تخطَّى الصومال مرحلة حرجة مع انتخاب الرئيس السابق حسن شيخ محمود رئيساً عاشراً للبلاد، بعد سنتين من انتهاء الفترة الرئاسية الدستورية للرئيس السابق محمد عبد الله فرماجو، وعقب أزمة سياسية كادت تعيد البلاد إلى مرحلة حرب أهلية بالكاد تجاوزتها، وما زالت تعاني نتائجها.
المحطة الانتخابية الأخيرة مثلت استحقاقاً رسمياً في محاولة لإعادة البلاد إلى مسارها الطبيعي، وإعادة البناء وبسط الأمن ولمّ شمل الشعب الصومالي وكياناته السياسية المتعددة.
انتخابات في ظل وضع أمني هشّ:
واجهت العاصمة الصومالية ومناطق عدة جنوب البلاد تصاعداً في العمليات الإرهابية، في ظل استفادة “حركة الشباب” المتطرفة من تصاعد التوتر السياسي على مدى عامين، وانتقال الخلافات والصراع السياسي إلى داخل أجهزة الدولة ممثلة برئيس الدولة ورئيس وزرائه، والتي بلغت حد مواجهات مسلحة أمكن تداركها بصعوبة.. إلا أنه ومع سقوط قتلى وجرحى في صفوف قياديين ومسؤولين، عبر تفجيرات وعمليات اغتيال استهدفت قيادات قبلية ومرشحين نيابيين، وكوادر أمنية معنية بحمايتهم، وحدوث محاولات لعرقلة العملية الانتخابية الرئاسية أمنياً ودفع بعض القيادات الأمنية إلى التخلي عن دورها في حماية “خيمة أفسيوني” الواقعة ضمن مطار مقديشو، المعتمدة موقعاً لعقد الانتخابات. ويلتزم أهالي العاصمة بقرار حظر التجول الذي فرضته الحكومة الصومالية في الليلة السابقة لحدوث جولات الانتخابات الرئاسية، ليدخل حيز التنفيذ رسمياً في نحو الساعة 1:00 فجراً، وينتهي حتى الساعة 6:00 صباح اليوم الذي يليه، وهو ما أسهم في الحد من إمكانية وقوع عمليات إرهابية، وانعقاد جولات الانتخاب الثلاث دون مقاطعة.
مفارقات حاسمة:
ورصدت تقارير صحافية محلية مواقف لافتة وقعت خلال جولات الانتخابات، وكان من أهم تلك المواقف، ما حدث بعد الجولة الانتخابية الأولى، والتي أدت إلى تأهل الرئيس الحالي حسن شيخ محمود (52 صوتاً) ومنافسيه الرئيس الحالي محمد عبد الله فرماجو (59 صوتاً)، ورئيس ولاية بونتلاند سعيد عبد الله دني (65 صوتاً)، ورئيس الوزراء السابق حسن علي خيري (46 صوتاً).
وأشارت تلك التقارير إلى فشل المفاوضات التي عقدها خيري مع فرماجو، بغرض ضم أصواتهما لصالح الأول، ورفض الأخير ذلك المقترح في استمرار لرفضه ترشح الأول والذي أدى – باكراً – إلى سحب الثقة منه وعزله من منصب رئيس الوزراء، وذلك قبيل انتهاء العملية الانتخابية بقليل، وهو ما حدا بالأول لاتخاذ قرار انتقامي لمعاقبة فرماجو بالتنازل عن أصوات مؤيديه لصالح حسن شيخ محمود، ما أدى إلى الخسارة المحققة للرئيس السابق، وفوز الرئيس الأسبق عليه بفارق كبير.
البنوك تمتنع:
في حين أشارت تقارير أخرى إلى قرار اتخذته البنوك العاملة في العاصمة الصومالية مقديشو، بعدم سماحها بإجراء تحويلات مالية من حسابات تابعة لمرشحين للانتخابات الرئاسية، إلى حسابات يمتلكها أعضاء في البرلمان، في محاولة من تلك البنوك عدم الانخراط في التعاملات الفاسدة المحيطة بالانتخابات، وذلك في ظل أنباء عن تصاعد المبالغ التي وعد بها بعض المرشحين النواب ممن سيصوت لهم، والتي تتراوح بين 30 و150 ألف دولار.
وقد بررت مصادر مطلعة أن القرار الذي أجمعت عليه إدارات المؤسسات المالية الصومالية، جاء حرصاً على مصداقيتها، وخوفاً من أن تصبح طرفاً في إجراء معاملات مالية مشبوهة، ما قد يضر بمستقبلها في القطاع المصرفي داخلياً وعلى المستوى الدولي.
ارتياح في صوماليلاند للنتائج:
على الرغم من إعلان صوماليلاند استقلالها عن جمهورية الصومال في 18 مايو (أيار) 1991، فإن الانتخابات لقيت اهتماماً شعبياً وسياسياً كبيرين فيها.
وعلى الرغم من تفاوت وجهات النظر حول نتائج الانتخابات التي حدثت أخيراً في مقديشو، إلا أن الطبقة السياسية والمطلعين على تفاصيل الشأن السياسي في الجنوب قد أبدوا ارتياحاً شديداً للنتائج التي تحققت.
ولاقى فوز الرئيس حسن شيخ محمود ترحيباً كبيراً، إذ علق رئيس حزب “العدالة والرأفة” أوعيد السيد فيصل على ورابي بترحيبه بالنتائج واستبشاره بعودة الرئيس السابق إلى سدة الحكم، داعياً الرئيس إلى متابعة ما توقف أثناء فترة حكم الرئيس السابق محمد عبد الله فرماجو، بما يخص نتائج اللقاءات والمحادثات التي كان طرفاها حكومة صوماليلاند وحكومة الصومال، منتقداً بشدة تجاهل الرئيس الأسبق لتلك الاتفاقات، وقيامه بما وصفه بعرقلة التنمية في صوماليلاند.