موجة جفاف تضرب القرن الأفريقي منذ عقود تتجه نحو الأسوأ لتسقي شرايين الإرهاب المتفرعة في منطقة تطوقها مخاطر التطرف وانعدام الأمن.
جفاف يعتبر الأسوأ منذ أكثر من 4 عقود، يفاقم معاناة مجتمعات ريفية في معظمها، تعتاش على الرعي والزراعة، ويرهق الحكومات بأعباء إضافية لمواجهة ارتفاع الأسعار جراء تراجع المعروض في جميع المنتجات الأساسية.
وفي ظل النسق التصاعدي للظاهرة، يحذر خبراء من شبح المجاعة الذي يمكن أن يضرب أجزاء من المنطقة.
المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، أعلنت، الجمعة، أن التوقعات للفترة الفاصلة بين من أكتوبر/تشرين الأول حتى ديسمبر/ كانون الأول المقبلين، تظهر احتمالات كبيرة لاستمرار ظروف الجفاف بمستويات أعلى من المتوسط بالمنطقة.
وتؤكد التوقعات الأحدث مخاوف وكالات الإغاثة التي تحذر منذ شهور من تفاقم عواقب الجفاف على إثيوبيا والصومال وأجزاء من كينيا، بما في ذلك خطر المجاعة في الصومال.
ونقلت وكالة رويتز عن جوليد أرتان، مدير مركز إيجاد للتنبؤات والتطبيقات المناخية، وهو مركز إقليمي للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية في شرق أفريقيا، قوله: “للأسف، تظهر نماذج توقعاتنا، وبدرجة عالية من الثقة، أننا ندخل الموسم الخامس على التوالي بدون أمطار في القرن الأفريقي”.
وأضاف “في إثيوبيا وكينيا والصومال نحن على شفا كارثة إنسانية لم يسبق لها مثيل”.
ويتزامن الجفاف مع ارتفاع عالمي في أسعار الغذاء والوقود بسبب الحرب في أوكرانيا، وسط توقعات من البنك الدولي أن يواجه ما يقدر بنحو 66.4 مليون شخص في منطقة القرن الأفريقي ضغوطا غذائية أو أزمة غذائية أو مجاعة بحلول يوليو/ تموز المنقضي.
الإرهاب ينتعش:
وتنتعش أنشطة التنظميمات الإرهابية في زمن الأزمات -سياسية كانت أم طبيعية- وهذا ما يفسر تمدد حركة الشباب من الصومال إلى كينيا وإثيوبيا.
ففي يوليو/ تموز الماضي، شنت الحركة الإرهابية هجوما واسع النطاق استهدف سلسلة من القرى الواقعة على طول الحدود الصومالية الإثيوبية، وقامت بالتوغل بشكل غير مسبوق في أراضي الجارة.
وبغض النظر عن الجانب الأمني، يرى محللون أن الجفاف يلعب أيضا دورا بارزا في بيئة هشة يمكن أن يفرض فيها الإرهاب كلمته عبر استثمار حاجة السكان لأساسيات الحياة، ما يفتح الأبواب على مصراعيها للتجنيد وتعبئة الصفوف.
فمع استمرار الجفاف، تتغير اهتمامات الأشخاص وأولويات الحكومة، فتقفز مكافحة الإرهاب إلى ذيل الأولويات، بينما تتصدر المسائل المتعلقة بمحاربة الجفاف وتأمين قوت الشعوب، وهذا ما ينعكس على الاستراتيجية الأمنية، ويخلق ثغرات غالبا ما تصنع نقاط قوة التنظيمات.
تسلسل منطقي يعكسه الرسم البياني لدورة حياة حركة الشباب، وتوسعها مؤخرا، لتؤكد أنها لا تزال واحدة من أكبر فروع تنظيم القاعدة من حيث الفاعلية وأكثرها ثراء من حيث مواردها المادية.
وحاليا، يحتفظ التنظيم بوجود كبير في جزء شاسع من جنوب الصومال ووسطه، كما أن لديه القدرة على شن هجمات على العاصمة مقديشو، واختراق الأراضي الكينية حيث يحتفظ بموطئ قدم.
ومع توغلها في الأراضي الإثيوبية، يبدو أن تهديدات الحركة لم تعد تمس الأمن الصومالي وحتى الكيني فقط، وإنما تهدد الأمن والسلم في معظم أنحاء القرن الأفريقي.
وفي ظل استمرار موجة الجفاف، يتوقع أن تستفيد المجموعات الإرهابية الأخرى من حالة الإحباط والحاجة المادية، وقد تبرز للعلن تنظيمات جديدة تخرج من رحم معاناة شعوب المنطقة، لتتغذى على ارتدادات ظاهرة طبيعية عبرت أسوار القارة السمراء لتضرب مختلف أرجاء العالم.