الصومال اليوم

دلالات توغل حركة الشباب داخل إثيوبيا

شنت حركة الشباب، فرع القاعدة في شرق إفريقيا، يوم الأربعاء، 20 يوليو 2022، هجوماً واسع النطاق على سلسلة من القرى الواقعة على طول الحدود الصومالية الإثيوبية. وقد قامت الحركة بتوغلات غير مسبوقة في إثيوبيا واشتبكت مع قوات ليو شبه العسكرية التي تمثل الولاية الإقليمية الصومالية، المعروفة باسم الأوجادين. وقد استمرت الاشتباكات ثلاثة أيام على الأقل، مع اعتراف الحكومة الإثيوبية بأنها قاتلت الجهاديين داخل حدودها.

ويتفق العديد من الخبراء على أنها العملية الأكثر جرأة التي قامت بها حركة الشباب منذ أن سيطرت على جنوب وسط الصومال في عام 2007. وقد أثار هذا الهجوم مخاوف كل من الحكومة الإقليمية والولايات الإثيوبية المجاورة. وعلى الرغم من عدم وجود مصادر مستقلة قادرة على تأكيد تفاصيل الادعاءات المتضاربة من الطرفين، فإن أكثر من ألف مقاتل من حركة الشباب شاركوا في الهجوم الذي تم بالتزامن على القرى الأثيوبية الحدودية. ويبدو أن حركة الشباب كانت تعتزم تعطيل الطريق الرئيسي الذي يربط منطقة شبيلي الصومالية ومنطقة أفدير التابعة لقوات المنطقة الصومالية.

وعادة ما يتم استخدام شرطة ليو بشكل أساسي داخل المنطقة الصومالية الشرقية لإثيوبيا، على الرغم من نشر العديد من قواتها في الصومال نفسها. وتعمل عناصر شرطة ليو المشاركة في القوات الإثيوبية في الصومال بشكل مستقل عن القوات التابعة لبعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال (أتميس). وتستهدف حركة الشباب بشكل روتيني القوات الإثيوبية داخل الصومال، كما أنها غالبًا ما تنتقد إثيوبيا في دعايتها، لكن الغارات عبر الحدود داخل الأراضي الإثيوبية كانت نادرة بشكل لافت للانتباه. ففي أوائل التسعينيات وحتى منتصف التسعينيات، قامت إحدى الجماعات التي سبقت حركة الشباب، وهي تنظيم القاعدة الذي دربته ودعمته القاعدة، بشن غارات متكررة داخل إثيوبيا. ومنذ عام 2006، عندما تدخلت إثيوبيا في الصومال للإطاحة باتحاد المحاكم الإسلامية – التحالف الجهادي الذي انبثقت منه حركة الشباب – كانت الهجمات الجهادية داخل الأراضي الإثيوبية قليلة ومتباعدة. ولم يسجل منذ ذلك الحين سوى عدد قليل من عمليات التوغل التي شنتها حركة الشباب على إثيوبيا

البدايات:

 تحاول حركة الشباب إقامة وجود عملياتي لها في إثيوبيا منذ عام 2013، عندما أسند زعيم حركة الشباب آنذاك أحمد عبدي المدعو “غودان”- الذي قتل لاحقاً في غارة أمريكية- تلك المسئولية إلى قائد صومالي إثيوبي يُدعى علي ديار. لكن ديار لم يتمكن من تنفيذ المهمة الموكلة إليه. ونتيجة لذلك، تم تنفيذ جميع العمليات الرئيسية لحركة الشباب في إثيوبيا على مدى العقد الماضي من قبل جناح الاستخبارات التابع لها. وشمل ذلك مؤامرة تفجير فاشلة في ملعب لكرة القدم في أديس أبابا في عام 2013 ومحاولة تفجير انتحاري لمركز تجاري كبير في أديس أبابا في 2014 حيث تم تعطيله قبل أن ينفجر. وتدرك حركة الشباب جيداً أن قوات الأمن الإثيوبية كانت في حالة من الفوضى منذ اندلاع الحرب في تيغراي في نوفمبر 2020. وهم يعلمون أيضاً أن الكثير من القوات العسكرية في البلاد ارتبطت بقتال تمرد آخذ في الاتساع في أوروميا وفي منطقة أمهرة المضطربة. ربما تم تحديد توقيت هذه العملية بالوقت اللازم لتدريب وتجهيز عدد كافٍ من المقاتلين التابعين للحركة.

السياقات:

يجب أن ننظر إلى غارة حركة الشباب الأخيرة داخل الأراضي الإثيوبية، على الرغم من أنها تمثل حدثاً استثنائياً، في سياق قدراتها المتجددة داخل الصومال. لا تزال الحركة واحدة من أكبر فروع القاعدة من حيث الفاعلية وأكثرها ثراءً من حيث مواردها المادية. وتحتفظ الشباب في الوقت الحالي بسيطرة كبيرة على جزء شاسع من جنوب ووسط الصومال، كما أن لديها القدرة على شن هجمات على العاصمة مقديشو، واختراق الأراضي الكينية، حيث تحتفظ لها بموطئ قدم هناك. وهي في كلتا الحالتين تقوم بمواجهة قواعد شديدة التحصين في كل من الصومال وكينيا. ومن جهة أخرى يجب أن تذكرنا عملية التوغل الأخيرة في الأراضي الإثيوبية بأن حركة الشباب لا تهدد بشكل كبير فقط الأمن الصومالي أو حتى الأمن الكيني، ولكن الأمن والسلم في معظم أنحاء القرن الأفريقي. ومن المرجح أن يؤدي الانسحاب المستقبلي لقوات “أتميس” والقوى الإقليمية الأخرى من الصومال إلى تفاقم هذا التهديد الإقليمي. وربما نشهد في نهاية المطاف عودة طالبان أخرى في شرق أفريقيا.

أهداف حركة الشباب:

إن التوغل عبر الحدود من قبل حركة الشباب يظهر طموح الجماعة الجهادية وانتهازيتها في خضم بعض التحولات الأكثر أهمية في المشهد الأمني ​​الإقليمي منذ أكثر من عقد. لقد عانى الجيش الإثيوبي من الاستنزاف الشديد خلال الحرب ضد الجبهة الشعبية لتحرير التيغراي، مما تطلب إعادة انتشار كبيرة مع التزامات طويلة الأمد، خاصة داخل الصومال. علاوة على ذلك، سمحت الهدنة الأخيرة  في حرب  التيغراي منذ  ديسمبر 2021 للحكومة الإثيوبية بتركيز اهتمامها على حركات التمرد الأخرى القريبة من العاصمة.

 ويمكن أن نحدد فيما يلي بعض أهدف استراتيجية توغل الشباب داخل الأراضي الإثيوبية:

1- الترويج للرواية الجهادية:

من المرجح أن تروج حركة الشباب لتوغلها في إثيوبيا على أنه انتصار رمزي، حتى لو تكبدت خسائر كبيرة على المدى القصير. وبالفعل نشرت حركة الشباب صوراً للغارات الأولية على بعض القرى الحدودية في 21 يوليو، مشيرة إلى نجاحاتها على طول “الحدود المصطنعة” بين إثيوبيا والصومال. وتستخدم حركة الشباب هذه الرواية الجهادية الصومالية بغرض تجنيد الأعضاء وتبرير حربها المستمرة ضد كل من إثيوبيا وكينيا في الأقاليم التي تقطنها أغلبية صومالية. ولا شك أن تلك الرواية تختلف تماماً مع الرواية الإثيوبية التي تربط بين حركة الشباب الإرهابية وجيش تحرير أورومو.

على الرغم من أن ادعاءات المنطقة الصومالية بأن الشباب كانت تنوي مساعدة جماعة متمردة من عرق الأورومو داخل إثيوبيا، فإن ذلك أمر غير مرجح، ولكنه يتسق مع تاريخ أوسع وسياق رسائل إثيوبيا حول نزاعاتها المتزامنة المختلفة داخل حدودها .لطالما وصفت إثيوبيا الجهاديين المتطرفين وجماعات التمرد العرقية بأنهم  جميعا يمثلون منظمات إرهابية.

وعلى الرغم من أن رئيس الوزراء الأثيوبي آبي أحمد قد أصدر عفواً عن جيش وجبهة تحرير أورومو  في عام 2018 مما سمح للمجموعة بالعودة إلى إثيوبيا لأول مرة منذ التسعينيات، فإنه، في غضون أشهر، رفض الجناح العسكري لجبهة تحرير أورومو التصالح مع نظام آبي وعاد إلى النشاط المسلح، الأمر الذي أدى لحظره مرة أخرى في أواخر عام 2020 إلى جانب الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي. في هذا السياق، رسم آبي أوجه تشابه بين جيش تحرير أورومو والمسلحين الجهاديين، وأعاد خطاب الحكومة الإثيوبية إلى نفس اللغة التي كانت تُستخدم سابقًا خلال فترة التحالف الحاكم الذي كانت تقوده الجبهة الشعبية لتحرير التيغراي. لقد وصفت الحكومة الإثيوبية التي هيمن عليها التيغراي خلال الفترة من 1991 إلى 2018، مراراً وتكراراً جبهة تحرير الأورومو بالإرهابية، ووضعتها على نفس قائمة المنظمات المحظورة مثل حركة الشباب والقاعدة. وخلال التسعينيات، اتهمت الحكومة الإثيوبية حركة الاتحاد الإسلامي بأنها تعمل داخل أوروميا.

في حين أنه من المرجح أن حزب الاتحاد الاسلامي في التسعينيات كان له علاقة تعاونية مع جبهة تحرير أوجادين الوطني، وهي جماعة متمردة عرقية صومالية قاتلت داخل المنطقة الصومالية الإثيوبية حتى عام 2018، لا يوجد دليل واضح لدعم الادعاءات الإثيوبية بالتعاون بين الاتحاد الإسلامي الصومالي وجيش تحرير أورومو في ذلك الوقت. ومع ذلك، فإن الجبهة الإسلامية لتحرير أورومي ، وهي جماعة متمردة أخرى في أوروميا، لها طابع إسلامي ويقال إن لها علاقات مع الاتحاد الاسلامي في أوائل التسعينيات –  فإنها كانت محدودة النشاط ولم تعد قائمة. وعلى أية حال إذا كان الاتحاد الاسلامي نشطاً داخل أوروميا في أوائل التسعينيات، فمن المرجح أنه  كان  يعمل من خلال الجبهة الإسلامية لتحرير أوروميا وليس جيش تحرير أوروميا.

2- محاولة الاستفادة من وجود حواضن اجتماعية:

على الرغم من وجود القليل من الأدلة على وجود روابط بين جبهة تحرير أورومو والجماعات الجهادية العنيفة، فإن أجزاءً من أوروميا المجاورة للمنطقة الصومالية، ولا سيما منطقة بيل، لها تاريخ طويل مع النشاط السلفي. في الواقع، ارتبط توسع الإسلام داخل مجتمعات الأورومو في أواخر القرن التاسع عشر  بالنظر إليه باعتباره رفضاً قومياً دينياً للمسيحية الأرثوذكسية الإثيوبية التي كانت أساسية لهوية الدولة الإمبراطورية الإثيوبية حيث توسعت عبر أراضي أورومو. ومع ذلك، ظل التشدد السلفي الحديث قوة هامشية داخل المشهد الأمني الإثيوبي بالغ التعقيد، والذي غلب عليه الطابع العرقي القومي .إن إعادة تكرار نفس الرواية التاريخية من قبل المسئولين في المنطقة الصومالية المعينين من قبل آبي أحمد يشير إلى عودة تشكيل تاريخ إثيوبيا المتمثل في الادعاء بأن جيش تحرير أورومو يساعده جهاديون أجانب. وكما ذكرنا آنفاً، لا يوجد دليل واضح على وجود روابط  بين الطرفين. وربما تعزز الرواية الإثيوبية مشاعر الجماعات المهمشة والمستضعفة من مسلمي أوروميا وإقليم الصومال فيتعاطفون مع الرواية الجهادية للشباب. يعني ذلك نجاح حركة الشباب في الحصول على حواضن اجتماعية داخل إثيوبيا.

3- إفساد العلاقات الإثيوبية-الصومالية:

قد يؤدي الرد الإثيوبي الأحادي في الصومال إلى تدهور العلاقات الإثيوبية-الصومالية وتعطيل التعاون الأمني. ومن الواضح أن العلاقات الصومالية-الإثيوبية اتسمت بالفتور منذ عودة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود إلى منصبه في مايو 2022. وفي سياق المنافسة الإثيوبية-الكينية على النفوذ في الصومال، نجد أن الرئيس محمود كان تاريخياً أقرب إلى نيروبي منه إلى أديس أبابا. وعندما انسحب المسئولون الإثيوبيون من الاجتماع المقرر مع الرئيس محمود في 18 يوليو، فقد تسبب ذلك في إلغاء الرئيس الصومالي رحلته المقررة إلى إثيوبيا. وتحاول إثيوبيا اليوم تعزيز العلاقات مع ولاية بونتلاند شبه المستقلة في شمال الصومال، والتي خيب الرئيس محمود آمالها عندما رفض تعيين أحد أبنائها كرئيس للوزراء.

علاوة على ذلك، لدى الجهات الفاعلة الصومالية أيضاً شكاوى من القوات الإثيوبية، وتحديداً ميليشيات ليو، مما قد يعيق التعاون الأمني ​​بالقرب من المناطق الحدودية. لقد حث حاكم منطقة باكول الصومالية، في 22 يوليو الماضي، قوات ليو والقوات الإثيوبية الأخرى على التشاور مع المسئولين الصوماليين قبل عبور الحدود “بشكل غير قانوني” للقيام بعمليات عسكرية داخل الصومال. ومن المعلوم أن شرطة ليو قد اشتبكت مراراً مع مليشيات العشائر الصومالية في الماضي.

4- محاولة تغيير المشهد الأمني داخل الصومال:

قد تهدف حركة الشباب من هجومها في المقام الأول تحقيق تأثيرات ملموسة لصالحها داخل الصومال. من المحتمل أن يؤدي نشاط حركة الشباب على طول الحدود إلى تعطيل خطوط الاتصال الإثيوبية بقواعدها في مناطق أبعد في جنوب غرب الصومال. وقد حاولت حركة الشباب سابقاً تعطيل عمليات” أتميس” الإثيوبية  من خلال شن هجمات على القوافل. ولعل ذلك من شأنه تسهيل حرية حركة الشباب في عمق جنوب غرب الصومال. لقد كثفت حركة الشباب من غاراتها ضد القوات الأجنبية في الصومال بما في ذلك القوات الإثيوبية. على سبيل المثال اجتاحت حركة الشباب قاعدة القوات البوروندية المشاركة في “أتميس” في مايو الماضي، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 50 جندياً. وشنت الجماعة منذ ذلك الحين عدة هجمات كبيرة من أجل السيطرة على الطرق والمواقع الاستراتيجية في منطقة شبيلي الوسطى، مما يشير إلى أنها قد تسعى إلى الوصول إلى الطرق الرئيسية المؤدية إلى العاصمة الصومالية مقديشو. ومن المرجح أن تركيز حركة الشباب المتزايد على استهداف القوات الدولية يعني أنها تسعى إلى الضغط على الدول المشاركة في البعثة الأممية للانسحاب قبل الموعد المقرر في عام 2024. وسوف يسمح انسحاب القوات الأجنبية لحركة الشباب بكسر الجمود الحالي وتحقيق انتصارات كبيرة ضد قوات الأمن الصومالية.

5- إقامة قاعدة دائمة داخل إثيوبيا:

تسعى حركة الشباب إلى إقامة تمرد مستمر في المنطقة الصومالية بإثيوبيا. ربما ترى الجماعة الفرصة مناسبة لأن إثيوبيا تواجه حركات تمرد متعددة من شأنها أن تحد من قدرتها على تعزيز قوات الأمن في منطقتها الصومالية أو حتى داخل الصومال. وقد ساهم صراع التيغراي، الذي بدأ في أواخر عام 2020، في تدهور عام للأمن في إثيوبيا وزيادة العنف في ولايات اتحادية عرقية أخرى. ولا يخفى أن تمرد جيش تحرير الأورومو في أوروميا وولايات أمهرة المجاورة  قد لا يقل في خطورته عن صراع  التيغراي باعتباره الشغل الشاغل للحكومة الفيدرالية. كما تواجه إثيوبيا أيضاً أزمة أمنية محتملة على حدودها مع السودان في منطقة الفشقة. وربما تؤدي هذه الأزمات الأمنية المتزامنة إلى إجهاد قدرة الدولة الإثيوبية على إرسال تعزيزات إلى المنطقة الصومالية أو الصومال ضد حركة الشباب، ناهيك عن معالجة أوجه القصور في الحكم في المنطقة الصومالية التي تساهم في اشعال فتيل التمرد. وقد تخلق المظالم المناهضة للحكومة في المنطقة الصومالية فرصة لحركة الشباب لتقديم نفسها على أنها معارضة لشرطة ليو، المتهمة بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان. تاريخياً، فشلت حركة الشباب في الحصول على موطئ قدم لها في إثيوبيا على الرغم من هذه المظالم، ومع ذلك، بسبب عوامل اجتماعية مختلفة، بما في ذلك العلاقات القبلية قد تتكلل مساعيها بالنجاح.

يبدو أن هذا الهجوم الأخير لحركة الشباب هو بداية لمبادرة استراتيجية كبرى لتأسيس وجود قتالي نشط للشباب في إثيوبيا، ربما في جبال بيل الجنوبية الشرقية، التي تمتد عبر الحدود بين منطقتي الصومال وأورومو. وقد استغرقت الاستعدادات لهذه العملية ما يقرب من عام واحد، وبدأت في الوقت الذي بدا فيه أن حكومة إثيوبيا على وشك الانهيار. تم تكليف عدة آلاف من مقاتلي حركة الشباب بقيادة إثيوبية للجماعة، لذلك من المحتمل أن نشهد المزيد من الاشتباكات في المستقبل القريب إذا ما تم  تكليف وحدات إضافية من الشباب بالقتال. ربما تكون حركة الشباب قد طورت أيضاً شبكات داخل إثيوبيا استعداداً لهجوم يوليو. ولعل أحد المؤشرات على ذلك اعتقال الشرطة الإثيوبية مهربي أسلحة من حركة الشباب في منطقتي إلكيري  وباري  في مايو الماضي.

وختاماً، فإن الوضع على الحدود الصومالية-الإثيوبية بالغ التعقيد والتشابك. وقد أعطت الاضطرابات الداخلية في إثيوبيا الفرصة لحركة الشباب لتنفيذ هجماتها. وإذا كان من المحتمل أن يكون حجم هذا الهجوم أكبر من أن يتم احتوائه من قبل قوات الأمن الإثيوبية المحلية، وبالتحديد شرطة ليو في منطقتي الصومال وأوروميا، فإن أديس أبابا سوف تجد نفسها مضطرة لإعادة نشر وحدات عسكرية من أماكن أخرى في البلاد. وإذا لم يحدث ذلك، فقد تنجح حركة الشباب في تأسيس وجود عسكري في إثيوبيا. ولا شك أن الوجود في إثيوبيا يمنح حركة الشباب عمقاً استراتيجياً يمكنها من إيواء مقاتليها هناك. كما يمكن أن يساعد تخطيط وتنفيذ هجمات داخل إثيوبيا على تجنيد بعض الشباب الإثيوبي المسلم من خلال تسويق الرواية الجهادية. في السنوات الأخيرة، كانت الجماعة الإرهابية الصومالية تبث رسائلها في أورومو – بالإضافة إلى السواحيلية – كجزء من طموحها لتوسيع نفوذها في فضاء منطقة القرن الأفريقي. لقد نجحت إثيوبيا لأكثر من عقد من الزمان في تحصين نفسها من خطر حركة الشباب الإرهابية. فهل تستفيد حركة الشباب اليوم من هشاشة المشهد السياسي وتُحدِث اختراقاً في حصن إثيوبيا المنيع.

*أستاذ العلوم السياسية في جامعتي زايد والقاهرة

Exit mobile version