ماسر استهداف حركة الشباب لزعماء عشائر الصومال؟
لزعماء العشائر في الصومال كلمة مسموعة وفاصلة في القضايا العالقة، ما يجعلهم بمثابة صمام أمان وقت السلم والحرب، وهذا ما يفسر استهدافهم.
ورغم ضعف ثقة الشعب الصومالي بمؤسسات الدولة، إلا أن الأخيرة تستمد شرعيتها من صميم فكر الزعماء التقليديين وهم الذين يحركون ماكينتها في تسيير شؤون البلاد.
ولهذا السبب، دأبت حركة الشباب الإرهابية على استهداف زعماء العشائر بمنطلق أنهم قلب العملية السياسية وصانعوها الفعليين.
وعاش الصوماليون قبائل تمتهن مهنة الرعي والزراعة قبل دخول الاستعمار البلاد نهاية القرن التاسع عشر ميلادي.
فقاد شيوخ العشائر ورجال الدين جهود النضال وتحرير البلاد منذ ستينات القرن العشرين، حيث نالت البلاد استقلالها السياسي من بريطانيا وإيطاليا.
فترة وجود الدولة في الصومال من ١٩٦٠-وحتى الآن، مرت بأربع مراحل، مرحلة الحكم المدني (١٩٦٠-١٩٦٩)، والحكم العسكري (١٩٦٩-١٩٩١) ثم مرحلة الفوضى والحرب الأهلية (١٩٩١-٢٠٠٠) والرابعة مرحلة إعادة تأسيس الجمهورية الثالثة من ٢٠٠٠- حتى الآن..
وفي كل تلك المراحل، كان رجال القبائل في قلب صناعة الدولة، حيث ساهموا في جهود مكافحة الاستبداد، وإخماد نار الحرب الأهلية وجهود تأسيس النظام الفيدرالي الحالي عبر مقاربة وتسوية قبلية عرفت بأربع ونصف، أضحت عصب تقاسم السلطة السياسية في البلاد منذ بداية الألفية الحالية.
وفي كل موسم انتخابي، تصعد حركة الشباب الإرهابية مسارها العنيف ضد هذه الشريحة من المجتمع الصومالي، كما تصدر قبل بداية أي استحقاق انتخابي سواء على المستوى الاتحادي والإقليمي، تهديدات لزعماء العشائر.
ففي يوليو/ تموز من العام الماضي، وتحديدا قبل بداية الانتخابات التشريعية والرئاسية، أصدر زعيم حركة الشباب الإرهابية تهديدات ضد شيوخ العشائر، ودعاهم إلى عدم المشاركة في العملية السياسية، لكن وعيده لم يلق آذانا صاغية.
وخلال الانتخابات التشريعية الأخيرة، ساهم نحو ٣٠ ألف ناخب بقيادة شيوخ العشائر بانتخاب أعضاء البرلمان الصومالي، الذي بدوره انتخب حسن شيخ محمود رئيسا للبلاد.
وتنفيذا لتهديداته، اغتال التنظيم المتطرف أكثر من ١٠ زعماء للعشائر بزعم المشاركة في العملية السياسية بالمرحلة الماضية.
ويعود استهداف زعماء العشائر لعدة أسباب أبرزها أنهم صناع العملية السياسية على مستوى الحكومة الفيدرالية والولايات، حيث يشاركون في اختيار النواب ويحتلون المساحة الأبرز في تشكيل مجلس الوزراء وتعيين المسؤولين الحكوميين الآخرين، ويمكلون سلطة معنوية حازمة في الملف السياسي.
ومن بين الأسباب أيضا أنهم الشريحة التي تدعم الحكومة في التعامل مع الملفات الوطنية.
كما تتمتع هذه الفئة بسلطة غير منتهية الصلاحية، وفي حال ترتيب صفوفها فهي تشكل خطورة على أجندة التنظيم المتطرف، لذلك يتعمد إضعاف هذه المؤسسة السياسية والاجتماعية عبر استهداف كوادرها حتى تبقى مشتتة وتفتقد للتركيز في مواجهة الخطر.
وتعقيبا على الموضوع، يرى المحلل الأمني الصومالي عبدالرحمن حاشي، أنه يتعين على الحكومة بناء سياسيات من شأنها حماية زعماء العشائر والعمل على تفعيل أدوارهم في تحقيق الاستقرار الأمني.
ويقول حاشي، إنه من الضروري تخصيص ميزانية من جانب الحكومة لزعماء العشائر في حماية أنفسهم أولا حيث يتعرضون لهجمة شرسة في كل مرة بسبب حمايتهم ومشاركتهم في التحول الديمقراطي، ودفاع الشعب الصومالي ثانيا، وذلك لما يتمتعون به من ثقة من جانب السكان.
ويحذر حاشي من أن هجمات الشباب وسلوك الاغتيالات قد يبطئ عملية تجاوز البلاد المرحلة الأمنية الحرجة خلال العقدين الماضيين.