الصومال اليوم

حركة الشباب وامتداد إرهاب “القاعدة” في القرن الأفريقي

لا يكاد يمر أسبوع دون أن نقرأ خبرا عن هجوم إرهابي أو تفجير انتحاري تنفذه حركة الشباب الصومالية الإرهابية، التابعة لتنظيم القاعدة.

ولن يكون هجوم “الشباب” على فندق “حياة” في مقديشو يوم الجمعة الماضي، والذي خلّف عددًا كبيرًا من القتلى والمصابين، هو الأخير، الذي تنفذه الحركة النشطة بشكل كبير في منطقة القرن الأفريقي.. هذا النشاط المستمر على الرغم من المرحلة الانتقالية للتنظيم الأم -القاعدة- وشغور منصب زعيمه، دليل على أن الرابط بين التنظيمين أيديولوجي أكثر من كونه ميداني، وأن حدود نشاط الحركة “محلي” مُركَّزٌ على الصومال، وكينيا بدرجة أقل، وليس عالميا كـ”القاعدة” و”داعش”.

شكّلت بَيعة حركة الشباب في عام 2012 لزعيم تنظيم “القاعدة” آنذاك، أيمن الظواهري، شرارة الصعود في العمليات العنيفة، مستفيدةً من ضعف الحكومة الصومالية المركزية، والفراغ السياسي في المناطق الوسطى والجنوبية للصومال، لتخرج من نمط المجموعة الإرهابية لنمط “مجموعات التمرد”، رافعة شعار “تحرير الصومال من التدخلات الأجنبية”، ومتبنية لأيديولوجيا “تكفيرية”، في مشهد سياسي معقد بين دول القرن الأفريقي والولايات المتحدة الأمريكية.

واستطاعت الحركة تنظيم مناطق سيطرتها واستقطاب السكان عبر تقديم خدمات صحية وتعليمية، فضلا عن فرض الأمن بوحشية وقبضة حديدية، بعد فوضى كانت تسود تلك المناطق، لتنطلق بعدها في عمليات تجنيدٍ وتدريب مستمرة، ضاعفت إمكانياتها ومقاتليها، ومكّنتها من فرض شبكة مُحكمة من ضرائب المرور على النقاط الأمنية، التي تدر على الحركة ما يكفيها من الأموال للتسليح والتجنيد، والاستمرار في السيطرة على عقول وقلوب المجنّدين الجدد، بالإضافة إلى تحكُّمها في خطوط الإغاثة، مع تردّي الأوضاع المعيشية في بلد أعلن رسميًّا دخوله مجاعة في يوليو الماضي، لتتضاعف بذلك معاناة الشعب الصومالي. 

وهنا لا يمكن تجاوز الدور الأمريكي في الصومال، وما يتضمنه من نجاحات محدودة وخيبات كبيرة في الشأن الأمني، وتردد إدارات “البيت الأبيض” المتعاقبة في غياب لاستراتيجية واضحة للتعامل مع حركة “الشباب” الإرهابية، بين قرارات لتموضع القوات الأمريكية في الصومال، ثم سحبها وإعادة نشرها وتدريبها القوات الصومالية المحلية، التي يشكك عدد من الخبراء في قدرتها على التعامل مع مد المسلحين الشباب، كما أن الغارات الجوية للطائرات دون طيار أسقطت العديد من الضحايا المدنيين، الأمر الذي استغلته حركة “الشباب” في دعايتها وتعزيز الموقف المحتقن ضد الولايات المتحدة.

والمتتبع لنمط الهجمات الإرهابية وبصماتها يلاحظ تطورا مخيفا لإمكانيات الحركة وقدراتها وتنوع أهدافها، بين هجمات انتحارية، وزرع عبوات ناسفة في أحزمة وسيارات ودراجات، ومداهمة أماكن تجمُّع المدنيين، حتى استخدامها لتكتيكات حرب العصابات عند ضربها المنشآت العسكرية للقوات الصومالية وقوات الاتحاد الأفريقي.

واليوم نشاهد أن حركة “الشباب” الإرهابية تخوض معركة إنهاك واستنزاف، مستغلة عامل الوقت، سلاحها الأهم، غير متأثرة باغتيال زعيمها الأيديولوجي، أيمن الظواهري، لتذكرنا بأن أفعى الإرهاب اليوم ذات رؤوس متجددة وذيول متعددة تنتشر حيثما تضعف الدولة وينتشر الفساد ويغيب الأمن.. تاركة لنا السؤال المفتوح: هل ستنجح حركة الشباب في أن تكون فرع إرهاب قويًّا لـ”القاعدة” في القرن الأفريقي؟

Exit mobile version