الصومال اليوم – تقرير خاص
في إطار التحركات الإيجابية المكثفة لسفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى الصومال محمد أحمد العثمان للدفع قدما بعجلة التنمية والنهضة في البلاد وإغاثة المتضررين من الجفاف الشديد الذي يضرب الصومال، تنفيذا لتوجيهات الشيخ محمد بن زايد رئيس دولة الإمارات بإيلاء الصومال أهمية خاصة وتقديم كل سبل الدعم والامكانيات لمساندة هذا البلد الشقيق وشعبه، استقبل السفير محمد أحمد العثمان اليوم الخميس، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصومال جيمس سوان.
وبحث اللقاء الذي تم في مقر السفارة الاماراتية بالعاصمة مقديشو، علاقات التعاون القائم بين سفارة دولة الإمارات ومكتب الأمم المتحدة في مقديشو بالإضافة إلى القضايا ذات الإهتمام المشترك.
وكان السفير الإماراتي شارك أيضا منتصف الأسبوع الجاري في اجتماع مع مبعوث الرئيس الصومال للشئون الانسانية ومواجهة الجفاف عبد الرحمن عبد الشكور ورسمي ومدير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية السفيرة سامانثا باور،
وقبلها التقى السفير العثمان الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء ورئيس مجلس الشعب في البرلمان الاتحادي الصومالي، الشيخ آدم محمد نور “مدوبي”، بالاضافة إلى لقاء قيادات ووزراء ومسئولين رفيعين في الحكومة الصومالية، وذلك في إطار التحركات الايجابية التي يقودها السفير الاماراتي لتعزيز وتطوير العلاقات الثنائية بين الصومال والامارات في مختلف المجالات، وتنفيذا لتوجيهات رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد الذي وجه بدعم الصومال وشعبه والوقوف الى جانبه وإسناده في كل المجالات والمساهمة الفعالية في التخفيف من آثار الجفاف الكارثي التي يضرب البلاد.
التنسيق الدائم مع الأطراف الدولية الفاعلة:
وحول ذلك تقول الباحثة في الشأن الإفريقي د.أمينة العريمي في تصريحات خاصة لـ”الصومال اليوم”: أن الحراك الإماراتي اليوم في الصومال يأتي في ضوء حرص دولة الإمارات على عدم العودة لمربع الخلافات السياسية مع الصومال وإدراك “أبوظبي” لأهمية “مقديشو” في الإستراتيجية الدولية والإقليمية.
وأكدت العريمي ان الحراك “الإماراتي” اليوم يحتاج إلى التنسيق الدائم مع أهم الأطراف الدولية الفاعلة في المشهد الصومالي “الولايات المتحدة” ليضمن إستمراره وبقائه حتى وإن تبدلت الوجوه في “فيلا صوماليا” وتناقضت الرؤى السياسية الحاكمة على مقدرات ومستقبل الشعوب.
وأضافت الباحثة الإماراتية في الشأن الإفريقي” تدرك دولة الإمارات بأن التوتر الذي ساد العلاقات الصومالية الإماراتية منذ عام 2018 إنعكس سلباً على الواقع السياسي بين الدولتين وأمتد ذلك الخلاف إلى المكون الشعبي الصومالي الذي تبنى خطاً بدا ناقماً على الوجود الإماراتي في القرن الإفريقي عززه إنفتاح دولة الامارات على إقليم “صوماليلاند” الإنفصالي والذي إعتبرته “مقديشو” محاولة لتقويض الأمن والسيادة الوطنية، إلا أن تغير أشرعة السياسة في السواحل الصومالية والتي نتج عنها وصول الرئيس “حسن شيخ محمود” لرأس السلطة أوقفت حالة “اللاسلم” المُعلنة بين “مقديشو” وأبوظبي”.
وتابعت الدكتورة أمينة العريمي:” تتطلع دولة الإمارات إلى تطوير دبلوماسيتها وعدم حصرها في نطاق الإغاثة الإنسانية بل تسعى “أبوظبي” إلى تعزيز حضورها في الساحة الصومالية في شتى المجالات بعد تجاوز مرحلة الخلاف السياسي، إلا أنني أرى بأن نجاح ذلك الحضور يحتاج إلى تأهيل ودراية وافية بالملفات السياسية الصومالية قبل الخوض فيها والإطلاع على تناقضاتها الحادة التي قد تبدو مبهمة للذهن الخليجي عامة مع قناعتي الكاملة بأن الدور الخليجي لن يكون مؤثراً ولن يقلب موازين المعادلة السياسية في القارة الإفريقية إلا إذا تم تمريره عبر قناة دولية”.
واختتمت الباحثة العريمي تصريحها لـ”الصومال اليوم” قائلة: تدرك “صومال حسن شيخ محمود” بأن تبنيها لسياسة خارجية “مرنة” مع كافة الأطراف هو ما سيدعم إستقرار البلاد الذي لو تحقق سيمهد الطريق لبدء تعزيز مسيرة التنمية التي تحتاجها صومال المستقبل”.
التحديات الإنسانية:
الجدير بالذكر أن دولة الإمارات تعد من أبرز الدول الداعمة والمساندة للصومال، وتلعب دورا فعّالا في دعم الصومال وشعبه وتقديم المساعدات الإنسانية المتواصلة دون توقف، سعيا منها لتحسين الظروف المعيشية للسكان وتعزيز قدرات الحكومة على التعامل مع التحديات الإنسانية التي تواجه الصومال.
وتعد الإمارات أول دولة تستجيب للاستغاثة التي أطلقها رئيس الوزراء الصومالي محمد حسين روبلي مطلع العام الجاري لإغاثة الشعب الصومالي المنكوب جراء الجفاف فأعلنت الامارات مطلع العام الجاري إقامة جسر جوي الى الصومال وقدمت أطنانا من المساعدات الغذائية.
تطور لافت في العلاقات:
ومنذ تولي الرئيس الجديد للصومال حسن شيخ محمود منتصف مايو الماضي، شهدت العلاقات بين الإمارات والصومال تطورا ملحوظا، حيث اعلن الرئيس محمود تصحيح المسار الذي شوهه سلفه محمد عبدالله فرماجو، الذي عزل الصومال عن محيطه العربي وسعى جاهدا لاستفزاز وابتزاز أصدقاء الصومال، بانحطاط أخلاقي وغباء سياسي أغرق البلاد في ظلام العزلة طيلة خمس سنوات وهي فترة توليه الرئاسة.
واختار الرئيس حسن شيخ دولة الإمارات لتكون محطته الخارجية الاولى، بعد انتخابه رئيسا، وأكد خلال تلك الزيارة على عمق العلاقات بين الصومال والإمارات، واهمية الدور الإماراتي في دعم الصومال، لإدراكه أن تحسين العلاقات معها سيكون له الأثر البالغ في نهضة وتعمير وتطوير الصومال، وهي الزيارة التي يرى مراقبون أنها تؤكد اهتمام الرئيس الصومالي بتعزيز العلاقات مع دولة الإمارات.
ولقيت تلك الزيارة ترحيبا كبيرا من الجانب الإماراتي حيث استقبله الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، وأكد دعم دولة الإمارات لكل ما يحقق تطلعات الشعب الصومالي إلى التنمية والاستقرار والازدهار وبناء مستقبل أفضل لأبنائه يسوده السلام والرخاء والإزدهار، وهو ما يؤكد عمق العلاقات الأخوية بين الصومال والإمارات.
وتوجت زيارة الرئيس الصومالي للإمارات ولقائه بالشيخ محمد بن زايد، بالاتفاق على مبادرات إماراتية تُسهم في دعم الشعب الصومالي، بدءا من منحة 20 مليون درهم لمواجهة ملف الجفاف، وتسهيل إجراءات دخول المواطنين الصوماليين إلى دولة الإمارات، بالإضافة إلى الدعم الصحي عبر إعادة افتتاح “مستشفى الشيخ زايد” في العاصمة مقديشو والذي يعد نموذجا من نماذج الأعمال الخيرية لدولة الإمارات في الصومال حيث كانت خدمات المستشفى الصحية تقدم مجانا.
إزالة آثار التوتر:
وعودة على التحركات واللقاءات المكثفة التي يجريها السفير الإماراتي بالقيادات العليا لدولة الصومال، أكد مراقبون سياسيون ان تلك اللقاءات وعلى تلك المستويات الرفيعة تأتي في إطار إزالة آثار التوتر الذي شهدته العلاقة خلال فترة حكم فرماجو خاصة بعد أزمة احتجاز الأموال الإماراتية في مطار مقديشو عام 2018 وهي أموال قدمتها الإمارات دعما للجيش الصومالي، وحاول نظام فرماجو حينها جاهدا تعكير صفو العلاقة المتينة بين الصومال والإمارات بمختلف الطرق.
ويعول سياسيون ومراقبون للشأن الصومالي، كثيرا على سياسة الرئيس الصومالي الحالي حسن شيخ محمود ذات التوجه الانفتاحي على العالم في تحقيق مزيد من التقدم والتطور في علاقة بلاده بدولة الإمارات المتحدة مع ما تتمتع به هذه العلاقة من خصوصية شديدة، ومن المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة مزيدا من المشروعات المشتركة خاصة في المجالات السياسية والأمنية إضافة إلى التوسع في الإستثمارات التنموية المهمة بما يحقق الإزدهار المنشود للشعب الصومالي ويكفل المصالح المشتركة للطرفين.