كل ما تصدر تقارير أممية بخصوص جودة التعليم العالمي دائما ما يحبطنا ترتيب الصومال من بين الدول وآخر تلك التقارير تقرير أعدته اليونسكو لعام 2020م الذي كان يحاول تقييم واقع التعليم العالمي في ظل جائحة كورونا ، وكما كان متوقعاً فواقع التعليم في الصومال يدور في فلك الضياع واللامسوؤلية الذي لازماه لأكثر من عقدين دون أن يُلاقي حلولا جذرية تنتشله من سلم الانحدار وتأخذ بيده ليكون تعليماً بحق ، وعلى الرغم من الملايين التي تُنفق والمؤتمرات المئوية التي تٌعقد والهيئات الدولية التي تُساند ، عجز مسؤولو قطاع التعليم بالصومال تحقيق ذلك النجاح للتعليم وذلك للأسباب التالية:
أولاً : لا تتوفر لدى منظومة التعليم في الصومال رؤية مشروع واضح وصلب يتماشى مع ظروف المجتمع الصومالي العائد من حرب أهلية مدمرة والذي يحتاج إلى تعليم قادر على تلبية خصوصية المرحلة المفصلية التي يعيشها .
ثانياً: التعليم في الصومال ما زال ينطلق من فكرة محو الأمية وتعليم الطالب الصومالي مهما علا سناً أبجديات العلم وأساسيات المعرفة، وجل الجهود التعليمية التي تٌقدم في الصومال لا تتجاوز أن تكون جهود طوارئ صُممت لمعالجة القشور الجهل، فمخرجات هذا التعليم متعلمون لا يعرفون لماذا تعلموا وما الفائدة المرجوة من تعليمهم ، وفي وضع كهذا يكون الحديث عن الابتكار المعرفي والتنمية المستدامة ترفاً وبذخاً.
ثالثاً: الفساد المتغلغل الذي أنتج لنا مسؤولين لا يرتقون لمستوى آمال الأمة، ولا يتعاطون مع مهماتهم المؤكل إليهم بحس وطني شامل ، ولا يؤمنون بجدوى التعليم الذي بين يديهم وخير دليل على ذلك فجل أبناء وزراء التربية و التعليم في الصومال يتلقون تعليمهم في خارج البلاد.
رابعاً: تدني الإنفاق الحكومي على قطاع التعليم، فالتعليم في الصومال أهلي بدرجة كبيرة، وهذا التدني وقف عائقا أمام تطوير التعليم ، والاهتمام بالبنية التحتية للمدارس، ومراجعة المخرجات التعليم ، و العمل على توحيد رؤى التعليمية بين الولايات والحكومة الفدرالية ، وملاحقة المفسدين.
خامساً: انعدام الاستقرار السياسي، وهذا الانعدام جعل جميع الجهود الفكرية والمالية والإعلامية الصومالية تتوجه لتصويب الجانب السياسي وتغليبه على حساب الجوانب الأخرى من أهمها التعليم ، فلم يحظى التعليم إلا الفائض المتبقي من جهد ووقت أصحاب القرار و النفوذ فكانت النتيجة تعليم ضعيف يعكس حجم الجهد الذي بُذل من أجله.
سادسا: عبثية الإصلاح وفردية الجهود: من أكبر الأخطاء المتكررة عند محاولة إصلاح منظومة التعليم في الصومال هي اعتماد المصلح على رؤى إصلاحية تستند على أبحاث لم يتفق الجميع بصحة نتائجها ، لذلك يدخل الجميع في دوامة جدال ونقاش يكون الخاسر الوحيد فيها التعليم و المضاعفات شهادة الثانوي الأخيرة في الصومال أقرب شاهد ودليل على عبثية الإصلاح.
أخيرا أن ذكرنا إلى ما قد سبق ليس لنشر اليأس في النفوس إنما لمحاولة منا لفهم أوسع لجذور مشكلة التعليم في الصومال حتى يتسنى للباحثين و المربين بتقديم حلول مبتكرة وشاملة وحافلة بالأمل وتغطي جميع مناحي حياة المجتمع الصومالي.