الصومال اليوم – تقرير خاص
الفساد عندما يطفو للسطح وتتسرب منه الأموال المنهوبة تحت غطاء سياسي، يٌسقط هيلمانة الجبهة، وتركع معه سطوة الظلم والجور، ليصبح جاه السلطان وبالا عليه، فيُنكس رأسه ليدسه بالتراب خشية ألم القهر وملاحقة الضعفاء من المحكوم عليهم بالفقر والظلم والموت جوعا.
ومن زاد فساده على حده وجار ظلمه وانتهاكه أُصيب بالعار، وأصبح حقا على شعبه أن يحاكمه ويلاحقه لينتزع منه حقوقه، ويقتص بيده لما تعرض له، .. هذا هو حال الرئيس الصومال السابق محمد عبدالله فرماجو الان ومجموعته المغمورة بالفساد ونهب المال العام وارتكاب الجرائم ومختلف الانتهاكات بحق البلد والشعب، وفي مقدمتهم رئيس الحكومة السابق حسن علي خيري ورئيس المخابرات السابق رجل قطر في الصومال فهد ياسين.
لقد غادر فرماجو السلطة مرغما، مثخنا بالفساد والمال العام المنهوب، لتأتي قشة جمع التبرعات المزعومة لتقصم ظهره، وتفضح ما كان عليه من فساد ونهب لمال الشعب.
فساد وغسيل أموال فاضح:
يشهد الشارع الصومالي حاليا حملة انتقاد واسعة ولاذعة ضد الرئيس الصومالي السابق محمد عبدالله فرماجو، يشعلها مرتادو مواقع وشبكات التواصل الاجتماعي على خلفية تدشين حملة لجمع تبرعات لبناء منزل له يقودها مؤيدوه وهم أعضاء سابقين في إدارته اثناء فترة رئاسته بينهم المتحدث السابق باسم الرئاسة الصومالية وأحد المقربين منه.
ووجه ناشطون انتقادات لاذعة لـ”فرماجو” على خلفية الحملة المزعومة لبناء منزل له بعد مغادرته القصر، ووصفوها بأنها “حملة غسيل أموال”، واطلق عليها اخرون اسم “حملة استغفال الشعب”، مؤكدين ان الهدف الاساسي منها هو تبيض الأموال التي نهبها فرماجو من خزينة الدولة خلال السنوات الخمسة الماضية.
وأكد النشطاء “إن الحملة عملية وهمية وستار للتغطية على المال المنهوب، وما حدث هو ان “فرماجو” وزع مبالغ مالية على مؤيدين له وأمرهم بإعلان الحملة والتبرع بها له لبناء منزل ونشر الإيصالات على مواقع التواصل الاجتماعي، للإيهام بأن الشعب يتبرع حبا بفرماجو، وأنه رجل صالح ونزيه، لم تتلطخ يداه بالفساد ونهب المال العام اثناء توليه الرئاسة لدرجة انه لا يملك منزل وان الشعب هو من يبني له منزل حبا وتقديرا له”، وتساءل الناشطون “كيف يجمع شعب مغلوب على امره ومنكوب بالفقر والجوع والجفاف ويموت جوعا كل يوم، كيف يملك هكذا شعب كل هذه الاموال ليتبرعون بها وهم لا يجدون قوت يومهم وما يسد جوع اطفالهم؟”.
ووصفوا ذلك بالاسلوب الفاضح ومحاولة مكشوفة لتلميع صورة الرجل الغارق بالفساد والنهب، مؤكدين ان هذه الخطوة تهدف إلى إضفاء الشرعية على أموال تم الحصول عليها بصفة غير شرعية.
دعوة للتحقيق:
ودعا النشطاء الجهات المعنية للتصدي لما يحدث من حملة تبييض الأموال التي يقوم بها فرماجو وأنصاره، وفتح تحقيق جاد وعاجل حول الأموال المنهوبة من الخزينة العامة خلال السنوات الخمسة الماضية، إلى جانب الجرائم الأخرى التي ارتكبها فرماجو واركان حكمه ومجموعته وعلى رأسهم حسن على خيري رئيس الحكومة السابق وفهد ياسين رئيس المخابرات السابق، وهي جرائم جسيمة “قتل وتعذيب وإختفاء قسري وغيرها”.
وما كشفه تقرير المراجع العام الرسمي لعام 2021 فقط غيض من فيض فساد ونهب فرماجو ومجموعته، حيث أكد التقرير اختفاء أكثر من 150 مليون دولار في عملية واحده فقط خلال 2021، وفي تقرير أخر لعام 2020، تم حساب 287 مليون دولار فقط من أصل 685 مليونًا، ليختفي 398 مليون دولار في جيب فرماجو ومجموعته، وهكذا أصبح فرماجو واحد من أغنى الرجال في الصومال في ظرف خمس سنوات فقط، والان يلجأ للعاطفة ويحاول تلميع صورته واستمالة الشعب بما يسمى جمع التبرعات، وهو يدرك انها مجرد غطاء للأموال المنهوبة. بحسب الناشطين.
تبرعات بأموال منهوبة:
وعلق أحد الناشطين على الحملة قائلا” إنه أمر مثير للسخرية، فرماجو يمكنه شراء منطقة هودن بأكملها إذا أراد ذلك، هؤلاء الذين جمعوا الأموال من أجله يحاولون فقط التستر على سجلات فساده، وإلهاء عن المافيا، ودعاية للرجل من أجل الانتخابات المقبلة”.
الحملة التي تقترب الان من جمع مليوني دولار أمريكي، وفي زمن قياسي لم يتجاوز اليومين، هذه الأموال هي جزء من الأموال المفقودة من خزينة وحسابات الدولة خلال السنوات الماضية والتي بلغت أكثر من 60 مليون دولار خلال 2018-2021، وتأتي الحملة في ظل اتساع رقعة الفقر والجوع، والجفاف الذي يهدد ملايين الصوماليين بالموت جوعا وعطشا، وأكثر من نصف السكان يتهددهم الموت وبحاجة إلى تدخل اغاثي عاجل.
سياسيون صوماليون هم أيضا وجهوا انتقادات لفرماجو، ساخرين من حملته لجمع تبرعات، لبناء منزل في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة إنسانية حرجة أثرت على ملايين السكان، ألم يكن هذا الشعب المهدد بالموت جوعا أحق بجمع التبرعات؟” وهكذا تساءل السياسيون الذين تحدثوا مع محرر “الصومال اليوم”.
وأضافوا “هناك عائلات لا تجد ما تأكله، فأين الأولى بناء منزل لتشريف شخص أم إطعام مواطن جائع؟”، داعين في الوقت ذاته لأن يهب الجميع لمساعدة الأمهات اللآتي يعانين من الجوع والعطش والرضع وكبار السن الذين يتضورون جوعًا”.