هيمن الفساد السياسي والإداري والمالي على الانتخابات البرلمانية الصومالية؛ مما جعل عددا من المقاعد البرلمانية محجوزة لشخصيات سياسية أو ذات خلفية أمنية بعينها، بدون منافسة أو انتخابات نزيهة، كما ترويه وسائل الإعلام الصومالية.
وعلى الرغم من الانتهاكات القانونية والحقوقية التي جرت خلال الانتخابات البرلمانية التي لم تنته بعد، ومنع مواطنين وسياسيين صوماليين من الوصول إلى دوائر انتخاباتهم، إلا أن المواطنين الصوماليين يغضون الطرف عن هذه الانتهاكات على أمل انتهاء حالة الفراغ السياسي التي تعاني منها البلاد، والتي يرى البعض بأن تداعياتها ستكون أشد إذا طالت المدة.
عندما يتم الحديث عن الانتخابات الصومالية والمال السياسي تصبح قطر الدولة التي تتبادر إلى أذهان الصوماليين، وليس هذا الأمر إلا نتيجة تصرفات تراكمية وقعت في مواسم انتخابية سابقة.
وأكد الدكتور عبده اسماعيل سمتر الذي انتخب سناتورا في مجلس الشيوخ الصومالي في مقابلة متلفزة يعود تاريخها إلى عام 2019 أن لديه اعترافات من قبل نواب في البرلمان الفيدرالي العاشر بأنهم تلقوا أموالا كرشاوى من الرئيس المنتهية ولايته محمد عبد الله فرماجو للإدلاء بأصواتهم لصالحه في الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2017م.
وكان سمتر كما قال في مقابلته المتلفزة يتابع عن كثب الحملات الانتخابية الرئاسية التي جرت في الوطن عام 2017، وخاصة الحملة الانتخابية للرئيس المنتهية ولايته محمد عبد الله فرماجو، وما حصل في تلك الفترة من الفساد والمال السياسي ودفع الرشاوى مقابل الصوت، مما دفع الرجل في أول مقابلة له بعد انتخاب فرماجو رئيسا للجمهورية في شهر فبراير 2017 إلى تقديم توصية لفرماجو تمثلت في أمرين، وهما: الخروج إلى العلن وتأكيد عدم ضلوعه في دفع الرشاوى للوصول إلى السلطة، أو الإقدام على الاعتراف وطلب العفو من الشعب إذا كان وصل إلى السلطة بالرشاوى، وهو ما لم يفعله فرماجو.
وتحدث الدكتور سمتر في مقابلته المتلفزة عن الأموال السياسية المؤثرة على الانتخابات، وأشار بالتحديد إلى أن الأموال التي –كما يعتقد- أوصلت فرماجو إلى السلطة جاءت من قبل دولة قطر؛ التي أدرك الجميع فيما بعد مدى وقوفها إلى جانب فرماجو.
وتسببت الأموال القطرية -كما يعتقد سياسيون صوماليون- في قدرة الدوحة على التأثير على المشهد السياسي الصومالي في ظل حكم الرئيس فرماجو؛ الذي انتهت مدة ولايته الدستورية في تاريخ 7 فبراير 2021.
وسبق أن وجه زعيم حزب ودجر، المرشح الرئاسي عبد الرحمن عبد الشكور -الذي أنتخب نائبا في مجلس الشعب الصومالي- انتقادات شديدة إلى السياسة الخارجية الصومالية في عهد حكم فرماجو؛ التي وصفها بأنها “أصبحت أداة تستخدمها دولة قطر” التي قال إنها تتعامل مع الحكومة الصومالية “كمنظمة غير حكومية في إلحاق الضرر بدول أخرى”.
وأشار عبد الشكور كذلك في تصريح صحفي سابق إلى أن المال القطري هو الذي استخدم كرشاوى للإطاحة برئيس مجلس الشعب الصومالي السابق محمد شيخ عثمان جواري وبعض رؤساء حكومات الولايات في الصومال.
ويشاطر مدير وكالة المخابرات الأسبق عبد الله سنبلولشه الرأي نفسه مع السياسي عبد الرحمن عبد الشكور، حيث أشار -في مقال له نشر في شهر يونيو من عام 2020م في مجلة ناشيونال انترست الأمريكية- إلى أن المال القطري كان السبب في الإطاحة برئيس مجلس الشعب السابق محمد شيخ عثمان جواري.
وواصل سنبلولشه كلامه لتوجيه اتهام إلى دولة قطر في ذلك المقال، قائلا: : إن تحالف الرئيس فرماجو مع قطر هو سبب المشاكل التي يعاني منها الصومال، واصفا الدور القطري بأنه ترك تأثيرا خبيثا على كل جانب من الجوانب السياسية والدبلوماسية الصومالية، كما أشار في المقال نفسه إلى التعاون بين فرماجو ودولة قطر في العمل على تقويض الضوابط والتوازنات السياسية في مقديشو من خلال تهميش مجلس الشيوخ.
وأشار الدكتور عبده اسماعيل سمتر الذي أصبح سناتورا في مجلس الشيوخ الصومالي في مقابلته المتلفزة المذكورة إلى أن أموال قطر صنعت شخصيات متنفذة تمتلك سلطة غير قانونية لا حدود لها، توجّه وتتحكم بالرئيس المنتخب والأجهزة الحكومية.
وعلى العموم فإن المراقبين يتساءلون هل يمكن أن تتخلى دولة قطر عن التدخل في شأن الصومال؛ الذي يعاني شعبه من كوارث وأزمات طبيعية ومفتعلة، أم ستستمر في التأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية المقبلة، على غرار ما حدث في مواسم انتخابية سابقة؟.