الاقتصاد الصوماليالرئيسية

تقرير: المتطرفون في الصومال وأفريقيا يستغلون الثغرات الأمنية البحرية لتمويل عملياتهم

يراقب خبراء في التنظيمات الإرهابية باهتمام كبير كيف تستغل الجماعات المتشددة الناشطة في أفريقيا حتى الآن الثغرات الأمنية البحرية لتمويل عملياتها المستمرة في أجزاء كثيرة من القارة. وهذه المشكلة تعطي لمحة على قصر استراتيجيات تعقب المتطرفين وتحركاتهم رغم الجهود الدولية المبذولة، مما يجعل إعادة النظر فيها اليوم أمرا ضروريا قبل فوات الأوان.

أعطى معهد الدراسات الأمنية الأفريقي نظرة فاحصة على مدى فشل سياسات تعقب المتطرفين في أفريقيا، بعد أن سجل استمرار وجود ثغرات أمنية بحرية توفر لهم متنفسا لجمع المال عبر التهريب، والتي زادت من وتيرة نشاط عمليات الجماعات الإرهابية.

وأنفقت الحكومات الأفريقية المتضررة من المتطرفين، وكذلك المنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة، الملايين من الدولارات على مكافحة الإرهاب، وخاصة في كينيا والصومال وتنزانيا وموزمبيق. ورغم امتلاك بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال للقوة البحرية، إلا أنها لم تطوّر أي خبرة حقيقية أو اتساق في هذا المجال.

واللافت أن مهام وعمليات نشر خفر السواحل ووكالات إنفاذ البحرية الأخرى مختلفة، لذلك ربما يكون من الصعوبة بمكان إنشاء نهج إقليمي يستهدف الجماعات المتطرفة، حيث لا تعمل عبر الحدود البحرية فحسب، بل إن العديد من أنشطتها تتقاطع برا وبحرا ما يجعل تعقبها أمرا صعبا.

ويؤكد الباحثان إيزل فان زيل وتير ليكان أن الجماعات المتطرفة الناشطة في أفريقيا كحركة الشباب وأنصار السنة وداعش تستغل الثغرات الأمنية البحرية ما يستدعي ضرورة أن تركز استراتيجيات مكافحة الإرهاب على هذا الجانب من عملياتها لمنع المتطرفين من استغلال سواحل أفريقيا من خلال الهجمات والتهريب والابتزاز.

وتشير زيل، وهي مسؤولة أبحاث في برنامج التهديدات المعقدة في أفريقيا بمعهد الدراسات الأمنية في بريتوريا في جنوب أفريقيا، إلى أن الجماعات الإرهابية في شرق أفريقيا وموزمبيق تمول جزءا من أنشطتها عبر التهريب البحري والذي يشمل المخدرات والأسلحة والبشر وكذلك المواد الغذائية والفحم.

ونجحت حركة الشباب في زيادة دخلها عبر عمليات الابتزاز وفرض الضرائب غير المشروعة على ميناء مقديشو ومن الأعمال المستقلة المرتبطة به، فمثلا، تحصل الجماعة على بيانات الشحن التي تسمح لها بفرض رسوم على الشركات، والتي تقدّرها بنحو 100 دولار لكل حاوية، و160 دولارا للحاويات الأكبر، وذلك تحت التهديد بالعنف.

وتقدّر أرباح حركة الشباب الصومالية المتطرفة، على سبيل المثال، بنحو سبعة ملايين دولار سنويا من الجرائم البحرية، ما يكفي لضمان استمرارها على المدى الطويل وتمويل هجماتها في كثير من المناطق، التي تنتشر فيها وتدين فيها بالولاء لتنظيم القاعدة.

ولاحظ تير ليكان، الخبير في برنامج البحار المستقرة التابع لمركز ون إيرث فيوتشر للبحث في الأمن والإرهاب في البيئة البحرية أن داعش ينشط في المناطق الساحلية الصومالية والتنزانية. ورغم أنه أقل نشاطا من حركة الشباب، لكنه يستغل ضعف الوعي البحري في إدارة أنشطته، ففي خلال عام من تأسيسه، ثبت أقدامه في الصومال، مسيطرا على مدينة قندلة الساحلية الشمالية.

وأتاح ذلك لداعش الوصول إلى موارد فروعه في اليمن، وشملت أسلحة ومقاتلين، كما سمح للمدربين ذوي الخبرة بتدريب عناصره في الصومال وتعليمهم بعض التكتيكات والمهارات التي جرى تطويرها أثناء الصراع اليمني. ورغم طرده من قندلة استمر التنظيم في جلب الأسلحة والمقاتلين، وغالبا عبر شبكات التهريب وإبرام اتفاقيات مع السكان المحليين.

وتقول زيل إن الموانئ الصغيرة ومواقع الإنزال المنتشرة في الساحل الصومالي، والتي تبعد ساعات قليلة فقط بالقارب من اليمن، أتاحت الوصول المستمر إلى هذه الموارد، وهو الأمر الذي أفاد تنظيم داعش في ترسيخ وتثبيت أقدامه في الصومال.

ولكن الأمر اتسع ليشمل أجزاء أخرى في جنوب القارة، فقد اشتدت حدة الهجمات في كابو ديلغادو على الساحل الشمالي الشرقي لموزمبيق منذ بداية العام الحالي واستخدمت جماعة أنصار السنة الساحل لعرقلة القوات الحكومية، حيث استهدف المتمردون بلدة موسيمبوا دا برايا الصغيرة التي تقع شمال المقاطعة بسبب ثروتها ومواردها الطبيعية.

وهاجم متطرفون خلال مارس الماضي تلك المنطقة واحتلوا ميناءها لعدة ساعات وباءت محاولات الحكومة لتحرير الميناء بالفشل، وظل جزئيا تحت سيطرة المسلحين ومنذ ذلك الحين، شن التنظيم هجمات متعددة على قواعد عسكرية ومخيمات للاجئين مستخدما التخوم البحرية.

ومن الواضح أن الجهود المبذولة من طرف مجموعة التنمية للجنوب الأفريقي (سادك) لمكافحة الإرهاب في مناطق واسعة من القارة، إلا أن معظم العمليات تتركز في الداخل، وعادة ما تتعامل الوكالات التي تحارب القرصنة مع أنشطة التطرف غير المشروع والعنيف على الساحل.

ويقول ويليام إلس، كبير منسقي التدريب في معهد الدراسات الأمنية، إن خفر السواحل حيثما وجد تركز على القرصنة أكثر من الجريمة المنظمة أو الإرهاب على طول ساحل شرق أفريقيا.

وبينما بعض أعمال القرصنة تقوم بها جماعات متطرفة، إلا أن معظمها يُنسب إلى شبكات إجرامية. ومع هذا فإن الشرطة البحرية غالبا ما تتجاهل عمليات التهريب غير المشروع للبشر وتجارة الأسلحة التي تدار في الموانئ.

ولدى حركة الشباب وأنصار السنة قدرة فائقة على التنقل، حيث تستخدم البحر لنقل البضائع والأشخاص وتنفيذ الهجمات، غير أن أنشطتهم غالبا ما تخرج عن نطاق اختصاص عمليات مكافحة الإرهاب.

وفي بعض الأحيان، تفتقر تلك العمليات إلى تفويض للتصرف في حوادث السرقة البحرية التي تقوم بها الجماعات المتطرفة على الساحل الشرقي لأفريقيا.

ويعتقد تيموثي والكر، رئيس المشروع البحري في معهد الدراسات الأمنية أن بعض عمليات مكافحة القرصنة البحرية يمكن أن تركز أيضا على منع الإرهاب داخل المياه الوطنية للدول المشاركة، فمثلا، عملية الازدهار في خليج غينيا، وعملية النحاس، التي نشرت فيها جنوب أفريقيا قواتها البحرية في المياه الإقليمية لموزمبيق.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق