الاقتصاد الصوماليالرئيسية

المصارف تُبقي التيارات الجهادية على قيد الحياة “تفاصيل نادرة عن تمويلات حركة الشباب الصومالية”

تحمل الجماعات الإرهابية في العديد من مناطق العالم وخاصة في الشرق الأوسط وأفغانستان، نفس الجينات، التي تحملها حركة الشباب المتشددة في الصومال وأجزاء واسعة من أفريقيا، والتي يبدو أنها دأبت على استخدام البنوك لتمويل أنشطتها إلى جانب أعمالها الأخرى الخارجة عن القانون لتوفير التمويلات.

ويؤكد الخبراء في مجال مكافحة الإرهاب والجماعات الإسلامية المتشددة أن سبب تسرب العناصر والسلاح وحتى التعليمات القيادية التي تصل إلى الفروع في أنحاء عديدة من أفريقيا، هو الضعف الأمني الكامن في دول الشمال الأفريقي والتي من خلالها تصل المعدات والعناصر والتوجيهات إلى مالي ومنها إلى نيجيريا وربما إلى أماكن أخرى.

وهذا الأمر استدعى تتبع حركة نشاط الجماعات المتطرفة ومن بينها حركة الشباب، والتي استطاعت أن تمتلك أدوات لتوفير المال اللازم للبقاء على قيد الحياة، حيث تحارب هذه الجماعة منذ سنوات الحكومة الصومالية المعترف بها دوليا من أجل تطبيق الشريعة الإسلامية في الدولة التي تسودها الفوضى.

وفي أحدث حلقات هذه الملاحقات ما كشف عنه تقرير حديث للأمم المتحدة، والذي أظهر تفاصيل نادرة عن تمويلات حركة الشباب وكيف أنها تنقل الملايين من الدولارات عبر الجهاز المصرفي الرسمي ويبدو أنها تستثمر في قطاعي الأعمال والعقارات بشكل بعيد عن الأنظار، في إشارة إلى كونها تقوم بغسل الأموال.

ولم يكن مستغربا أن الحركة تعمل على هذا الأمر منذ سنوات، فقد أكد التقرير، الذي أعدته لجنة العقوبات المختصة بالصومال في الأمم المتحدة، أن «حركة الشباب لا تزال في وضع مالي قوي وتولد فائضا كبيرا في الميزانية يستثمر بعضه في شراء العقارات وفي الأعمال التجارية في مقديشو».

واعتاد المتشددون الصوماليون المرتبطون بتنظيم القاعدة على تنفيذ تفجيرات وشن هجمات داخل البلاد. كما قتلوا المئات من المدنيين في كينيا وأوغندا. وفي وقت سابق من العام الجاري قتلت حركة الشباب ثلاثة أميركيين في قاعدة عسكرية أميركية في كينيا.

وقال حسين شيخ علي مستشار الأمن الوطني السابق في الصومال مؤسس معهد هيرال في مقديشو إن «رجال الأعمال يخشون رفض طلبات حركة الشباب خشية أن يتعرضوا للقتل». وأوضح أن الجماعة تتميز بكفاءة هائلة في جمع المال في مختلف الصناعات وأنحاء البلاد «ونحن نعلم أن لديها فائضا ماليا ونعتقد أنها ربما ترسل بعض المال لتنظيم القاعدة».

ويتضمن تقرير الأمم المتحدة تفاصيل عن حسابين مصرفيين لدى بنك سلام الصومالي الذي تأسس عام 2009 كأحد أنشطة مجموعة شركات هرمود، الأمر الذي يثير تساؤلات حول قدرة الصومال على إنفاذ قانون صدر عام 2016 بهدف الحد من تمويل الإرهاب.

وقال المركز المختص بمتابعة البلاغات المالية في الصومال، والذي يشرف على قوانين مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إنه يحقق في الاتهامات الموجهة لبنك سلام، بتحويل حوالي 1.7 مليون دولار عبر أحد الحسابات خلال فترة عشرة أسابيع حتى منتصف يوليو الماضي، مشيرا إلى أن الحساب أنشئ في ما يبدو لاستقبال أموال الزكاة.

وتسيطر حركة الشباب التي لها نحو خمسة آلاف مقاتل على المدن والقرى في جنوب الصومال غير أن جواسيسها ومقاتليها يعملون في مختلف أنحاء البلاد. وتشير تقديرات إلى أن حجم إنفاق الحركة في العام الماضي بلغ نحو 21 مليون دولار وتم تخصيص ربع هذا المبلغ لوحدة الاستخبارات التابعة للحركة واسمها أمنيات.

كما تدير الحركة محاكمها الخاصة، فقد قال رجل أعمال لمحققين إن المحاكم استدعته هذا العام وأمرته بدفع أكثر من 100 ألف دولار زكاة بناء على تقييم لنشاطه قبل مثوله أمامها. وقدم رجل الأعمال الذي لم يتم الكشف عن هويته إيصال إيداع مصرفي وإيصالا من حركة الشباب للمحققين لإثبات دفع المبلغ.

وتحتفظ حركة الشباب بسجل للمواطنين يتضمن تقييما ماليا للأفراد والأعمال، إذ خلصت تحقيقات لجنة العقوبات الأممية إلى أن حسابا آخر، يبدو أنه كان لجمع الرسوم المفروضة على رجال الأعمال الذين يستخدمون مرفأ مقديشو، شهد تحويل 1.1 مليون دولار من منتصف فبراير حتى نهاية يونيو.

وتضمن الحساب إيداعا نقديا بمبلغ 25 ألف دولار قدمه شخص تم تعريفه في الوثائق بثلاثة حروف. وشهد الحسابان إجمالا أكثر من 128 صفقة تتجاوز قيمة التحويلات فيها حد العشرة آلاف دولار، وهو ما يجب أن يؤدي تلقائيا إلى إخطار المركز المسؤول عن البلاغات المالية، والذي قالت رئيسته أمينة علي لرويترز إن «كل الخطوات اللازمة اتخذت».

ويفحص تقرير لجنة العقوبات في الأمم المتحدة واحدا من عشرات الحواجز الأمنية التي تقيمها حركة الشباب قال مسؤولون سابقون في الحركة للمحققين إنها كانت تدر ما بين 1.8 مليون و2.4 مليون دولار سنويا رغم أن القوات الصومالية المدعومة من الولايات المتحدة تهاجم أحيانا الحواجز الأمنية التابعة للجماعة المتطرفة لقطع مواردها.

وفي ميناء كيسمايو الجنوبي الخاضع لسيطرة الحكومة يتم إرغام الشركات والأعمال التجارية على دفع ما بين 300 و600 دولار شهريا للحركة بناء على حجم نشاطها، حيث أشار خبراء اللجنة الأممية إلى أن ذلك يمكن أن يدر سنويا حوالي ستة ملايين دولار سنويا من كيسمايو وحدها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق