الصومال اليوم

الإرهاب ودول الساحل الأفريقي الغربي


ما أن تتدخل التنظيمات الإرهابية، مثل “القاعدة” وداعش”، في أي منطقة آمنة تنقلب موازين السلم بها ويبدأ تدهور الأوضاع.
وهذا تماما ما يحدث في دول الساحل الغربي لأفريقيا، ومن بينها السنغال.. فلا يمكن لشعوب الساحل الغربي لأفريقيا تحمّل مزيد من عدم الاستقرار وتدهور الأوضاع.. فغينيا بيساو وكوت ديفوار وغانا وتوغو وبنين دول تثير اهتمام الإرهابيين، وإذا ما وجدوا نقطة ضعف بها، فسيستغلونها بلا شك.
ظاهرة الإرهاب تؤرق دولة السنغال، لكن حتى الآن تم التعامل معها بطريقة أفضل مقارنة بالبلدان المجاورة لها، لكن الخطر الأبرز يكمن في أن الخلايا النائمة للإرهابيين داخل السنغال قد تستيقظ في أي لحظة، وبالطبع فإن عدم تسجيل هجمات داخل البلاد لا يعني عدم وجود إرهابيين بها، لأنهم بشكل أو بآخر منخرطون في صفوف جماعة “بوكو حرام” الإرهابية أو تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” أو “داعش” الإرهابي.

في السنغال، يتم تدريس الدين الإسلامي على يد جمعيات يحظى قادتها باحترام كبير، ولديهم قدرة كبيرة على التأثير في المجتمع السنغالي.
ومنذ السبعينيات كانت هناك جماعات أخرى حاولت تغيير الخطاب الديني، وهو ما كان له تأثير في دول مجاورة مثل مالي أو بوركينا فاسو، لكن رفض الخطاب المتطرف في السنغال جعل أتباع هذه الجماعات المتطرفة يهاجرون إلى نيجيريا أو الساحل أو ليبيا.
وللمفارقة، فإن هذه التيارات المتطرفة لم تؤثر فقط على الفئات الأكثر حرماناً والأميين، ولكن تأثيرها وصل أيضاً إلى الجامعات، حيث كشفت التحقيقات في ليبيا مثلا أن المقاتلين السنغاليين المسجونين قد حصلوا على دراسات عليا.

في عام 2016 اكتشفت السلطات السنغالية خطة للإرهابيين لإيجاد موطئ قدم في إقليم كازامانس، ومنه للانتشار في غامبيا والسنغال وغينيا بيساو وغينيا كوناكري.
من الصعب أن يفكر الإرهابيون في تثبيت وجودهم في هذه المنطقة دون الاعتماد على حركة المتمردين بإقليم كازامانس.. وهنا يتحالف المتمردون مع الإرهابيين.
دليل آخر على اهتمام الإرهابيين بالوجود بقوة داخل السنغال هو دعوة زعيم كتيبة “ماسينا” التابعة لتنظيم “القاعدة” الإرهابي في مالي عام 2018 جماعة “بول” العرقية إلى بدء القتال في السنغال.
يريد الإرهابيون الاقتراب من المحيط الأطلسي، لكن دون فقدان مصادر دخلهم، فالهجوم مباشرة على العواصم يعني خسارة كبيرة في الدخل ويجعل السكان ينقلبون ضدهم.. هذا درس تعلّمه الإرهابيون بحكم تجاربهم في سوريا والعراق قبل أن تسقط دولتهم المزعومة هناك.
وإذا ما حدث حرمان لسكان هذه المناطق من مصادر أرزاقهم، فسيضطر الإرهابيون إلى تزويدهم بالطعام، وهو ما سيزيد من إضعاف التنظيمات الإرهابية ومدخولاتها، وهذه الخطة لا تتناسب مع حرب الاستنزاف التي تعيشها التنظيمات الإرهابية في غرب أفريقيا.

Exit mobile version