الصومال اليوم

ماذا يحدث لـ”القاعدة” و”داعش” على حدود مالي-النيجر؟


خلال فبراير/شباط المنصرم، كان تنظيما “القاعدة” و”داعش” الإرهابيان يقاتلان بعضهما للسيطرة على “غورما”، المنطقة الحدودية لمالي مع النيجر وبوركينا فاسو.
وقد أدّى ذلك القتال بين التنظيمين إلى تحرّك خلاياهما بكثافة عبر هذه المنطقة.
وفي خضم تلك التحركات، اتهم إرهابيو التنظيمين السكان المحليين بدعم هذا الطرف أو ذاك، ما دفع الأهالي للفرار من مساكنهم.

وبعد الأسبوع الأول من الشهر الماضي، تمكّنت “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين”، التابعة لتنظيم “القاعدة” الإرهابي، من طرد “داعش” من المنطقة المعروفة باسم “الحدود الثلاثية”، ما أسفر عن مقتل العشرات من إرهابيي “داعش”.
منذ هذه اللحظة، قام الجيش المالي بملاحقة “نصرة الإسلام والمسلمين”، الأمر الذي أجبرها على التحرّك شمالاً باتجاه الحدود مع موريتانيا، وهو ما دفع السلطات الموريتانية إلى إرسال مذكرة إلى أجهزة الأمن في البلاد تحذّر فيها من توجّه عدد من إرهابيي “القاعدة” نحو الأراضي الموريتانية انطلاقاً من شمال مالي. وقاد هذه المجموعة الإرهابي حمزة الشنقيطي، الذي حاول تنفيذ عملية اختطاف لشخص غربي على بعد 60 كيلومتراً من “تمبكتو” خلال فراره، لكن المحاولة باءت بالفشل، فيما لا تزال خطط هذا الإرهابي ونيّاته الحقيقية غير معروفة.
وفي مطلع شهر مارس/آذار الجاري، جاء رد فعل إرهابيي “القاعدة” عبر هجوم قوي على الجيش المالي خلّف عددا كبيرا من الضحايا في “موندور”، لكن سقط فيه أيضا أكثر من 200 قتيل بين صفوف الإرهابيين، الذين كان من بينهم ما لا يقل عن عشرة قادة.
وتمركزت “نصرة الإسلام والمسلمين” الإرهابية، بعد ضغوط الجيش المالي، على بعد 200 كيلومتر من بوركينا فاسو، و300 كيلومتر من النيجر، بالضبط في تميرا “بوريم”.

ومن جهتها، قتلت قوة “برخان” الفرنسية في 26 فبراير/شباط المنصرم، الزعيم التاريخي لـ”تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي”، يحيى جوادي، الملقب بـ”أبو عمار الجزائري”، الذي كان يشغل منصب المنسق المالي واللوجستي لتنظيم “القاعدة”، وذلك على بعد 100 كيلومتر شمال تمبكتو، ما شكَّل ضربة قوية لمعنويات التنظيم الإرهابي.
ولزيادة المشهد تعقيداً، لم يعد المشاركون في هذه الحرب بين التنظيمات الإرهابية في هذه المنطقة الحدودية يقتصرون على الجيش المالي، والفرنسي عن طريق قوة برخان، والقوة الغربية تاكوبا وإرهابيي “القاعدة” و”داعش” منذ بداية مارس/آذار الجاري، بل دخل على الخط أيضاً “طوارق حركة إنقاذ أزواد”، التي تقاتل ضد تنظيم “داعش” الإرهابي، لرفضهم وجود هذا التنظيم داخل مالي، لذلك دفعوه باتجاه النيجر، ما تسبب في سقوط أربع ضحايا بين الطوارق وثلاثة من بين الإرهابيين، فيما لسوء الحظ أعدم عناصر “داعش” خلال عملية فرارهم عشرات المدنيين.
وبعد أيام، شنّ تنظيم “داعش” هجوماً مضاداً ووصلت قرابة 300 دراجة نارية يقودها إرهابيون من النيجر متسببة في مذبحة في صفوف المدنيين، وبعد الهجوم انسحبت الدراجات إلى النيجر مجدداً فيما بدا أنه تراجع تكتيكي.

وبالتوازي مع تقدّم الجيش المالي في المنطقة الحدودية الأخرى مع موريتانيا، وقعت هجمات غريبة على موريتانيين داخل الأراضي المالية، الأمر الذي دفع نواكشوط للاحتجاج لدى السلطات المالية بسبب “وقوع جرائم ضد رعاياها”. وتسببت هذه الهجمات مجهولة المصدر في انزعاج رئيسي البلدين، حيث تقرر عقد عدد من الاجتماعات والشروع في تحقيقات لتوضيح ملابسات الأحداث في المنطقة الحدودية.
وهنا نقول إنه ليس من المنطقي أن تهاجم مالي المواطنين الموريتانيين في هذا الظرف، الذي منعت فيه المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا، الإيكواس، وصول البضائع لمالي، لتبقى موريتانيا المنفذ الوحيد لمساعدة باماكو على تجاوز هذه الأزمة.
ويعرف رئيس مالي، غاسيمي غويتا، جيداً أنه رغم مطالبته قوة برخان الفرنسية وقوة تاكوبا الدولية بمغادرة الأراضي المالية، فإن رحيلهما لن يكون فورياً، لأن قوات بهذا الحجم لا يتم تفكيكها خلال يومين، لذلك ستبقى هذه القوات في مسرح العمليات لمواجهة الإرهابيين هناك لبعض الوقت.. وهذا يعني أن “غويتا” اتخذ قراراً بمطاردة الإرهابيين في المناطق التي لا توجد فيها قوات برخان وتاكوبا، إذ يستعجل الجيش المالي شنّ هجمات ضد فلول إرهابيي “القاعدة” و”داعش”، فمع اقتراب موسم الأمطار في شهر مايو/أيار المقبل ستتوقف العمليات العسكرية.
إن إجبار الإرهابيين على تغيير قواعدهم الخلفية سيجبرهم أيضا على التحرك ومغادرة المنطقة، وهذا يشكل خسارة كبيرة لهم، ما سيجعلهم معزولين في منطقة بها موارد قليلة ودون إمدادات كافية.

Exit mobile version