الصومال اليوم _ تقرير خاص
يدرك الرئيس الصومالي الجديد حسن شيخ محمود جيدا إن نجاح فترة رئاسته للبلاد ترتكز على تحسين علاقة الصومال بمحيطه، وبناء علاقات استراتيجية مع الخارج، وتصحيح المسار الذي شوهه سلفه محمد عبدالله فرماجو، الذي عزل الصومال عن محيطة العربي وسعى جاهدا لاستفزاز وابتزاز أصدقاء الصومال، بانحطاط أخلاقي وغباء سياسي أغرق البلاد في ظلام العزلة طيلة خمس سنوات وهي فترة توليه الرئاسة.
ويدرك الرئيس حسن شيخ أن دولة الإمارات العربية المتحدة هي القلب النابض للجسد العربي ومحور ارتكاز النهضة، وتحسين العلاقات معها سيكون له الأثر البالغ في نهضة وتعمير وتطوير الصومال، فاختارها لتكون محطته الأولى خلال زيارته الخارجية التي تعد الأولى له منذ انتخابه رئيسا للصومال منتصف مايو الماضي.
ووسط احتفاء رسمي كبير واستقبال مميز وصل الرئيس حسن شيخ محمود إلى أبوظبي عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة يوم الأحد، وهي الزيارة
التي يرى مراقبون أنها تؤكد اهتمام الرئيس الصومالي بتعزيز العلاقات مع دولة الإمارات.
تصحيح المسار:
وأكد مراقبون للشأن الصومالي ان زيارة الرئيس حسن شيخ محمود إلى دولة الإمارات تحمل دلالات عميقة لحرص الرئيس محمود على دفن سياسة الرئيس السابق محمد عبدالله فرماجو، وفتح صفحة جديدة مع دولة الإمارات.
المراقبون السياسيون يؤكدون أيضا إن اختيار الرئيس حسن شيخ لدولة الإمارات كأول وجهة خارجية له يعكس حرصا منه على تصحيح مسار العلاقات الصومالية – الإماراتية التي تضررت بشكل كبير خلال عهد الرئيس السابق محمد عبدالله فرماجو، والذي تعمد استعداء الإمارات متجاهلا الدعم الكبير الذي أغدقته على الصومال طيلة سنوات طويلة، وحاول فرماجو إشعال فتيل الصراع بينهما أكثر من مرة وما حدث العام 2018 في مطار مقديشو من احتجاز لأموال إماراتية مخصصة لدعم الجيش الصومالي الا خير دليل وشاهد على تعمد فرماجو تعطيل العلاقات بين البلدين لصالح قوى إقليمية وفي مقدمتها قطر، وهي العملية التي كادت أن تؤدي إلى مالايحمد عقباه لولا الحكمة الإماراتية والدهاء الدبلوماسي الذي تتميز به الإمارات فتعاملت مع الموقف بذكاء وحكمه وحنكه دبلوماسية افشلت مخطط فرماجو ومن ورائه داعميه الذين يكنون العداء لدولة الإمارات،.
صفحة جديدة:
مراقبون للشأن الصومالي قالوا أن زيارة الرئيس حسن شيخ محمود إلى الإمارات من شأنها أن تدشن صفحة جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين، حيث يحرص الرئيس محمود على استعادة دفء العلاقات مجددا مع الإمارات لدعمه في جهود استعادة استقرار الصومال، الذي يواجه تحديات اقتصادية وسياسية وأمنية كبيرة، والتي تفاقمت كثيرا في عهد فرماجو.
ومنذ انتخابه رئيسا للبلاد يبدي الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود اهتماما كبيرا لتحسين العلاقات مع الإمارات، ويؤكد مراقبون إن القيادة الصومالية الجديدة في عهد الرئيس حسن شيخ محمود تتخذ موقفا إيجابيا تجاه دولة الإمارات وتحرص على بناء علاقات قوية ومتينة معها لتعزيز الشراكة والتعاون في كافة المجالات.
وكان شيخ محمود قد تعهد خلال حفل تنصيبه رسميا رئيسا للبلاد، في التاسع من يونيو الجاري، بالعمل على تجسيد الشعار الذي رفعه أثناء حملته الانتخابية “صومال متصالح مع نفسه ومتصالح مع العالم”، وهو شعار أعلن فيه مقاطعة سياسات الرئيس السابق فرماجو، والتي كلفت الصومال الكثير.
دولة الإمارات قابلت التوجه الصومالي الجديد بترحاب شديد، وتعهدت بمضاعفة دعمها للصومال ومساعدة هذا البلد الافريقي المنهك، على الوقوف مجددا وتنميته واستقراره، وأوفد الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد، وزير الدولة الشيخ شخبوط بن نهيان بن مبارك آل نهيان لتمثيله في مراسم تنصيب الرئيس شيخ محمود التي تمت في التاسع من يونيو الجاري.
دعم متواصل:
وتعد الإمارات من أكثر الدول الداعمة للصومال في مختلف المجالات، وهي الدولة الأولى التي استجابت لنداء رئيس الوزراء الصومالي السابق محمد حسين روبلي لإنقاذ البلاد من الجفاف فمدت الإمارات جسورا جوية وبحرية متواصلة لدعم الشعب الصومالي بأطنان من المساعدات الغذائية لمواجهة الجفاف.
وفي مايو/أيار الماضي، أعاد الصومال 9.6 مليون دولار إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، كان نظام الرئيس السابق محمد عبدالله فرماجو احتجزها في أبريل/نيسان 2018 التي قدمت كدعم مالي إماراتي للجيش الصومالي، وسبقها اعتذار صومالي رسمي لدولة الإمارات على تلك الحادثة، وانتهت فصول أزمة تلك الأموال مطلع العام الجاري بعدما قدم رئيس الوزراء الصومالي السابق روبلي اعتذارا رسميا وعلنيا لدولة الإمارات.
وتراوح الدعم الإماراتي للصومال بين دعم الاحتياجات الإنسانية والتنموية من جهة، ومن جهة أخرى تعزيز القدرات الدفاعية للصومال من خلال العمل على رفع جاهزية الجيش والأجهزة الأمنية في مواجهة التحديات المرتبطة بالتنظيمات الجهادية، وخاصة حركة شباب الصومال.
وكانت الإمارات ولا تزال مهتمة بتقديم الدعم للصومال في ظل ما يعانيه من أزمات أمنية وسياسية، والشواهد على ذلك كثيرة، ويؤكد مراقبون للشأن الصومالي أن شيخ محمود سيسعى جاهدا خلال هذه الزيارة الجارية إلى الإمارات لنزع شوائب الماضي القريب والتأسيس لعهد جديد قائم على الود والإخاء وتبادل المصالح وحسن التعامل ودفن سياسة فرماجو الذي استمر في عدائه لدولة الإمارات طيلة فترة توليه الرئاسة، حيث كان يراهن على دعم تركيا وقطر للتجديد له وتنصيبه رئيسا لولاية ثانية، الا ان رياح التغيير جرفته وأحبطت مؤامراته، وتم الإطاحة به منتصف مايو الماضي، ومنذ ذاك التاريخ الذي طوى فيه الصومال صفحة فرماجو، أصبحت الطريق معبدة من جديد أمام عودة العلاقات الإماراتية – الصومالية إلى طبيعتها وإلى درجات أكثر عمقا.