الصومال اليوم – نور جيدي
أعرب محللون ونواب صوماليون عن تفاؤلهم بأن تسلم البرلمان الجديد مهامه رسميا يمهد لانفراجة تنهي الأزمات السياسية والأمنية في البلاد.
وعانى الصومال من انسداد انتخابي سياسي وصراع في أعلى هرم السلطة كاد يطيح باستقرار نسبي في بلد يتعافى من تداعيات حرب أهلية.
والعملية الانتخابية في الصومال معقدة، إذ تختار مجالس المناطق مع مندوبين من العشائر النواب الذين يعيّنون بدورهم رئيس البلاد.
واستغرقت انتخابات البرلمان أكثر من عام، وشهدت فوضى اتسمت بالعنف وصراعات بين الرئيس ورئيس الوزراء وأخرى بين الحكومة المركزية وبعض ولايات البلاد.
ورسميا، بدأت هذه الانتخابات في 29 سبتمبر/ أيلول 2021، واستمرت حتى أبريل/ نيسان الجاري.
وجرى انتخاب 307 أعضاء من أصل 329 يتكون منهم البرلمان بمجلسيه الشعب والشيوخ، ومن المتوقع استكمال انتخاب 22 عضوا في الأيام المقبلة.
وبعد انتخابات تأجلت أكثر من خمس مرات، أدى النواب اليمين الدستورية، في 15 أبريل الجاري، وعقدوا الاثنين أول جلسة برلمانية.
وقال رئيس الوزراء محمد حسين روبلي، خلال حفل اليمين الدستورية: “توجب علينا أن نواجه تحديات ومحاولات لمنعنا من الوصول لهذا اليوم، لكنني سعيد جدا”.
وتابع: “أهنئ المشرعين الجدد الذين آمل أن يساعدوا البلاد في التغلب على الوضع الحالي الصعب”.
فيما وصف رئيس البلاد محمد عبد الله فرماجو، عبر تويتر، هذا الحدث بأنه “تاريخي”.
وقال الرئيس المؤقت لمجلس الشعب عبد السلام حاج أحمد، إن الضغوط الدولية والوضع الإنساني المزري في البلاد لا يسمحان بإضاعة مزيد من الوقت.
وأردف: علينا البدء باستكمال إجراءات الانتخابات الرئاسية.
وفي فبراير/ شباط 2021، انتهت ولاية فرماجو دون التمكن من إجراء انتخابات.
ولم يتحدد بعد موعد لإجراء الانتخابات الرئاسية.
انتهاء المرحلة الانتقالية
وقال المحلل السياسي والنائب البرلماني السابق محمد آمين، إن “البلاد مقبلة على مرحلة انفراجة سياسية بعد انتهاء المرحلة الانتقالية العصيبة”.
وأضاف أن “الأرضية السياسية كانت مهيئة لكل الاحتمالات خلال المرحلة الانتقالية، فالأمور كانت في يد ما يُسمى المجلس التشاوري الوطني”.
وأشار إلى أن هذا المجلس “يضم رؤساء الأقاليم الفيدرالية والحكومة الفيدرالية المكلفة بإيصال البلاد إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية”.
واعتبر أن “الاضطرابات السياسية والأمنية كانت محاولة لعرقلة العملية الانتخابية من قبل جهات سياسية تحاول تحقيق مصالح سياسية على حساب آخرين”.
ورأى أن “الصراع الأبرز كان يحوم حول انتخاب أعضاء البرلمان الذين سيحسمون الانتخابات الرئاسية المتوقعة مطلع مايو/ أيار المقبل”.
وقال آمين إن “أداء النواب اليمين الدستورية يعني وجود إحدى أبرز المؤسسات الرسمية، وهي المؤسسة التشريعية”.
واستطرد: “وهذه الخطوة تطوي صحفة المرحلة الانتقالية، التي خلفت أحداثا سياسية وأمنية كادت أن تعيد البلاد إلى مربع عدم الاستقرار الأمني والسياسي”.
ويتعافى الصومال من تداعيات حرب أهلية اندلعت إثر انهيار الحكومة المركزية عام 1991.
وبحسب الدستور المؤقت للصومال، فإن انتخاب البرلمان ينهي مرحلة الفراغ الدستوري كونه أكبر مؤسسات البلاد.
إنهاء الفوضى والأزمات
وأكد النائب البرلماني محمد إبراهيم أن “مرحلة عدم الاستقرار طوال العام الماضي (2021) كانت نتاج إجراءات تتعلق بالاستحقاق الانتخابي الرئاسي والبرلماني”.
وأضاف إبراهيم، وهو أيضا المتحدث باسم الحكومة، أن “القوى السياسية الطامعة بكرسي الرئاسة كانت تسيس القوات المسلحة وتستخدمها في غير أغراضها”.
وتابع أن “هذه القوات كثفت من تواجدها في الأقاليم التي كانت تُجرى فيها الانتخابات وهو ما كان يخلق حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني”.
وأردف: “يجب التعاطي بإيجابية مع جهود البرلمان لانتخاب رئيس البلاد، فهذا هو الحل السحري لإنهاء الأزمات السياسية والفوضى الأمنية والمساهمة بإعادة الاستقرار”.
متفقا مع آمين، اعتبر المحلل السياسي بمركز الصومالي للدراسات محمد نور، أن “مؤشرات انتهاء مرحلة الانسداد السياسي والأمني بدأت بالفعل”.
وعدّد أبرز هذه المؤشرات، خلال حديث مع الأناضول، وهي أن “المؤسسات الأمنية شرعت في سحب القوات المسلحة من الأقاليم”.
كما استشهد بـ”توقف السياسيين عن تبادل الاتهامات عبر وسائل الإعلام المحلية، ما يعني أن حالة من الانفتاح السياسي ستبدأ في المرحلة المقبلة”.
انتخاب الرئيس
فيما قالت النائبة البرلمانية خالي أحمد ديرية، إن “البرلمان مُصر على استكمال ما تبقى من الإجراءات للانتخابات الرئاسية”.
وتابعت: “في المرحلة الأولى سننتخب رئيسي مجلسي الشعب والشيوخ خلال يومين، ثم نتشاور حول تشكيل لجان للإعداد لإجراء الانتخابات الرئاسية بأقرب وقت”.
وأضافت أن “المرشحين للرئاسة بدأوا الاجتماع مع النواب لتسويق برامجهم الانتخابية، وهذا مؤشر حقيقي لتوجه البلاد إلى انتخابات رئاسية تنهي جميع أزماتها”.
ومن أبرز المرشحين المحتملين للرئاسة: الرئيس الحالي فرماجو، والرئيس السابق حسن شيخ محمود، والرئيس الأسبق شريف شيخ أحمد.
بالإضافة إلى وزير الداخلية السابق والرئيس السابق لولاية جلمدغ (وسط) عبد الكريم حسين جوليد، ورئيس الوزراء الأسبق حسن علي خيري.
ومنذ أيام، تشهد العاصمة مقديشو حراكا سياسيا من جانب المرشحين المحتملين للرئاسة في محاولة لكسب تأييد أعضاء البرلمان.
وتواصل القنوات التلفزيونية ووسائل التواصل بث حملات الدعاية للمرشحين وسط حالة من التفاؤل بأن تتراجع الأزمات وينعم الصومال أخيرا بالاستقرار.