تتجه بوركينا فاسو إلى مقاربة جديدة في مكافحة الإرهاب، تقبل الحوار مع بعض المسلحين، ممن لم ينتمِ لتنظيمي داعش والقاعدة، الإرهابيين.
الأسلوب الجديد، لمكافحة التمرّد الإرهابي الدامي في بوركينا فاسو، يقوم على إجراء “حوار” بين زعماء المجتمعات المحلية ومقاتلي جماعات مسلّحة جنحوا للتطرّف.
وأعلن عن هذه المبادرة في وقت سابق من أبريل/ نيسان الجاري، المجلس العسكري الممسك بالسلطة منذ يناير/ كانون الثاني، وهي تعكس تحولاً عن مسار جهود ركّزت على الأمن لإنهاء نزاع طال أمده.
وفي الأشهر الستة الماضية، لقي أكثر من ألفي شخص حتفهم، العديد منهم عناصر في قوات الأمن، فيما فر أكثر من 1,8 مليون شخص من منازلهم.
وفي إطار برنامج يمدّ غصن زيتون، تقوم “لجان حوار محلية” بجمع زعماء محليين وعناصر متشددة، لإجراء محادثات.
وتتضمن المبادرة شرطاً صارماً يحظر انضمام رجال يُعتقد أنهم يرتبطون بالقاعدة أو بتنظيم داعش، المجموعتين اللتين أطلقتا التمرّد.
وترتكز المبادرة على أساس أنّ غالبية الإرهابيين المسلحين، في بوركينا فاسو حالياً، لا ينتمون لهاتين المجموعتين الكبيرتين العابرتين للدول، وفق قائد مكافحة الإرهاب في الدرك البوركينابي فرنسوا زونغرانا.
قائد مكافحة الإرهاب بالدرس كشف أنه “حالياً يتضمن العدو الرئيسي مواطنين بوركينابيين… غالباً ما يكونون غير ظاهرين ومختلطين بالسكان”.
وتشكّلت قرابة عشر مجموعات “محلية” في بوركينا فاسو في السنوات الست الماضية، لا تربطها علاقات ظاهرة بتنظيمي القاعدة أو داعش، وفق الاستخبارات البوركينابية.
وهذه المجموعات هي “بمثابة تفشٍّ لظاهرة الإرهاب”، بحسب المحلل السياسي دريسا تراوري. ووجودها “يعني أنّ على السلطات استكشاف خيارات أخرى بدلاً من الخيار العسكري”.
الخطوط الحمر
ويقول خبراء الأمن في منطقة الساحل إن العديد ممن يتم تجنيدهم في صفوف الإرهابيين المتشددين، شبان ضائعون عاطلون عن العمل يُستدرجون بوعود المال والدين.وقال وزير المصالحة الوطنية ييرو بولي إن فكرة الحوار جاءت بعد أن طلب مقاتلون شبان إجراء محادثات مع زعماء دينيين وقبليين، وأنّ “المسار الذي اتّبعوه ليس له مستقبل، وهذا ما دأب المقاتلون الشبّان على قوله، ولديهم أسلحة وهم منضوون في مجموعات مسلحة تهاجم قراهم”.
ونتيجة لذلك -يقول بولي- “جاء الحوار وهو يمضي في مساره”، مشددا على أهمية بقاء “الخطوط الحمر”.
وأكّد أن الدولة لا تزال تستبعد “الحوار المباشر مع قادة إرهابيين وكذلك التفاوض معهم” فيما الجيش “يواصل عمله” في عمليات مكافحة الإرهابيين، فيما لا يُعرف بعد مستوى المحادثات.غير أن مصدراً أمنياً قال إن “اتصالات” تجري بين مقاتلين وزعماء محليين في الشمال والشرق اللذين تمزقهما أعمال العنف.وفي 20 أبريل/ نيسان، قال عدد من الأهالي إن مقاتلين رفعوا حصارا فرض قبل شهرين على دجيبو عاصمة إقليم سوم الواقع شمالا، ما سمح لقافلة للجيش تضم مئة شاحنة من المواد الغذائية والسلع بالوصول إلى المدينة.
وأبدى تراوري وآخرون حذرا تجاه الإمكانيات غير الواضحة للمحادثات، وما إذا كان للمبادرة مستقبل، علما أن المنخرطين في الحوار ليسوا سوى “أقلية ضئيلة” من العناصر الفاعلة.
وتساءل المحلل السياسي: “كم من هؤلاء الشبان يرغبون في إلقاء السلاح,,, وهل يتحدثون باسمهم أو نيابة عن مجموعات مسلحة؟”.
بدوره أشار موسى ديالو، العضو في فريق تنسيق في مجموعة الساحل، إلى العثرة المتعلقة بمقاتلين شبان يتوقون بشدة للعودة إلى حياة طبيعية، قائلا إن “الجميع يسأل كيف يمكن العيش مع أشخاص قتلوا آباءكم ثم سرقوا كل ممتلكاتكم”.
وذكّر أيضا بأنه كانت هناك بالفعل في الماضي “حوارات غير رسمية قادتها مجتمعات محلية”، لافتا إلى أنّ تلك المبادرات لم تسفر إلا عن “هدوء لفترة قصيرة” انتهى مع عدم الامتثال بالالتزامات.
وحذّر من أنّه “في نهاية المطاف، يحمل هؤلاء الأشخاص السلاح مجدّداً ويصبحون أكثر عنفاً”.