فرضت وقائع أفريقيا الغذائية ومتغيراتها الإنسانية الحاضرة والمتصاعدة وتأثيرات كوفيد 19 وغيرها من الأعباء، حتمية ضرورية لمواجهة نقص التغذية وتسريع وتيرة جهودها؛ حيث رصدت السياقات الأفريقية مؤشرات تغذية متدنية تمثلت في عدم تمكن 965 مليون شخص بما يعادل 75% من السكان من توفير نظام غذائي صحي.
جاء ذلك في دراسة أصدرتها مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان بعنوان “وقائع الأمن الغذائي في أفريقيا وتحولاته خلال الربع الأول من عام 2022… رؤية تقييمية”، وذلك علي هامش يوم أفريقيا الذي تحتفي به الدول الأفريقية في 25 من مايو احتفالا بذكرى تأسيس الاتحاد الأفريقي، الذي أنشئ بدوره في إيجاد حلول أفريقية للتحديات التي تواجه القارة.
وتناولت الدراسة رؤية تقييمية لشعار الإتحاد الأفريقي لعام 2022 الخاص بتعزيز المرونة في التغذية والأمن الغذائي في القارة الأفريقية، وقد أكدت الدراسة أنه بالرغم من جهود الاتحاد الأفريقي الذي يولي اهتماماً متزايداً للتنمية المستدامة التغذوية، إلا أنه لا يزل هناك أكثر من 25% من سكان أفريقيا أي 346 مليون يواجهون أزمة الأمن الغذائي من موريتانيا وبوركينا فاسو في الغرب إلى الصومال وإثيوبيا في الشرق، ولازالت معدلات سوء التغذية مرتفعة بشكل ملحوظ في كافة الأقاليم الأفريقية، لاسيما في الشرق الأفريقي الذي يضم 7 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي منهم 5.5 مليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد بواقع 1.6 مليون طفل في إثيوبيا وكينيا والصومال.
وتعقيباً على الدراسة، أكد أيمن عقيل؛ رئيس مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان والخبير الحقوقي الدولي، أنه وفي إطار الاحتفالات بيوم أفريقيا، وفي الوقت الذي نواجه فيه تحديات وعواقب كوفيد-19، ان هناك تسير 9 دول فقط من أصل 54 من الدول الأفريقية على المسار الصحيح لتخفيض نقص التغذية إلى 5% أو أقل بحلول عام 2025، والتي يمكن اعتبارها مؤشرات مخيفة تحتم على الدول الأفريقية ضرورة تفعيل الالتزامات القانونية والسياسية والحقوقية المعنية بالغذاء وربط أنظمة التغذية بالتغطية الصحية الشاملة، وما تضمه من أنظمة غذائية مستدامة وإمدادات لمياه الشرب وأنظمة حماية اجتماعية.
ونادي عقيل الدول الأفريقية كافة بأهمية تعزيز دور المؤسسات والحوكمة الرشيدة لتجنب مخاطر انعدام الأمن الغذائي، وعواقبه الصحية الخطيرة، والعمل على إفساح المجال أمام الشراكات مع أصحاب المصلحة والمجتمع المدني والقطاع الخاص للقيام بدورهم التنموي والاجتماعي على صعيد التغذية والأمن الغذائي من تقديم المساعدات والاستثمارات الغذائية والتثقيف الغذائي للجميع.
ومن جانبه أشار سيد غريب؛ الباحث في وحدة الشؤون الأفريقية والتنمية المستدامة بمؤسسة ماعت، أن التوقعات تنذر بمعاناة 25.3 مليون شخص من انعدام أمن غذائي حاد ومرتفع بحلول منتصف 2022. وأكد غريب على أهمية تعاون الدول الأفريقية وتكاتفها وزيادة الاستثمارات الغذائية والصحية سعياً وراء رفع درجات الاستجابة الصحية والعلاجية لمعدلات سوء التغذية والسمنة الهزال والمرتفعة، ولاسيما تجاه الفئات الأكثر ضعفاً هشاشة من اللاجئين والنازحين والمهاجرين والنساء والأطفال في كافة الدول الأفريقية.