ثغرات أمنية خلفها الانسحاب الأمريكي من الصومال، منحت حركة “الشباب” المجال لإعادة ترتيب صفوفها لتصبح “أكثر قوة وجرأة”.
هذا ما خلص إليه كبير المسؤولين العسكريين إلى أفريقيا بالبنتاجون، والطي اعتبر أن فرع تنظيم القاعدة في الصومال “أصبح أكبر، وأقوى، وأجرأ” منذ أمر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بخروج الـ750 جنديا من البلد الأفريقي نهاية 2020.
وفي تصريحات إعلامية، قال الجنرال ستيفن تاونسند، قائد القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا، من المقر الرئيسي للقيادة بمدينة شتوتجارت في ألمانيا، إن حركة الشباب الإرهابية استغلت الخلل السياسي في الصومال بعد انسحاب الولايات المتحدة لإعادة تنظيم صفوفها وتحسين قدراتها على الضرب في منطقة القرن الأفريقي، واجتياح قواعد العمليات المتقدمة التابعة للدول الأفريقية.
وعقب قرار الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن بإعادة القوات، وهو ما وصفه مسؤولون أمريكيون بخطوة للحفاظ على وجود مستمر في البلاد من أجل كبح التهديد الإرهابي، تجري واشنطن استعدادات لإرسال أقل من 500 جندي لمحاولة عكس التيار.
لكن يعتقد مسؤولون عسكريون أمريكيون أن قدرة حركة الشباب على شن هجمات معقدة تنامت بسبب الفجوة من عهد ترامب، ففي بداية مايو/أيار الجاري، هاجمت حركة الشباب قاعدة عمليات تابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال، على بعد حوالي 100 ميل من العاصمة مقديشو، ما أسفر عن مقتل 30 من قوات حفظ السلام خلال عملية إطلاق نار محتدم.
وكثف التنظيم هجماته قبل انتخابات هذا الشهر، بما في ذلك تفجير انتحاري قرب مطار العاصمة، والذي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن أربعة أشخاص وإصابة سبعة آخرين.
وقال تاونسند لـ”فورين بوليسي”، خلال مقابلة بمقر أفريكوم بقاعدة كيلي باراكس في شتوتجارت: “الشباب أصبحت أكبر وأقوى وأجرأ خلال الـ16 شهرا الماضية، منذ الانتهاء من إعادة التموضع خارج الصومال، ورأيناهم في الشهور الأخيرة يشنون هجمات لم تكن لديهم القدرة على تنفيذها في الثلاثة أعوام الماضية التي كنت موجودا هناك”.
وأثر عدم الوجود الأمريكي في الساحة على القوات الصومالية أيضا، بالرغم من وجود بعثة لقوات حفظ السلام في البلاد، وفي حين لم يقل تاونسند إن الجيش الصومالي أصبح “أقل كفاءة”، إلا أنه أشار إلى أن نموذج التدريب يحتاج إلى شركاء على الأرض لينجح.
وخرجت القوات الأمريكية بعد حوالي العام على شن حركة الشباب هجوما معقدا استهدف قاعدة ماندا باي الجوية بكينيا، في يناير/كانون الثاني عام 2020، مما أسفر عن مقتل ثلاثة أمريكيين.
وازدادت هجمات التنظيم بنسبة حوالي 30% بعد قرار ترامب بالانسحاب، بحسب إحصائية واحدة.
نقطة مضيئة:
رغم زيادة الهجمات التي تشنها الحركة الإرهابية، قال تاونساند إن عجز الشباب عن عرقلة الانتخابات الصومالية في مايو/أيار الجاري يمثل “نقطة مضيئة”.
والتقى توانساند مؤخرا مع الرئيس الصومالي المنتخب الجديد حسن شيخ محمود، الذي هزم الرئيس المنتهية ولايته محمد عبدالله فرماجو في تصويت برلماني، مما أنهى أزمة سياسية وقع الصومال بفخها لأكثر من عام.
لكن تواصل الشباب، التي يصفها تاونساند بـ”الذراع الأكبر والأثرى والأشد نشاطا فتاكا للقاعدة”، التأكيد على رغبتها في مهاجمة الولايات المتحدة.
ولا يعتقد البنتاجون أن التنظيم يتمتع بالقدرة على مواكبة طموحاته بعد، لكنه يرى أن لديه القدرة على ضرب القرن الأفريقي، حيث قتل حوالي 150 شخصا في هجوم على جامعة غاريسا الكينية عام 2015، وحادث تفجير شاحنة في مقديشو عام 2017 الذي راح ضحيته حوالي 600 شخص.
ومطلع مايو/أيار الجاري، جرى تداول مقطع فيديو تدعو فيه حركة الشباب لهجمات “الذئب المنفرد” في الولايات المتحدة و”الجهاد” ضد الأمريكيين والغربيين عالميا.
وقال تاونساند: “كان هذا قبل بضعة أسابيع، من الواضح أن لديهم النية، ويقولون ذلك على الملأ وعلانية، ويجب علينا الانتباه”.
وأشار تاونساند إلى أنه في 2019، كشفت الولايات المتحدة عن مؤامرة قضت فيها حركة الشباب أكثر من عامين لتدريب طيارين من أجل هجمات محتملة داخل الولايات المتحدة. لكن ذلك خلّف لدى تاونساند، الذي سيتقاعد قريبا، مزيدا من التساؤلات بشأن خفايا مخططات التنظيم.
وقال: “أتساءل، أولًا، هل أحبطنا المخطط بأكمله؟ هل كان هناك أكثر من الطيارين الاثنين الذين اكتشفناهم؟.. ثانيا، ما هي الخطط التي وضعوها خلال العامين ونصف ولا نعرف بشأنها؟”.