في تطور مفاجئ للتعاون بالمجال التعليمي بين مصر والصومال ولأسباب غير معلومة قامت وزارة التربية والتعليم بمقديشيو بإلغاء بروتوكول التعاون التعليمى بين الصومال ومصر, ومطالبة البعثة التعليمية المصرية بإخلاء مدرسة 15 مايو ومدارس أخرى خلال شهر أبريل الماضى, ومغادرة البلاد.
وظل أعضاء البعثة التعليمية بالصومال التابعة لوزارة التربية والتعليم والمكونة من ٢٨ مدرس مصرى عالقين بالصومال بسبب تعذر السفر بالرغم من انتهاء بروتوكول التعاون بين مصر والصومال في 31 مايو 2020 من قبل الحكومة الصومالية.
وتنفيذا لتوجيهات الرئيس السيسى بإعادة المصريين العالقين بالخارج, تواصل الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم والتعليم الفني المصري، مع السفيرة نبيلة مكرم، وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين في الخارج، لبحث سبل عودة عدد من العاملين ضمن بعثة وزارة التربية والتعليم بدولة الصومال في ظل انتشار جائحة “كورونا”.
وأكد وزير التعليم المصري أن عدد أفراد البعثة بلغوا 49 معلمًا في عدد من ولايات دولة الصومال، ضمن التعاون بين البلدين, وبالفعل تم إعادة المعلمون العالقين, عن طريق رحلة طيران من شركة “إير كايرو”.
وعاد المعلمون ولم يتم التطرق من قبل المسئولين سواء من وزارة التربية والتعليم أو من قبل وزارة الخارجية المصرية, إلى بحث أسباب إنهاء التعاون التعليمى بين مصر والصومال حتى الآن على الرغم من مرور أكثر من ثلاثة أشهر على إنهاء عمل البعثة المصرية بالصومال أو بمعنى أدق “طردها”.
ونشر مركز مقديشيو للدراسات والبحوث دراسة تحت عنوان “إلغاء البروتوكول التعاون التعليمي بين الصومال ومصر.. الأسباب والملابسات” الذي أرجع الأسباب وراء إلغاء البروتوكول إلى خلاف بين الحكومة الصومالية وإقليم بونت لاند, على خلفية تفاهمات بين وزارة التعليم المصرية وإقليم بونت المستقل عن الصومال, لإنشاء مدارس تمولها مصر في بونت لاند.
وفى تحول مفاجئ للموقف الصومالي أرسل وزير الدولة للتعليم والتربية الصومالي عبدالرحمن محمود عبدلي خطابا إلى رئيس البعثة التعليمية المصرية في الصومال سعد محمد جودة بتاريخ 7 مارس 2020م، يؤكد فيه انتهاء البروتوكول التعليمي الموقّع بين وزارة التربية والتعليم العالي بجمهورية الصومال الفدرالية، ووزارة التربية والتعليم بجمهورية مصر العربية الشقيقة بتاريخ 13-5-2015م. طالبة البعثة التعليمية المصرية إخلاء المدرسة قبل 30 أبريل 2020م وذلك للأهمية القصوى.
وأكد بعض المهتمين بالشأن المصرى بمقديشو إلى أن إنهاء الصومال عمل البعثة التعليمة المصرية في الصومال، إثر تعرض الصومال ضغوطا من إثيوبيا بسبب تأييد الصومال قرار الجامعة العربية لحقوق مصر التاريخية لمياه النيل، بيد أن الصومال عدّل موقفه السابق تفاديا من تدهور العلاقات مع أديس أبابا، وأعلن الصومال وقوفه في الحياد الإيجابي إزاء الخلافات المتصاعدة بين إثيوبيا ومصر حول ملؤ سد النهضة الإثيوبي وتداعياته المحتملة على مصر.
وكشف تقرير عن تصاعد الخلاف إثر لقاء جمع بين وزير التعليم المصري الدكتور طارق شوقى ووزير التعليم في بونت لاند عبد الله محمد حسن في القاهرة في الخامس من نوفمبر 2018 وطالب وفد بونت لاند خلال الاجتماع مساعدة مصرية لتطوير قطاع التعليم في بونت لاند, وناقش وزير التعليم ووفد بونت لاند التوسع في التعاون بافتتاح 6 مدارس مصرية جديدة بولاية بونت لاند، وتوقيع بروتوكول تعاون للتوسع في إنشاء مدارس تعليم مزدوج بالولاية، بالإضافة إلى إمكانية التصريح بإنشاء مدارس مصرية خاصة فى الصومال من خلال الحصول على رخصة لتدريس المناهج المصرية بالصومال.
وعلى الرغم من كثرة التكهنات إلا أن حيثيات إنهاء الصومال مهمة البعثة التعليمية المصرية في الصومال لم تتضح بعد، وما إذا كان لها علاقة مع التطورات الإستراتيجية المتصلة بأزمة النيل أم لا, أو بسبب العلاقات الثنائية بين مصر وإقليم بونت المنفصل عن الصومال, أم أن هناك أسباب أخرى لم تصرح بها وزارة التربية والتعليم حتى الآن, حيث ألمح التقرير لاستعداد الحكومة بالتراجع عن القرار إذا قدم رئيس البعثة التعليمية المصرية اعتذارا رسميا وأوقف ما يقوم به في بونت لاند، بحسب التقرير.
واقليم بونت لاند إقليم منفصل عن الصومال «أرض البنط» أو «بونت لاند» هي منطقة صومالية تقع شمال شرق الصومال، تم الإعلان عن أنها دولة مستقلة عن الصومال في عام 1998، ويبلغ عدد سكانها أكثر من 3 ملايين نسمة، بحسب إحصائيات عام 2000, ومنطقة بونت لاند تتكون من 5 أقاليم، هي: (سول، ونغال، وسناع، ومدغ، وإقليم الشرق)، وعاصمتها مدينة غروى, سميت هذه المنطقة بـ«أرض البنط»؛ نسبة إلى حضارة البنط القديمة عند القدماء المصريين، التي يعتقد أنها كانت موجودة بالفعل في نفس هذه المنطقة, وتمزقت الصومال منذ عام 1990 إثر الحرب الأهلية، وأصبحت كل منطقة في الصومال دولة مستقلة بذاتها ولها زعيم، ولكن لم يعلن أيًا منهم ذلك حتى عام 1998, وفى يوليو 1998، تم إعلان بونت لاند دولة مستقلة في شمال شرق الصومال، وكان ذلك بواسطة حاكمها العقيد عبدالله يوسف أحمد, ويوجد توترات وخلافات قديمة بين بونت لاند وأرض الصومال على المناطق الحدودية بينهما، وتجددت هذه الخلافات في مايو الماضي؛ وذلك بسبب نزاع على منطقة صحراوية حدودية بينهما تسمى «توكاراك»، وقد دارت المعارك بينهما؛ مما أسفر عن وقوع العديد من القتلى في صفوف الطرفين.
ومن ناحيتها كشفت الدكتورة منال مختار، مدير عام إدارة الإعارات الخارجية التابعة لوزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى، المصرية في تصريح خاص للأخبار المسائي، أن البروتوكول الموقع بين الحكومتين الصومالية والمصرية مستمر ولم يتم إلغاءه إطلاقا، قائلة :”لو تم إلغاءه كانت سفارتنا بمقديشو أخطرتنا بذلك، ولكن لم يحدث هذا إطلاقا، وإلا كنا منعنا معلمي البعثة المصرية من السفر لمقديشو”، موضحة أن عدد معلمي البعثة المصرية بالصومال 26 معلما يدرسون بمدارسنا المصرية بمقديشو، ومدة إعارتهم 4 سنوات ولم تنته مدة الإعارة لهم، مؤكدة على أن رئيس البعثة انهى مدة إعارته وتم ترشيح واختيار رئيس بعثة جديد، وحاليا ننهي إجراءاته القانونية في السفر لمقديشو وفي انتظار موافقة الأمن القومي عليه.
وعن سبب اللقاء الذي جمع بين وزير التعليم المصري ووزير الهجرة المصرية لعودة البعثة المصرية من الصومال, اكدت مدير ادارة الاعارات الخارجية بالوزارة، ان السبب في ازمة كورونا وغلق المجال الجوي الذي تعرضت له كافة الدول، وكانت البعثة المصرية بالصومال كانت انتهت من العام الدراسي هناك واردنا عودتهم لمصر بعد فتح المجال الجوي ، قائلة،” اول ما اتفتح المجال الجوي رجعناهم لمصر”.
وعن عدد المدارس المصرية في الصومال ..أشارت منال مختار، الي انه طبقا للبروتوكول فأننا لدينا 3مدارس مصرية بمقديشو منها مدارس 15 مايو، وجمال عبد الناصر وحسن برونزي، وتم تسليم مدرسة 15 مايو والعمل بها، ولكن المدرستين الاخريين لم يتم العمل بهم وهذا امر يرجع للجانب الصومالى.
واضافت، تم تسليم مدرستين في مدينتين تابعيين لاقليم “بونت لاند” بالصومال ، وهناك بروتوكول يُعد في هذا الشأن، وسيتم استلام 6 مدارس مصرية اخريين، لافتة الى ان وزارة الخارجية المصرية المسؤلة عن البروتوكول، وبالتالي تتخذ الاجراءات الرسمية في هذا الشان مع سفارتنا المصرية هناك، موضحة انه من المتوقع ادخال هذه المدارس الخدمة التعليمية بداية الفصل الدراسي الثاني، مؤكدة ان المدارس جاهزة ولكن نحن في انتظار توقيع البروتوكول بين الجانبين قائلة،” نحن نحاول بأقصى جهدنا التوسع كمدارس مصرية ومنهج مصري في الصومال، ونحاول ان نقتحم جميع اقاليم الصومال ليكن لنا في كل ولاية مدرسة او مدرستين مصرية”.
وبالنسبة للإعارات المصرية لباقي الدول.. اوضحت منال مختار، ان الادارة على استعداد كامل لتلبية اي طلب لاي دولة افريقية بالتنسيق مع سفارتنا بتلك الدول، من خلال اخطارنا بارسال بعثه وانشاء مدارس مصرية في حال توافر الاعتمادات المالية لذلك، قائلة ،”الحمدلله مصر متواجدة حاليا في دولة توجو، والصومالي لاند، والسودان، ومن المتوقع ان يكون لنا تواجد مصري في دول افريقية كدولة جيبوتي وجنوب السودان”، موضحة ان المقصود بالتواجد المصري في الدول الافريقية ليس بالاخص ان يكون بانشاء مدارس مصرية ولكن ايضا اعادة مصريين للدول للتدريس هناك ..مشيرة الى ان المدارس المصرية الموجودة بالدول تدرس المناهج المصرية وتؤكد على الهوية الوطنية المصرية، عدا البعثة المصرية في دولة الصومالي لاند المعلمين المصريين هناك يدرسون المنهج الصومالي، ومن المخطط ان يكون لنا مدارس مصرية في الصومالي لاند”، وقالت:” الجانب الصومالي بيهدينا مدرسة لتدريس المنهج المصري بها”، لافتة الى انه من المتوقع ان يتم البت في مقترح اهداء دولة الصومالي لاند، مدرسة تعليم فني لمصر، موضحة انهم يعشقون التعليم الفني ويولون اهتماما بالغ به.