رغم اكتمال التوصل إلى اتفاق سياسي نهائي وبروتوكول تنفيذي بجدول زمني حول إجراء الانتخابات الصومالية في موعدها، إلا أن هناك عددا من التحديات لا تزال تقف عائقا ما ينذر بعودة الأمور إلى المربع صفر.
وكان قد تم التوافق على إجراء الانتخابات وفق نظام عشائري معروف بـ4.5 بين الحكومة الفيدرالية والولايات الإقليمية في الفترة ما بين الفترة 17 سبتمبر/أيلول الماضين وبداية أكتوبر الحالي في مقديشو.
لكن الواقع الحالي يشهد تطورات متسارعة تنذر بأزمة عودة الخلافات السياسية إلى الواجهة وتقوض التوافق بين القادة الصوماليين دون الحاجة إلى وساطات دولية وإقليمية لضبط إيقاع الحوار السياسي.
تحركات دولية
ومن البوادر التي تشير إلى قرب عودة الوضع السياسي في الصومال إلى ما يسمى بـ”المربع صفر” عودة التحركات الدولية إلى المشهد حول الانتخابات.
وهذه التحركات تنذر بوجود خلاف وتنافر حول الرؤى بين القادة الصوماليين الذين توصلوا للاتفاق ما يهدد بعدم تنفيذ الاتفاق، رغم أن المجتمع الدولي يسعى لاحتواء القضية.
كما أن هناك احتمال قائم للمماطلة من قبل الحكومة ويريد التأكيد عليها وتجديد التزامها بتنفيذ الاتفاق وإجراء الانتخابات في موعدها.
وناقش رئيس الوزراء رئيس الوزراء الصومالي محمد حسين روبلي مع مبعوثي المجتمع الدولي التزامه بتنفيذ بنود الاتفاق السياسي حول الانتخابات وإجرائها في موعدها المحدد لضمان الاستقرار السياسي.
وعلى صعيد متصل، وصل الأربعاء، وفد دولي إلى مدينة بيدوا، العاصمة المؤقتة لولاية جنوب غرب الصومال، حيث التقى الوفد رئيس الولاية عبدالعزيز محمد حسن لفتاغرين، وناقش الطرفان قضايا التنمية والأمن والعملية السياسية الرامية في البلاد، وكيفية سير الاستعدادات الخاصة بها.
ويعني مصطلح “المجتمع الدولي” في الوضع السياسي بالصومال كيانات ودول تساعد البلاد وتحفظ المكاسب التي حققتها البلاد في العقدين الماضيين مثل الأمن وبناء الدولة والتداول السلمي للسلطة بالبلاد في كل 4 سنوات وهي الأمم المتحدة، والاتحادين الأفريقي والأوروبي وبريطانيا وأمريكا.
“غدو”.. لعبة القط والفأر
غدو.. هي محافظة صومالية تقع جنوبي البلاد وتتبع إداريا بولاية جوبالاند وعاصمتها مدينة غربهاري.
وفي شهر أغسطس/آب العام الماضي، نشرت الحكومة الفيدرالية في مقديشو قوات من الشرطة العسكرية وطردت الإدارة المحلية التابعة وعينت إدارة موالية لها على إثر خلاف سياسي بين رئيس الولاية أحمد مدوبي وفرماجو.
وأضحت تلك القضية معروفة إعلاميا بالصومال بـ”لعبة القط والفأر” التي لم تجد حلا شاملا حتى الآن.
وأفضى الاتفاق السياسي إلى أن تكون مدينة غربهاري ضمن الدوائر الانتخابية وخصص لها 16 مقعدا من مجلس الشعب الصومالي.
لكن رئيس الولاية أحمد مدوبي، وضع، في خطاب له أمام افتتاح الدورة الجديدة للبرلمان المحلي، شروطا ثقيلة على إجراء الانتخابات التشريعية في هذا الإقليم.
وتضمنت تلك الشروط: إجلاء القوات الحكومية التي تحارب وعودة الإدارة المحلية الموالية له إلى المدينة، وحل الإدارة المحلية التي شكلها فرماجو وإدارة انتخابات وزارة الداخلية ومفوضية الانتخابات للولاية .
لكن رد مقديشو على تلك التصريحات لم يكن أقوالا بل جاء أفعالا، حيث نشرت الحكومة الفيدرالية دفعتين جديدتين من الشرطة العسكرية وقوات الاستخبارات الصومالية في الإقليم خلال أسبوع واحد وهو ما فسره المراقبون بـ”صب الزيت على النار” وتهديدا على التوافق السياسي حيال الانتخابات ما يؤدي لتأجيلها عن الموعد.
انتخابات هيرشبيلي
هيرشبيلى.. هي أحدث الولايات الإقليمية في الصومال، ويعود تأسيها لشهر أكتوبر/تشرين الأول عام 2016، وتتكون من محافظتين هما شبيلي الوسطى، وهيران، وتمتد جنوب ووسط البلاد وتسيطر حركة الشباب الإرهابية على أكثر مناطقها.
كما بتلك الولاية تجاذبات العشائرية التي تعصف بكيان الولاية التي تستعد لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية.
وتدخل الولاية الاستحقاق الانتخابي المحلي خلال شهري أكتوبر/تشرين الأول الجاري ونوفمبر المقبل، دون توافق داخلي ووسط تهديدات أمنية تنذر باختطاف نظام عبد الله فرماجو للانتخابات.
ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تعثر مسار التوافق السياسي القائم والاتفاق السياسي حول الانتخابات وذلك بانسحاب رئيس الولاية محمد عبدي واري، المعراض لسياسات مقديشو تجاه إدارة ولايته.
دلائل على وجود التحديات
وينص البروتوكول التنفيذي للاتفاق السياسي على تعيين لجنتي الانتخابات على المستوى الفيدرالي والإقليمي إضافة إلى لجنة حل الخلافات وتسوية النزاعات ما بين 10-20 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وبعد مرور 4 أيام لم يتم تعيين لجنة واحدة من اللجان الثلاثة، فيما تزداد الخلافات بين الطرفين في قضايا هامشية تضعها كل جهة على رهان تنفيذ الاتفاق.
من جانب آخر، وبعد مرور 21 يوما على منح البرلمان الصومالي الثقة لرئيس الوزراء الصومالي الجديد محمد حسين روبلي، لم يطرح تشكيلته الوزارية التي من المنتظر أن تقود سير العملية الانتخابية.
ومن الشواهد أيضا الجمود القائم وعدم كسر الحواجز للتوصل إلى توافق مقنع بين الحكومة الفيدرالية والولايات الإقليمية في قضيتي غدو مع جوبلاند وانتخابات هيرشبيلي مع رئيس الإدارة محمد عبدي واري.