الرئيسيةكتابات راي
السعودية والعالم العربي.. هل المشوار طويل ؟
عاد سفير السعودية وزملاؤه من سفراء دول الخليج العربي إلى بيروت بعد أزمة طويلة في العلاقات بين البلدين، سببها معروف هو التدخل الإيراني عبر وكيله المحلي «حزب الله» في الدبلوماسية اللبنانية وما يتعلق منها بالملفات الخليجية والعربية.
لم نلجأ نحن في يوم إلى تحجيم روابطنا بلبنان إلا بعد استفزازات كثيرة متواصلة، بلغت حد التهديد المباشر الذي أطلقته مليشيات حزب الله ضدنا، بل إن هذا التهديد تجاوز حد الألفاظ إلى الضلوع العملي في العدوان الحوثي الذي استهدف الأحياء المدنية والمنشآت الاقتصادية الحيوية في المملكة.
انطلقت السياسة الخارجية السعودية دائما من مبادئ أربعة:
- دعم الاستقرار والسلم الأهلي في البلدان الشقيقة، بما يفسر كل المبادرات التي طرحتها السعودية لانتشال الوضع السياسي والأمني المتفجر في لبنان منذ بداية الحرب الأهلية عام ١٩٧٥ إلى اتفاق الطائف سنة في أكتوبر ١٩٨٩ الذي أنهى سنوات دامية من الاقتتال الداخلي في لبنان.
- دعم جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول العربية، بما يفسر كون السعودية هي الممول والمستثمر الأول في البلدان العربية، سواء من خلال مشاريع مباشرة أو عبر صناديقها التنموية أو الصناديق التي تتحكم في جانب كبير من نشاطها. وفي طليعة هذه البلدان لبنان الذي تصدرت السعودية جهود إعادة بنائه وتحديث بنياته الاقتصادية والخدمية.
- النأي عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، واحترام سيادة البلدان والعمل مع الأنظمة الشرعية الحاكمة دون وصاية أو توجيه، بما يفسر اليوم الموقف السعودي الشجاع في اليمن، حيث تواجه المملكة وحلفاؤها العدوان الحوثي دفاعا عن الشرعية، في الوقت الذي لا تألو جهدا في إرساء حوار جامع وشامل بين القوى السياسية اليمنية على اختلاف مشاربها وتوجهاتها من أجل التوصل إلى تسوية نهائية لهذا النزاع الداخلي المتفجر على حدود السعودية منذ عدة سنوات.
- الوقوف الحازم ضد الأطماع والتدخلات الخارجية في النظام العربي الذي كانت السعودية منذ البداية طرفا محوريا في تصميمه ورعايته والدفاع عنه. إن السعودية تدرك جيدا أن منطقة الشرق الأوسط تعيش منذ عقدين موجة من الأزمات والتحديات المعقدة، لها صلة مباشرة بإستراتيجيات وسياسات القوى الإقليمية غير العربية ضمن منظور عالمي متغير.
كان لا بد أن تضطلع السعودية بمسؤوليتها في حماية الوضع العربي المتداعي خصوصا بعد سنوات الدمار والخراب التي عرفت بموجة «الربيع العربي» وما واكبها من تفكك واستشراء الفتن والعنف واستغلال بعض دول الجوار لهذه الحالة المأساوية.
نجحنا اليوم في توطيد المحور الخليجي وطرح مشروع رائد للشراكة في البحر الأحمر يتكامل مع خطة للنهوض الاقتصادي والتنموي الهائل في هذا الإقليم على خط الحدود المشتركة بين المملكة ومصر والأردن مهم. في الاتجاه نفسه، نذكر نجاح السعودية في إعادة الأمور إلى نصابها مع العراق الذي هو من الأطراف العربية الفاعلة ومن الضروري عودته التامة إلى الصف العربي بعيداً عن التأثير أو الوصاية الإيرانية.
والمشوار أمامنا طويل…