح، كما حدث في محافظة غدو بين الجيش الصومالي والقوات الموالية لرئيس الولاية أحمد مدوبي في مطلع عام 2021.
وذلك بعد إعلان الحكومة الفيدرالية عدم شرعية انتخابات الولاية التي أوصلت أحمد مدوبي للرئاسة لفترة ثالثة. وهذا سيناريو يمكن توقعه في ولاية جنوب غرب إذا ما قامت الحكومة الفيدرالية بإعلان بطلان قرار البرلمان المحلي بالتمديد لولاية الرئيس.
ومع ذلك، تعتبر هذه الخطوة – إن حدثت – أول إنتكاسة تقع فيها إدارة الرئيس الصومالي الجديد وتقيد أداء حكومته إذا ما دخلت في صراع مفتوح مع ولاية جنوب غرب التي تستعد منذ سنوات على تجهيز قوات محلية بالآلاف للدفاع عن الأخطار المحدقة بها.
وغير بعيد عن ولايات غلمدغ وجنوب غرب وجوبالاند، تراقب ولايتي بونتلاند وهيرشبيلي الخلاف المتوقع بين الحكومة المركزية والولايات الفيدرالية الأخرى، ويُتوقع أن يكون موقفهم بناء على طريقة سير الأزمة التي تلوح في الأفق.المصدر : القرن اليومية