منذ سنوات، طفت على السطح مشكلة جديدة شكّلت مصدر قلق للباحثين في الشأن الأفريقي. وتتمثل هذه المعضلة في الأسلحة القابلة “للتحويل” بسهولة. ومنذ عام 2017، أشارت العديد من التقارير إلى ظهور هذا النوع من الأسلحة في شمال أفريقيا وخاصة في ليبيا. ولا يتطلب استيراد هذه المعدّات الكثير من الإجراءات البيروقراطية الرسمية مثل التي تتطلبها التعاملات النظامية بين الدول، لكن ذلك لا يعني أنها أقل خطورة.
يجب أن نضع في الاعتبار أنه إذا تم الحفاظ على هذه الأسلحة بشكل جيد، يمكن أن تستمر الذخيرة لمدة تصل إلى 60 عاماً وهي قابلة للاستخدام، وهو ما يعني أنه يمكن استعمالها في أي تمرد أو صراع في المستقبل. ويتم إجراء التغييرات على هذه الأسلحة من قبل البائعين النهائيين وحتى المشترين أيضاً، نظراً لوجود دروس إرشادية تعليمية على الإنترنت متاحة للجميع.
ولعل أكثر الحالات شهرة كانت مصادرة شحنة تحتوي على ما لا يقل عن 25 ألف مسدس تركي في عام 2017 في ميناء كيسمايو في الصومال. وقد اشترى مواطن سوداني هذه المسدسات لبلاده، لكنه أرسلها إلى أسمرة في إريتريا، ثم أعاد استيرادها براً إلى السودان، حيث كان إدخالها بهذه الطريقة أسهل. وفي الواقع، رست السفينة التي كانت على متنها الشحنة في ميناءٍ في إريتريا، لكن الأسلحة ظهرت لسبب غير مفهوم في الصومال.
وتمّت مصادرة كميات كبيرة من هذه الأسلحة نفسها في جيبوتي ومصر وليبيا والسودان، لكن عمليات المصادرة تلك لم تحقق أي فائدة تذكر، لأنه على ما يبدو، تم العثور أيضاً على هذه الأسلحة المعدّلة في كينيا والنيجر والصومال. ومن المعروف أنها تنتشر في الأسواق السوداء في كل من بوركينا فاسو وغانا وغينيا وموريتانيا وتشاد وزيمبابوي من بين دول أخرى.
وبالإضافة إلى المسدسات التركية، ظهرت بنادق نصف آلية من نفس البلد في الأسواق السوداء في شمال الصومال وشمال النيجر وشمال وجنوب شرق نيجيريا. وخلال التحقيقات في عام 2016، تمّت مصادرة 2000 بندقية هجومية في الساحل الصومالي، مماثلة لبندقية كلاشينكوف AK-47، ولكن من مصنع آخر وبأرقام تسلسلية متتالية، و46 بندقية قنص إيرانية، بالأرقام التسلسلية أيضاً. وفي العام التالي، أي سنة 2017، تم تحديد أسلحة يُرجّح أنها تنتمي إلى نفس الشحنة في الصومال ونيجيريا.
هناك قضية أخرى مثيرة للفضول في مجال تهريب الأسلحة في أفريقيا. ويتعلق الأمر هنا بالأسلحة التي تم استخدامها في مالي من قبل جماعة “المرابطون” التي يقودها، مختار بلمختار، والموالية للقاعدة، في 7 أغسطس 2015 والتي استُعمِلت في هجوم ضد منشآت الأمم المتحدة “مينوسما” في سيفاري بمالي. وتمكّن المحققون من استعادة بندقية من عيار 7.62×39 من المهاجمين. وبفضل ترقيمها، تمكّنوا من ربطها بتلك التي استخدمها تنظيم القاعدة في الهجوم على مطعم كابتشينو وفندق سبلينديد في واغادوغو في بوركينا فاسو. وبعد الهجوم، تم إلقاء القبض في يناير 2017 على كل من بابا ولد الشيخ، الوسيط في عمليات خطف الغربيين والمتورط في قضية “إير كوكايين” “هبوط طائرة بوينغ من أمريكا الجنوبية مليئة بالكوكايين في غاو بمالي”، وإبراهيم ولد محمد، باعتباره الشخص الذي سهّل الحصول على الأسلحة لتنفيذ الهجوم.
ومن خلال تتبع أثر هذه الأسلحة، وجد المحققون أنها مرتبطة أيضاً بالهجمات في باماكو وغراند بسام بساحل العاج وغاو بمالي. في هذه الهجمات، استخدموا بنادق هجومية من نوع 56-1 “كلاشينكوف صيني” مثل تلك التي تمّت مصادرتها في القرن الأفريقي في عام 2016.
ويتم اعتبار تهريب المخدرات والاختطاف والاغتيالات وتهريب الأسلحة على أنها إرهاب، في حين أن الأمر يتعلق بمجرمين مبتذلين يسعون إلى شرعنة وتبرير اعتداءاتهم.