تجرى اليوم الانتخابات الصومالية الرئاسية، وقد رُشّح لها 39، بينهم امرأة، في بلد يواجه تمرد حركة الشباب، المرتبطة بتنظيم “القاعدة” الإرهابي منذ أكثر من 15 سنة.
وتمر الانتخابات في الصومال بمرحلتين انتخابيتين، حيث يتأهل للدورة الانتخابية الثانية أعلى أربعة مرشحين حصلوا على أصوات، ويتم ذلك عبر تصويت أعضاء مجلس الشيوخ ومجلس الشعب، وعددهم 275 عضوا، وتم اختيار آدم مدوبي رئيسا لمجلس الشعب، بينما تم انتخاب عبدي حاشي عبدالله كرئيس لمجلس الشيوخ في الصومال.
وهناك شخصيات عديدة رشحت نفسها لهذا المنصب، على رأسها الرئيس الصومالي المنتهية ولايته في فبراير 2021 “محمد عبدالله”، ولقبه “فرماجو”، الذي حاول تمديد ولايته لعامين دون جدوى، والآن أعاد ترشيح نفسه للسيطرة على السلطة بعد فوزه في 2017، وهناك شخصيات أخرى قوية، منها الرئيسان الأسبقان حسن شيخ محمود وشريف شيخ أحمد، ورئيس الوزراء السابق حسن علي خيري، والوجه الشاب في السياسة عبد القادر عبسلي، الذي ينحدر من قبيلة الهوية، فرع أبغال، التي تتمتع بنفوذ عشائري وسياسي كبير، كذلك رئيس إقليم بونتلاند سعيد عبد الله دني.
ويتمتع “عبسلي” بنفوذ سياسي ومالي، ويعد أهم شخصية عارضت نظام “فرماجو”، ويبدو أن حظوظ “عبسلي” كبيرة في ظل ميول الشعب إلى وجه جديد ورجل أعمال ناجح يمكن أن يخدم اقتصاد المتذبذب.
ويعد المرشح الآخر حسن شيخ محمود من المرشحين المقبولين، نظرا لما قدمه للصومال في ولايته، منها اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بحكومة الصومال، كذلك أسهم في إعادة إحياء النظام التعليمي في البلاد وعمل على هيكلة المؤسسات الحكومية بشكل متطور، كما تطور النظام المالي والعلاقات الدبلوماسية خلال رئاسته، وكان شجاعا في حل غالبية مشكلات السياسة بشكل هادئ.
أما شريف الشيخ أحمد فله قصة مثيرة، وهي تحرير مقديشو، عاصمة الصومال، من حركة الشباب الإرهابية لفترة وجيزة، كما أعاد تنشيط مطار العاصمة وميناءها، ووضع دستورا مؤقتا للصومال يعمل عليه إلى الآن، والأهم أنه أعاد تنظيم الجيش الوطني الصومالي، وكان من أبرز معارضي فارماجو وقاد اتحاد المعارضة ضده.
ويعد المرشح سعيد عبد الله دني، وهو رئيس إقليم بونتلاند، أقوى معارض لفرماجو، فقد أفشل مخطط تمديد ولايته، ويتوقع له الفوز بالرئاسة لما يتمتع به من حضور ودعم شعبي وسياسي، إذ كان حجر عثرة في طريق “فرماجو” لتحويل البلاد إلى دكتاتورية، فهو رجل سياسة واقتصاد ناجح ووزير سابق ويعيش إقليمه فترة ازدهار في عهده، ويهدف بترشحه إلى إزاحة “فرماجو” ومجموعته.
أما الرئيس الصومالي المنتهية ولايته، فرماجو، يهدف إلى ولاية أخرى يعزز بها سيطرته، فيما تبدو حظوظه في الفوز ضئيلة بسبب مشكلات كثيرة واجهت فترة حكمه، حيث لم ينجح في مراجعة الدستور الانتقالي ولم يحدد موعدا للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، محاولا البقاء في الرئاسة لفترة أطول، فضلا عن حدوث حالة انسداد سياسي في البلاد.
ويلقى “فرماجو” دعما من زكريا إسماعيل حرسي، والذي كان يشغل منصب مسؤول الاستخبارات في حركة “الشباب” الصومالية الموالية لتنظيم “القاعدة”.
أما حسن خيري المرشح الأخير فله علاقات وثيقة مع شركات البترول الغربية، فيما تبدو المعارضة الصومالية واضحة الأهداف في دخولها بكامل ثقلها من خلال مرشحين لهم وزنهم في البلاد ويعلمون جيداً خبايا السياسة الصومالية، ويدركون إذا ما عاد “فرماجو” ومجموعته لسدة الحكم فإن الحرب الأهلية قادمة لا محالة، وستكون الأوضاع خطيرة في البلاد.
ويحاول “فرماجو” إخافة أعضاء مجلسي الشيوخ والشعب من خلال مجموعته، ولكن المعارضة أخذت خطوات كبيرة لذلك لضمان التغيير القادم في الصومال.
في الختام، فإن الانتخابات الصومالية الرئاسية ستضع البلاد على المحك، والشخصيات السياسية والمؤثرة معروفة لدى الشعب الصومالي، وأعضاء مجلسي الشيوخ والشعب سيعملون على اختيار الأفضل لبلادهم، ولكن حذارِ من التلاعب بالنتائج من قبل جهات خارجية هدفها الرئيسي عدم استقرار الصومال وتحويله إلى ساحة تستفيد منها عبر نشر الفوضى والفساد.