الرئيسيةالصومال اليومالمجتمع الصومالي

الإمارات في الصومال.. حضور إنساني ودهاء دبلوماسي

الصومال اليوم / تقرير – خاص

تعد العلاقات الإماراتية – الصومالية ضاربة بجذورها في عمق التاريخ الإنساني؛ حيث ظلت النظرة الإماراتية الإنسانية دوماً سابقة على أية قواعد دبلوماسية في مسار علاقاتها مع الصومال، على الرغم مما شاب تلك العلاقات من انتهاك للأعراف والأخلاق الدبلوماسية أيام النظام السابق بحقد محمد عبدالله فرماجو، الذي عمد لتوتير العلاقة بين البلدين لأكثر من مرة.
ورغم ما حدث في إبريل/ نيسان 2018 بحماقة دبلوماسية وغباء سياسي من تصرفات غير محسوبة عقب قيام نظام الرئيس المنتهية ولايته فرماجو،
بانتهاك صارخ للأعراف الدبلوماسية والأخلاق وشق صف الاخوة، بعد توجيه قواته بمصادرة مساعدات مالية إماراتية كانت مخصصة لصرف رواتب قوات الجيش الصومالي والبالغة 9 ملايين و600 ألف دولار، ورغم ان هذا التصرف الأحمق كان كفيلا بتدمير العلاقات المتجذرة؛ بين البلدين، لكن الحكمة الاماراتية كانت حاضرة، لأنها تعي ان ما حدث لا يمثل الصومال وشعبه وانما تصرف فردي يمثل فرماجو نفسه الذي كان ينفذ أجندة عدائية في المنطقة، فكانت عبقرية الدبلوماسية الإماراتية الهادئة والمترفعة واعية ومدركة لذلك، فصمّت آذانها عنه، حتى جاء الرد صومالي باعتذار رسمي وشعبي على أعلى مستوى، لتتجلى الرحابة الإماراتية مرة أخرى مستوعبة دعوة رئيس الوزراء الصومالي محمد حسين روبلي بإعادة جريان نهر المساعدات إلى هذا البلد الذي أنهكه الفقر والاحتراب الأهلي.
تقدم الصومال باعتذار رسمي على لسان رئيس الحكومة محمد حسين روبلي ولحقه توجيه للرئيس الصومالي الجديد حسن شيخ محمود بإعادة الأموال التي تم مصادرتها، عندها تدخلت الحكمة الاماراتية وكرم رئيس دولة الامارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد الذي وجه بإعادتها كهدية من الامارات للحكومة الحالية، ولم يكتفي بذلك بل زاد بتوجيهات متلاحقة لإقامة جسور انسانية وتقديم مساعدات سخية للشعب الصومالي ومازال حتى اليوم دون توقف.

ازدهار العلاقة:

اليوم كانت الإمارات حاضرة وبقوة في حفل تنصيب الرئيس المنتخب حسن شيخ محمود، فتقدمت بالتهنئة والمباركة، مؤكدة التزامها بمواصلة التقدم والدعم والمساندة للشعب الصومالي.
وقال الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان، وزير الدولة الإماراتي، الذي حضر حفل التنصيب نيابة عن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، قال في كلمته “نتمنى دوام التقدم والازدهار للصومال ونتطلع لتعزيز العلاقات معه”.
وأضاف الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان: “دولة الإمارات تؤكد التزامها بمواصلة التقدم والدعم والمساندة للشعب الصومالي”، مضيفا: “نرحب بالانتقال السلمي للسلطة في الصومال”.

, الإمارات في الصومال.. حضور إنساني ودهاء دبلوماسي


وقال “نؤكد تضامننا مع الصومال لمكافحة الإرهاب وإرساء السلم، ونتمنى دوام التقدم والازدهار للصومال ونتطلع لتعزيز العلاقات معه”.
واستطرد: “أنقل تحيات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات إلى الرئيس الصومالي الجديد”.
 الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، من جانبه حمل الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان، تحياته إلى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، معرباً عن خالص شكره وتقديره لمشاركة دولة الإمارات اليوم في مراسم التنصيب، متمنياً للدولة دوام التقدم والازدهار.

الحكمة الاماراتية وعبقرية الدبلوماسية:

لم يكتفي فرماجو بما حدث من تصرف أحمق في مطار مقديشو، بل حاول بكل السبل استفزاز الامارات لقطع حبال الود والأخوة وقطع العلاقات من طرف واحد، فأعلن رفضه لاتفاق شركة موانئ دبي العالمية مع أرض الصومال لتطوير ميناء بربرة في تصرف غير مبرر، ورغم ذلك ظلت الحكمة الاماراتية قائمة وحاضرة في كل موقف، ولم تنقطع استثمارات ومساعدات الإمارات لأرض الصومال وللصومال أيضا.
واستمر الدعم الاماراتي السخي للصومال بشكل متواصل ومنقطع النظير انطلاقاً من رسالة الإمارات الإنسانية ومسؤوليتها تجاه أصحاب الحاجات وتحقيقاً لتطلعاتها في تحسين ظروف الأخوة الضعفاء والمحتاجين، ومد جسور التعاون والعطاء مع الشعوب الشقيقة والصديقة كافة، وخصوصاً تلك التي تعاني وطأة الظروف وشظف العيش بدافع انساني اخلاقي محظ دون اي اعتبارات سياسية.

انتهاء فصول الأزمة:

وانتهت فصول الأزمة التي اختلقها وتعمدها فرماجو ونظامه العام 2018، انتهت مطلع العام الجاري بعدما قدم رئيس الوزراء الصومالي محمد حسين روبلي اعتذارا رسميا وعلنيا لدولة الإمارات، ويؤكد مراقبون سياسيون إن القيادة الصومالية الجديدة في عهد الرئيس حسن شيخ محمود تتخذ موقفا إيجابيا تجاه دولة الإمارات وتحرص على بناء علاقات قوية لتعزيز الشراكة والتعاون في كافة المجالات.

, الإمارات في الصومال.. حضور إنساني ودهاء دبلوماسي


ولم يتوقف دعم دولة الإمارات العربية المتحدة للصومال حتى في ظل الأزمة التي فجرها فرماجو، وظلت تقدم بسخاء دعما انسانيا للشعب الصومالي لمواجهة الجفاف والوضع الانساني المتفاقم، وكانت الإمارات الدولة الأولى التي استجابت لنداء واستغاثة رئيس الوزراء مطلع العام الجاري لمواجهة الجفاف وسيرت جسرا جويا وأخر بحريا لإيصال مساعدات انسانية عاجلة لإغاثة الشعب الصومالي المتضرر من الجفاف.
وفي خضم كورونا أيضا كانت الامارات حاضرة وبقوة إلى جانب الصومال حيث أرسلت أطناناً من المساعدات الطبية والإغاثية، ولم يغب الصومال عن الذاكرة الإماراتية، لما لهذا البلد من مكانة خاصة سواء من الناحية الإنسانية والإسلامية والأخوية، أو من الناحية الاستراتيجية التي يعززها موقع هذا البلد الفريد ووقوعه في منطقة ساخنة ومحط تكالب دولي شديد؛ حيث تعد منطقة القرن الإفريقي ذات بعد اقتصادي مهم لمنظومة الأمن الغذائي الخليجي وكذلك الأمن العسكري؛ بوصفها الحوض الخلفي لمنطقة الخليج العربي.. كما يصفها المراقبون السياسيون.

ردع المتلاعبين بسمعة وقيمة الصومال:

تدرك الصومال جيدا مكانة وحجم دولة الامارات، ودورها العميق والاستراتيجي بالوقوف إلى جانبها على مر التاريخ والحاضر، وأهميتها مستقبلا، فقدمت الاعتذار بشجاعة، تصويباً لخطأ فرماجو، وتقديرا لعمق العلاقة مع دولة الإمارات وأهميتها، ولما يجب أن تكون عليه العلاقات بين البلدين، وضمانا وإدراكا لعوائد حسن العلاقات معها التي عرّضها فرماجو لخطر التوتر أكثر من مرة.
وهو الاعتذار الذي وصفه محللون سياسيون خطوة رادعة للمتلاعبين بسمعة وقيمة الصومال، وهو التصرف الذي تلقته الإمارات بكثير من القبول والترحاب وسعة صدر تمثيلا للحكمة الاماراتية المعروفة، والدهاء الدبلوماسي، وحرصا على استمرار دعمها للصومال، فرحبت بدعوة رئيس وزراء الصومال روبلي لفتح صفحة جديدة من علاقات يسودها الاحترام المتبادل والتقدير للدور الإماراتي الإنساني والأخوي، فأكدت الإمارات استمرار عملية ترميم الجسور وإعادة اللحمة الأخوية بين البلدين، متعهدة بالعمل لتحقيق الاستقرار لهذا البلد الشقيق، ومساعدته لتحقيق الازدهار.
تاريخيا وحاضرا قدمت دولة الإمارات العربية المتحدة العمل الإنساني ومساعدة الشعوب والإسهام في نهضتها كأولوية، واعتنقت الدبلوماسية الإماراتية في الصومال مبدأ الحياد الإيجابي، وظلت على مبدأها بالوقوف على مسافة واحدة من كافة الأطراف التي ظلت تتصارع على الساحة الصومالية، وظل المبدأ الإنساني هو الحاضر والغالب دوماً على العلاقات الدبلوماسية للإمارات، وذلك ترسيخا لمبدأها ومنهجها في إتمام رسالتها الإنسانية الراسخة، لتكون دولة العطاء بسخاء دون مقابل فهمها هو الإنسان ومساعدته على النهوض، وهو مبدأ راسخ اتخذته الإمارات كمنطلق لسياساتها الخارجية منذ النشأة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق