الصومال اليوم

الأفارقة بين الحياة والموت في مخيمات اليمن العشوائية


اعتاد الآلاف من اللاجئين الفارين من دول عدة في شرق أفريقيا على اتخاذ الأراضي اليمنية معبرا للوصول إلى الجارة الشمالية السعودية ودول خليجية أخرى، لكنهم وجدوا أنفسهم منذ بدء الحرب اليمنية محجوزين في مخيمات للاجئين تفتقر لأبسط مقومات الحياة الضرورية.
وجدت الإثيوبية زبيبة محمد علي نفسها في عدن في جنوب اليمن، بعدما رحّلتها سلطات المتمردين الحوثيين من صنعاء إثر احتجاجات شاركت بها بعد حريق في مركز للمهاجرين في العاصمة اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون منذ العام 2014.
وتمّ ترحيل عدد من اللاجئين الإثيوبيين من عرقية أورومو العام الماضي إلى عدن حيث يعيشون من دون مياه أو إمدادات صحية، وبين أكوام من القمامة في خيم متهالكة تغطي بعضها ملاءات قديمة.
وتقول زبيبة (34 عاما) بلغة عربية ركيكة “هناك فئران وأفاع وحيوانات غيرها. في الليل لا ننام”، مشيرة إلى أنّها تعيش في ظروف صعبة جدا.
وكانت تعمل في مجال تنظيف المنازل في صنعاء، قبل أن يتم ترحيلها.
وكان المتمردون الحوثيون أعربوا بعد الحادثة عن “الأسف الشديد” جراء الحريق، مؤكدين مقتل 44 شخصا في الحادثة وفتح تحقيق لمعرفة أسبابه.
وتشير زبيبة إلى أن لديها طفلين “مازالا في صنعاء برعاية جيران يمنيين”، مضيفة “أنا هنا وحدي”.
وتحمل زبيبة شهادة لجوء من مكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وتقول عن حياتها في المخيم “نأكل إذا تصدّقوا علينا، أو بقايا الأكل من المطاعم، أو يقوم سكان يمنيون بمساعدتنا”، مضيفة “لا توجد حياة لنا هنا. نحن نعيش بين الحياة والموت”.
ويقطن العشرات من اللاجئين وطالبي اللجوء المخيم، بحسب سكانه.

وتقول علياء إبراهيم التي تم ترحيلها من صنعاء أيضا إن حياتها هناك “كانت أفضل. هنا لا شيء لنا. هناك على الأقل كنا نعيش في شقة ونقفل الباب علينا. هنا لا شيء”.
وتوضح بيزايا تيدروس أبرا “نحن غرباء في هذه البلاد. سلطات صنعاء لا تقبلنا، ولا السلطات هنا، لأننا أجانب”.
وتتابع “من الصعب أن نعيش في هذا المكان وفي الوقت نفسه، صعب أن نعود إلى بلادنا”، مشيرة إلى أن “هناك حربا في بلادنا ونحن هاربون من الحرب”.
وتقول “نعيش هنا منذ سنة ونجلس وسط القمامة والقذارة. حتى الحيوانات لا يمكنها البقاء هنا”.
وتدير مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة مخيمين للاجئين الأفارقة في جنوب اليمن، هما مخيم خرز في محافظة لحج والبساتين في منطقة دار سعد في عدن.
وقبل 20 عاما، افتتحت الحكومة اليمنية بالتعاون مع الأمم المتحدة مخيم خرز ويؤوي المخيّم الذي تشرف عليه الأمم المتحدة بمساعدة السلطات المحلية قرابة 9490 لاجئا وطالب لجوء، معظمهم من الصومال وإثيوبيا من أصل 140 ألف لاجئ أفريقي موجودين في اليمن.
وأكدت المفوضية أنها “تبقى على تواصل وثيق مع طالبي اللجوء واللاجئين” في المخيم العشوائي.

ورغم الحرب المستمرة منذ سبع سنوات والتي أودت بحياة عشرات الآلاف وأدت إلى نزوح الملايين في إطار أزمة إنسانية تعتبرها الأمم المتحدة الأسوأ في العالم، يعتبر اليمن محطة عبور لعشرات الآلاف من المهاجرين الذين يسافرون بين القرن الأفريقي والسعودية ودول خليجية أخرى.
ويتهم الحوثيون بإفساحهم المجال طوال الأعوام الماضية أمام المهاجرين الأفارقة لتجاوز الحدود الشائكة بين اليمن والسعودية للتوجه نحو المملكة، لكن السلطات الأمنية السعودية كثيرا ما رفضت استقبالهم وقامت بإعادتهم على أعقابهم نحو الأراضي اليمنية.
وتقدّر منظمة الهجرة الدولية أن هناك “قرابة 190 ألف مهاجر بحاجة إلى مساعدة إنسانية في اليمن”.
وقالت المنظمة إن هناك “عشرات الآلاف منهم عالقون في البلاد غير قادرين على المضي قدما أو العودة إلى بلادهم”.
وتشرح الباحثة في منظمة هيومن رايتس ووتش نادية هاردمان أن “هناك نحو 40 ألف شخص نقلهم الحوثيون وتركوهم في عدن لتدبّر أمرهم بأنفسهم” بعد الحريق.
ووفقا لهاردمان، يأتي العديد من اللاجئين الأفارقة وطالبي اللجوء إلى اليمن “وأكثر من نصفهم لا يعرفون حتى أن نزاعا يدور فيه”، مشيرة إلى أن الطريق إلى اليمن “مليء بالمخاطر والتحديات”.
وتتابع أن الكثيرين يحاولون الوصول إلى الحدود مع السعودية في محافظة صعدة الخاضعة لسيطرة المتمردين الحوثيين.
وتشرح أن كثيرين “يصلون إلى صعدة (في محاولة للعبور إلى السعودية) ثم يأخذهم الحوثيون ويرسلونهم إما إلى مراكز احتجاز أو إلى عدن حيث الوضع الاقتصادي سيء”.
وتضيف “في بعض الأحيان، عندما يتم ترحيل البعض إلى إثيوبيا مثلا، يحاول بعضهم العودة مرة أخرى في مسعى للحصول على حياة أفضل”.

Exit mobile version