شهدت العاصمة الصومالية مقديشو مؤخرا وبعض الولايات التي تجري فيها المراحل النهائية للانتخابات، العديد من التفجيرات التي وصفت بأنها الأعنف خلال الأسابيع الماضية.
ويرى مراقبون أن تلك العمليات بها الكثير من علامات الاستفهام، نظرا لحساسية ودقة تأمين الأماكن التي حدثت بها، وأن الوصول إليها أمر فيه صعوبة كبيرة، إن لم تكن هناك ثغرات أمنية مقصودة أو غير مقصودة مكنت من قاموا بتلك العمليات من الوصول إلى أهدافهم دون عناء.
ويشكك فريق آخر في إعلان حركة الشباب مسؤوليتها عن تلك العمليات، ويرون أن هناك صبغة سياسية ربما تكون وراء تلك التفجيرات، نظرا للخلافات السياسية السائدة منذ فترة والتي أحدثت نوع من الانقسام داخل المؤسسة الأمنية، علاوة على انضمام عدد من القادة العسكريين إلى البرلمان مع الاحتفاظ بوظائفهم الأمنية، الأمر الذي قد يكون السبب في هذا الخلل الأمني، ويتوقعون حدوث عمليات أخرى خلال الأيام القادمة، لكن في كل الأحوال سوف يتم استكمال الانتخابات واختيار الرئيس، لأنه لا بديل أمام الصومال.
بداية يقول المحلل السياسي الصومالي، عمر محمد، هناك احتمال كبير بأن التدهور الأمني في البلاد خلال الأسبوع الماضي له علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالأوضاع السياسية التي تعيشها البلاد، وهناك العديد من الشواهد التي تدعم تلك الرؤية.
السياسة والأمن
وأضاف محمد، أن انشغال الجميع بالعملية السياسية، وخاصة في الانتخابات يعد من الأسباب الرئيسية في ذلك، إذ إن إحصائيات غير رسمية تشير إلى انضمام حوالي 22 ضابطا أمنيا إلى البرلمان الجديد دون استقالتهم من مناصبهم الأمنية، مما جعل أمن البلاد، متدهورا.
وتابع المحلل السياسي الصومالي، أن تلك التفجيرات الأمنية تزامنت مع أوضاع سياسية لها دلالات، فمثلا نجد عملية اقتحام مجمع حلني العسكري التابع لمطار آدم عدي بمقديشو في الـ 23مارس/ آذار 2022م، وجاء ذلك في أعقاب الجولة الاستراتيجية التي قام بها في شاطئ المجمع كل من، محمد روبلي رئيس الوزراء، والسفير أندريه لاري سفير واشنطن لدى الصومال.
كذلك فإن سلسلة تفجيرات مدينة بلدويني في مساء نفس اليوم، جاءت بعد يوم طويل وشاق من أحد أشد أيام الانتخابات النيابية منافسة في هذه المدينة، الأمر الذي دفع البعض من السياسيين المحليين وسفراء المجتمع الدولي لدى الصومال إلى التشكيك في طبيعة هذه التفجيرات، والاعتقاد بأن هناك دوافع سياسية وراء تلك الهجمات، على الرغم من تحمل حركة الشباب مسؤولية هذه التفجيرات.
وأوضح محمد، أن تفجيرات بلدويني وقعت في محيط المنطقة الأمنية التي تشمل القصر الرئاسي والقاعة التي تستضيف الانتخابات النيابية، كما أن مقتل النائبة آمنة محمد عبدي في أحد هذه التفجيرات زاد من هذه الشكوك، حيث إنها كانت نائبة ترفع صوتها تحت قبة البرلمان خلال السنوات الـ٥ الماضية، كما أنها كانت تواجه قبيل مقتلها عراقيل في الترشح مرة أخرى لمقعدها النيابي.
وقال المحلل السياسي، هذه الإشكاليات وغيرها دفعت “تينا إينتلمان” مندوبة الاتحاد الأوروبي لدى الصومال إلى وصف هذه الهجمات في تغريدة بأنها “ذات دوافع سياسية”، غير أن هذه التغريدة تم حذفها بعد اعتراضات جاءت من الخارجية الصومالية، فيما أشار السيد روبلي إلى اعتقاده بأن هذه التفجيرات محاولات لعرقلة الانتخابات ونشر الرعب والذعر في أوساط الصوماليين وأصدقائهم من المجتمع الدولي.
ثغرات أمنية
من جانبه يقول عبد الرحمن إبراهيم عبدي، رئيس مركز مقديشو للدراسات بالصومال، في تقديري أن حركة الشباب التي تحارب الحكومة وقوات حفظ السلام تستغل الخلافات والصراعات السياسية، وتتمكن من تنفيذ هجمات منظمة على مواقع حساسة في العاصمة مقديشو.
وأضاف عبدي، كما أني لا أستبعد وجود ثغرات أمنية نجمت عن تباين بين الصومال والاتحاد الافريقي حول طبيعة عمل قوة بعثة الاتحاد لحفظ السلام في الصومال، وفي الغالب تصعد المجموعات الإسلامية المسلحة هجمات خلال الفترات الانتقالية لإثبات وجودها، وأنها مازالت تمثل عقبة أمام استقرار الصومال ومحاولة عرقلة سير العملية الانتخابية.
استكمال الانتخابات
ويرى عبدي، أن ما حدث خلال الأيام الماضية في مقديشو ومدينة بلدوين من هجمات انتحارية لا يخرج عن هذا الإطار، ولكن تلك العمليات لن تغير من الواقع شيئا، وحتى الايام المقبلة قد تشهد هجمات اخرى أكثر خطورة، ولاسيما بحلول شهر رمضان المبارك، لكن في الحقيقة هذه الهجمات لن تحول دون استكمال العملية الانتخابية وانتخاب رئيس جديد خلال الأسابيع المقبلة.
وتعد الخطة الأمنية التي وضعتها السلطات تشمل تأمين الانتخابات، وفتح تحقيقات في آخر الهجمات الإرهابية التي وقعت الأسبوع الماضي في مقديشو وبلدويني، بجانب وضع خطة محكمة لتأمين العاصمة من الهجمات الإرهابية التي قد تتصاعد في شهر رمضان.
وتنفيذا لتلك التوجيهات عقد قائد الشرطة الصومالية الجنرال عبدي حسن حجار، اجتماعا مع قادة مراكز الشرطة في العاصمة وتوعدهم بالإقالات حال لم تتم معالجة انعدام الأمن سريعا في مقديشو.