تعريف المرأة غامض اصطلاحا ولغة فلا يوجد في اللغة العربية جمع للفظ المرأة ولا مفرد للفظ النساء إن أصبحت المرأة عضوا في البرلمان فهي نائبة وإن عبرت رأيها بطريقة سليمة فهي مصيبة وإن فصلت في الحكم فهي قاضية وإن أطال الله في عمرها فهي حية وإن اغتيلت فمسئولة “بأي ذنبٍ قُتِلت”؟
للمرأة الصومالية دور بارز في المجتمع سيما مجال الأسرة والبيت وفي عصر عمل المرأة ظهرت مجالات أخرى برزت فيه المرأة الصومالية كالنضال في المجال العسكري والمشاركة السياسية والعمل التجاري والعملية التعلمية والتعليمية .
وقبل اسبوع من تاريخ كتابة هذا المقال فازت النائبة سعدية سمتر على رئاسة البرلمان الصومالي بالإنابة بأغلبية ساحقة ومماجاء نص تهنيتي لها بعنوان:تهنئة تلفت الانظار_
“ولي مع فوزها وقفات عرضية خفيفة على أمل أن أعود الوقفات العميقة في نقاط لاحقة”
وها انا أحاول الوفاء بتعهدي للقاري الكريم فإلى تسجيل النقاط قوة وضعفا في نماذج اجتماعية وسياسية:
أولا: نقاط القوة لدى المرأة الصومالية:
١: التعليم:
لم يكن للمرأة الصومالية حظ يذكر في التعليم قبل نصف قرن إلا ما كانت تتلقى من الدكسي ” الكتاتتب القرآنية” رغم تفضيل أخيها عنها بالالتحاق في الخلوة عند الاختيار، وكانت بداية التعليم الحقيقية للمرأة الصومالية في عهد الثورة وبالذات في برنامج محو الأمية وتعليم كتابة اللغة الصومالية بالحرف اللاتيني والالتحاق بالمدارس الحكومية قبل ذاك البرنامج وبعده صعودا أو نزولا.
وبعد سنوات قليلة من انهيار الحكومة المركزية وفي ظل غياب التعليم الحكومي وجهت العائلة الصومالية أبناءها إلى المدارس الأهلية دون تمييز بين الذكر والأنثى فالتحقت البنت الصومالية بالتعليم النظامي بكثافة قد تفوق في بعض المناطق على شقيقها الولد؛ هذا في مجال التعليم العام أما التعليم العالي فانتظمت المرأة الصومالية سلك التعليم العالي داخل البلاد وخارجها كما قادت مدارس وكليات وجامعات داخل الجمهوريه و خارجها باقتدار وجدارة رغم العوائق الجمة والفرص المحدودة.
٢_ دور المرأة الصومالية:
في بناء الأسرة:
من المجالات التي نجحت فيها المرأة الصومالية مجال الأسرة؛ من ذلك سرعة تكوين الأسرة بالزواج المبكر لمحاربة العنوسة ومشاكلها الاجتماعية والنفسية وخصوبة الإنجاب والقيام بمهام التربية الأسرية رغم ما تواجهها من عقبات اقتصادية وأمنية.
٣- المرأة الصومالية والعمل التجاري:
ساهمت المرأة الصومالية في انعاش اقتصاد البلاد في العمل التجاري وإعالة الأسرة منذ القدم وقد أشار باحثون غربيون بأن المرأة الصومالية تتمتع بقدر عال من الاستقلالية في الكسب والملكية مقارنة بأخواتها في الدول العربية والإسلامية، وإن كان ما تملكها يشارك معها ابوها واخوها وزوجها الصعاليك!
“وبحسب دراسات غير رسمية أفرزت السنوات العجاف واقعا مؤلما في الاقتصاد فأفلس الرجل الصومالي ووجدت المرأة نفسها العائل الأساسي لكثير من الأسر، كمابرزت المرأة الصومالية بوجه خاص في قطاع العمالة المنزلية داخل البلاد وخارجها فساهمت في تعافي اقتصاد البلاد ومحاربة البطالة.
٤_ التدين في المرأة الصومالية:
من المجالات التي امتلكت المرأة الصومالية نقاطا قوية وسجلت فيها علامة فارقة – مجال المحافظة على التدين وحراسة الفضيلة في سترها وحجابها وحفظها لكرامة بيتها واهلها وتربية أبنائها على الرشد؛ ورغم أن المجتمع الصومالي مسلم متدين بطبعه إلا أن المرأة الصومالية فاقت شقيقها الرجل بالمحافظة على الشرائع والشعائر بما يظهر للعين _والالتزام بالقيم الأسرية للمجتمع الصومالي المسلم وقد برز هذا التدين بصورة اوضح في الجاليات الصومالية بالمهجر مقارنة ببقية الجاليات المسلمة.
٥- المرأة الصومالية وتحقيق السلم:
من نقاط القوة لدى لمرأة الصومالية دورها في تحقيق السلم الاهلي إبان الحروب الأهلية؛ وذلك لما تملكها من القدرة في التواصل مع عدد من المقاتلين بحكم القرابة أو المصاهرة ولما تتمتع به من حرمة واحترام لدى الأطراف المتنازعة وبين افراد المقاتلين لأنها لا تقاتل ولا تقتل فتستخدم قوتها الناعمة لإخماد الفتنة.
ثانيا: نقاط الضعف في المرأة الصومالية:
١- نظرة المجتمع للمرأة:
نظرة المجتمع للمرأة تنبع لكونه محافظا إما محافظة دينية او قبلية وقد جمع المجتمع الصومالي كلا النظرتين فهو مجتمع محافظ دينيا وبدوي بيئيا وغشائري قبليا؛ وعليه يمارس ضغوطات قد يراها إيجابية على المرأة لتحسين تربيتها إلا أنها قد تؤدي إلى نقاط سلبية تضعف دورها في المجتمع منها الجهل عن واجباتها وعدم المطالبة بحقوقها كالميرات والملكية وحق إبداء رأيها في الاختيار والانتخاب إن كانت راشدة.
٢- التنازع بين متطلبات البيت والعمل:
بناء على النظرة الاجتماعية المحافظة السابقة فإن مكان المرأة المفضل هو البيت؛ غير أن عصر عمل المرأة يلقي بظلاله على المرأة ويضيف على عملها الأساسي في البيت من رعاية الأبناء وخدمة الزوج باعباء أخرى؛حيث خرجت المراة للتعليم و بحثت عن الوظيفة ومكثت في المكتب وخرجت للسوق متجرة وكادحة في العمالة فحصل نزاع بين الأزواج بسب غياب ألمرأة عن البيت وتلاشت فكرة أن عمل المرأة في المطبخ ولوكانت خريجة جامعة:
“Jaamacad naageed waa jiko”
٣_ المال والمرأة الصومالية:
من نقاط الضعف لدى المرأة الصومالية- ربة منزل كانت أم عاملة قلة ذات اليد ومحدودية دخلها
فهي لا تملك مالا كافيا وكثير منهن لا عائل ينفق عليهن ولا عمالة يستخدمنها في البيت مما يضطرهن الخروج إلى العمل للكسب على حساب البيت ليتسع الخرق على الراقع!
٤- المشكلة الأمنية والمرأه الصومالية:
في ظل الانفلات الأمني في البلاد عاني كثير من الرجال بالمشكلات الامنية اما المرأة فلطاما كانت حمام وديع وسفيرة سلام بين المقاتلين وبالتالي لعبت دورا إيجابيا كما أشرنا في نقطة تحقيق السلام بصفة عامة ولا يعني ذلك أن المرأة لعبت هذا الدور على مدار الزمن وفي جميع الأماكن بل وجد سيدات حرب يعملن في أذكاء الصراع بين إخوة الأعداء؛ ليأثر ذلك سلبا على انوثهن التي لا تتحمل المشكلات الامنية لتخلف مئات الأرامل الثكالى واليتامي والأيامى بل تطور التأثير إلى زيادة الطلاق والفراق والشقاق وغياب الإنفاق في زمن المشكلات الامنية في البلاد.
٥_غياب القيادة النسائية او ندرتها في الصومال:
المال والإنفاق من لوازم القيادة و يعد انه من نقاط الضعف لدى المرأة الصومالية كمايعد نظرة المجتمع عموما وفي المجتمع القبلي خصوصا للمرأة نقاط ضعف كافية لغياب القيادة النسائية أو تغييبها في البلاد أو ندرتها إن وجدت.
وفي عهد تقاسم السلطة بالقبيله على طريقة 4,5 المشؤمة ندرت وقلت فيادة المرأة عن المناصب التمثيلية وغابت عن المناصب القيادية بغض النظر عن الجدل الفقهي الدائر بين الحظر والجواز- وذلك أن منصب المرأة واقع موضع اشتغال وتنازع بين انتماء قبيلة أبيها وولاء قبيلة ابنائها كما يقول المثل الصومال:
Naagi Tol malaha ee
tag ayey leedahay.
ثالثا: نماذج من النساء الصوماليات.
برز في المجتمع الصومالي عدد لا حصر له من الناشطات والمناضلات والمصلحات قديما وحديثا وبما أننا في موسم انتخابي سياسي بامتياز والسياسة بطبيعتها طاغية على بقية الانشطة فللنختصر بالإشارة ألى بعض اسماء القيادات النسائية في المجتمع الصومالي في الوقت الحاضر:
١ -السيدة/سعدية سمتر نائبة رئيس البرلمان الصومالي المنتخبة عن ولاية بونت لاند وهي أول مرة تشغل سيدة صومالية بهذا المنصب ولفوزها دلالات منها:
– يضاف فوزها رصيدا للمعارضة على إدارة الرئيس فرماجو كفوز رئسها الشيخ آدم مدوبي واترك دلالات ذلك على تأثير الانتخابات الرئاسية للمحللين النابهين.
-بداية عودة حميدة للثقافة الاسلامية ووعائها -اللغة العربية إلى المؤسسات الحكومية وعلى رأسها مؤسسة البرلمان لان نائبة الرئيس من أصول عربية (مهرة) وإن كانت الصومال بلدا عربيا انتماء وأفريقيا موقعا.
٢ _السيدة/ فوزية يوسف حاج آدن الوزيرة السابقة للشؤن الخارجية والمرشحة لمنصب الرئيس العاشر في جمهورية الصومال الفيدرالية وهي السيدة الثانية التي تتر شح بعد عائشة عبدالله لهذا المنصب،
وتمتلك عددا من الفرص بجانب عقبات جمة (الفرص داخل العقبات):
أنها المرشح الوحيد المنحدر من أرض الصومال ولولا أن حصتها ذهبت لرئاسة مجلس الشيوخ لدى السنتاتور عبدي حاشي لقويت حظوظها. -الخبرات التي تتمتع بها فقد شغلت عددا من المناصب الأكاديمية والدبلوماسية والسياسية لعقود من الزمن. كونها المرشح الوحيد من شقائق الرجال ولو كان التصويت مباشرا لقويت حظوظها ولكن البرلمان الذكوري الممثل من مجتمع وصفنا نظرته للمرأة في السطور أعلاه قد لا يمنح صوته لها لتتولى أعلى منصب في البلاد.
٣_ هناك عشرات من سيدات الأعمال والناشطات والداعيات كما اسلفنا ولعل اشهرهن على سبيل المثال:
السيدة/غالى شري النائبة عن جلمدك والتي فازت على كرسيها بجدارة بعد تنافس شرس في دائرتها كالكعيو وسط جنح الليل في انتخابات أعضاء مجلس الشعب الحادي عشر.
والنائبة/ الشهيدة المغتالة آمنة محمد عبد المحامية الميتة لإيجاد العدالة لذوي ضابطة المباحث المغتالة إكرام تهليل التي أقض مضاجع الصوماليين مقتلها رحمهما الله وألهم أهلهما وذويهما الصبر والسلوان.
ومعالي/ الوزيرة للشؤن الاجتماعية السابقة والأكاديمية الذكية مريم قاسم وهي من النماذج النادرة كما يصفها زملائها في العمل والتعليم.
والفريق/ جنرال زكية حسين نائبة قائد الشرطة الصومالية واللواء الوحيدة في تاريخ المؤسسات الامنية الصومالية بأقسامها الاربعة من الجنس اللطيف ورغم ما يثيره البعض حول نزاهة استحقاق ترقيات الضباط بمجال الخبرة والتعليم في عصر إدارة الرئيس فرماجو إلا أن اعتلاءها على اللواء رغم حداثة سنها لم يأت من فراغ.
والسيدة/أدنى آدن الوزيرة السابقة والناشطة الخبيرة في العمل الخيري في هرجيسا المعروفة بتبني قضية انتصار أرض الصومال في الانفصال.
والطبيبة المحسنة/ حواء طبلاوي وبناتها الطبيبات وفاعلات الخير في مجال الطب والإغاثة الإنسانية بمعسكرات النازحين جنوب الصومال.
وعشرات أخر من خارج الجمهورية وعلى رأسهن النائبة إلهام عمر في الكونغرس الأمريكي المعروفة بوقوفها مع القضايا العادلة كالقضية الفلسطينية وقضايا الأقليات المسلمة في الهند والروهنجا والإيغور وغير المسلمة في العالم.