فشل الرئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو، الأحد، في الحديث عن مستقبل بلاده السياسي خلال ندوة جرت وقائعها بالقصر الرئاسي بعد أن وجهت إليه أسئلة مباشرة لم يستطع الإجابة عنها بشكل شفاف في أول لقاء جماهيري مفتوح شارك فيه منذ توليه المنصب.
ونظم معهد “رأس لدراسة السياسات” ندوة بعنوان “إلى أين تتجه البلاد بعد الاتفاق السياسي؟ ” لكن أجواءها تحولت من نقاش للمستقبل إلى استجواب لمسلسل الفشل الذي أدى فرماجو دور البطل فيه منذ فبراير/شباط 2017 حتى الآن.
وأراد فرماجو أن تكون الندوة إعلانا رسميا وتدشينا لدعايته الانتخابية التي يسعى من خلالها إلى إعادة انتخابه لفترة ثانية، لكن نتائج الدعاية لم تأت بالمطلوب حسب فرماجو وأصبحت وبالا عليه.
ولم يستطع فرماجو الإجابة عن الأسئلة التي وجهها المشاركون في الندوة التي أعادت الحياة لوعود فرماجو في حملته الانتخابية في عام 2016 على كافة الملفات خصوصا السياسية والأمنية والإقتصادية.
وبدل الإجابة على تلك الأسئلة جدد فرماجو تأكيده على افتعال المعارك مع أكثر من جبهة، بالتحديد مع أرض الصومال ورجال الصحافة الذين عانوا في ظل حكمه نحو أربع سنوات.
وحاول فرماجو التغطية على فشله الذريع في إدارة البلاد، بشن هجوم على الصحفيين حيث قال إن هناك من يشبه صحفيين لكنهم ليسوا كذلك يفتقرون إلى تعلم الصحافة وكسب الخبرة ولديهم صلات بحركة الشباب ويعملون من أجلهم”، على حد زعمه.
وجاءت إجابة فرماجو عن هذه الشاكلة في سؤال وجه إليه حول وضع الصحافة أثناء فترة حكمه حيث يتم ربط مهنة الصحافة والصحافة المستقلة والصحفيين الصوماليين بالإرهاب.
وقال الصحفي الصومالي عبدالله مؤمن، أحد قيادات العمل النقابي، في مؤتمر صحفي: ” لقد ربط الرئيس محمد عبدالله فرماجو بشكل مثير بين الصحفيين الصوماليين والجماعات الإرهابية المتشددة ما قد يعرضهم للخطر في بيئة عمل متقلبة وغير رحيمة لأصحاب مهنة المتاعب دون أي دليل على جميع ادعاءاته”.
ووصفت نقابات صحفية صومالية تصريحات فرماجو بأنها مزعجة وخطيرة وقالت تلك النقابات في بيان “نشعر بحزن عميق لأن رئيس البلاد قد وصم الصحفيين بأنهم من مقاتلي حركة الشباب”.
وأضافت تلك النقابات، في بيانها، أن أي تصريحات من هذا النوع التي تأتي من شخصيات ذات مناصب رفيعة ستشكل عقبة أخرى أمام العمل الصحفي والهدف النهائي هو التخويف وتكميم أفواه الصحفيين عن نقل الحقائق عن الواقع الصومالي.
ويرى مراقبون بأنه من الممكن لتصريحات فرماجو أن تزيد من تفاقم الوضع الهش والخطير بالفعل للصحفيين في الصومال الذين لا يعملون فقط تحت وطأة الخوف من الجماعات المتطرفة، ولكن أيضا من أجهزة الدولة التي تتلقي مثل هذا النوع من التصريحات .
ووفق إحصائية لـ”نقابة الصحفيين الصوماليين” (غير حكومية) خلال عهدة فرماجو قتل في الصومال 10 صحفيين وفر 12 صحفيا من البلاد في 2019 فقط واعتقل 100 صحفي في أرجاء البلاد وتم تسجيل 81 2019 تجاوزا بحق الصحفيين كل هذا لأسباب تتعلق بمزاولة مهنتهم.
وعلى الرغم من أن فرماجو تعهد مرارا على حماية حرية الصحافة وأمن الصحفيين، إلا أن تصرفات الرجل تروي قصة مختلفة وتنسف جميع التعهدات الزائفة حيث عانى الصحفيون في السنوات الأربع الماضية من قوانين قمعية وقاسية استخدمتها إدارته للقضاء على الأصوات المعارضة رغم فشلها الذريع.
ولجأ الرئيس الصومالي إلى تقنين أساليب القمع ومصادرة الحريات، بعد أن صادق على قانون الصحافة الصومالي المعدل في 30 من يوليو/تموز الماضي سرا، بعيدا عن النقابات الصحفية والحقوقية.
وتتزامن محاولات فرماجو تكبيل الصحافة الحرة قبيل الاستحقاقات الانتخابية المقررة في نهاية العام الحالي ومطلع العام المقبل.
ووقع فرماجو قانون الصحافة الصومالي المعدل لسبب وحيد، وهو النجاة من فخ كشف الأكاذيب والمزايدات الإعلامية التي انتهجها خلال سنوات حكمه، مستهدفا من خلالها أبرز الشخصيات الإعلامية والسياسية الصومالية للنيل منها لتصوير نفسه أنه الأصلح للصومال.