تسلمت دولة الإمارات العربية رئاسة مجلس الأمن لهذا الشهر – آذار/مارس – وعلى جدول أعمالها العديد من القضايا الاعتيادية، والناشئة. وإلى جانب الموضوع الأوكراني الذي يتصدّر العناوين، أكدت دولة الإمارات أنها لن تنسى هذا الشهر ملايين الأشخاص حول العالم وما يواجهونه من أوضاع في أفريقيا والشرق الأوسط وسوريا وليبيا والعراق وأفغانستان، “ممن يحتاجون أيضا إلى انتباهنا كمجلس أمن.”
هذا ما قالته مندوبة دولة الإمارات العربية لدى الأمم المتحدة، لانا زكي نسيبة، خلال إحاطة للصحفيين بمناسبة تسلّم رئاسة مجلس الأمن أمس.
وقالت: “ترنو أنظارنا إلى جميع هذه الأزمات وسنفعل ما في وسعنا كرئيس مجلس الأمن لهذا الشهر من أجل إدارة عمل المجلس بطريقة مؤثرة وفعّالة، في محاولة لبناء الجسور في المناطق التي تعاني من انقسامات، لأنني أعتقد أن المجتمع الدولي بحاجة إلى نهج بناء الجسور للدبلوماسية اليوم.”
واستهلت السيدة لانا زكي نسيبة حديثها بالإشارة إلى أن موعد تولي الإمارات العربية المتحدة رئاسة المجلس يأتي في وقتِ فيه الاضطرابات العالمية هائلة. وأكدت أنها تتوقع المزيد من طلبات عقد اجتماعات -ليست على جدول الأعمال في الوقت الحالي.
وقالت، كرئيس للمجلس ستبذل الإمارات قصارى الجهود لتسهيل تلك الاجتماعات. “هذا هو المكان حيث يجب أن تتجلى الدبلوماسية والحوار، وأفسحنا المجال في جدول الأعمال لعقد تلك الاجتماعات إذا طُلب ذلك من الدول الأعضاء.”
وردّا على سؤال بشأن موقف الإمارات من مشروع القرار الفرنسي-المكسيكي الذي يتعلق بحماية المدنيين، أكدت مندوبة دولة الإمارات أن هناك حاليا نسختين من النص على الأقل.
وقالت: “لأن مجلس الأمن هو مطبخ حيث يتم الطهو فيه باستمرار، وثمة الكثير من الأواني على الموقد، أعتقد أن هناك الكثير من الإضافات التي سيتم وضعها في النص، يعتمد ذلك على كيفية مساهمة الأشخاص به.”
وبشكل عام، أشارت إلى أن الإمارات منخرطة في النص وبشكل عام، تدعم بشدة أي شيء سيساعد في رفع المعاناة الإنسانية، ويضمن سلامة المدنيين، سواء في أوكرانيا أو في جميع أنحاء العالم.
وتعتزم الإمارات عقد ثلاث فعاليات مميزة ترتبط بأولوياتها في المجلس، الأولى حول المرأة والسلام والأمن والشراكة. وفي هذا السياق قالت السفيرة الإماراتية: “ستعكس رئاستنا التزام الإمارات العربية بوضع أجندة المرأة والسلام والأمن كأولوية قصوى.”
والثانية حول الأمن المناخي. وأوضحت السيدة لانا نسيبة أن تغيّر المناخ يظل واحدا من أكثر التحديات العالمية الملحة. “الإمارات العربية بنفسها كانت في مقدمة محاربة هذا التحدي بما في ذلك ارتباطها بالسلام والأمن، وعلى الرغم من أنها كانت في بعض الأحيان قضية جدالية في مناقشات المناخ في المجلس، نعتزم جعلها تتدفق في محادثات المجلس لأننا نعتقد أنها أكثر أهمية من تجاهلها. وكدولة الإمارات، نتطلع قدما إلى استضافة مؤتمر المناخ COP28 في عام 2023، ونعتزم جعلها (فعالية) شاملة وموجهة نحو العمل قدر الإمكان.”
والفعالية الثالثة تدور حول تعاون مجلس الأمن وجامعة الدول العربية في 23 آذار/مارس. وتتعلق الفعالية بكيفية الدفع قدما نحو الاستقرار الإقليمي عبر تعزيز التعاون حول العديد من التحديات التي تواجه المنطقة العربية.
وأكدت أنه سيترأس الاجتماع معالي السيد خليفة شاهين، وزير الدولة في وزارة الخارجية والتعاون الدولي، وبمشاركة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، وأمين عام جامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط.
وقالت ستتم دعوة ممثل عن الشباب للتحدث في الفاعلية، ولتمثيل 60 في المائة من شريحة الشباب في المنطقة (الذين لا تتجاوز أعمارهم 30 عاما).
بالإضافة إلى هذه الفعاليات، سيجتمع المجلس لمناقشة الأوضاع في ليبيا، الصومال، اليمن، سوريا وأفغانستان، والسودان، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وقرار 2334 المتعلق بالمستوطنات الإسرائيلية، من بين مواضيع أخرى.
بصفتها الوطنية – مندوبة الإمارات – أشارت السيدة لانا نسيبة إلى أن دولة الإمارات دعت في مجلس الأمن إلى وقف الأعمال العدائية وخفض التصعيد والحوار والدبلوماسية والتفاوض. وفي وقت مبكر يوم الثلاثاء أعلنت الإمارات العربية عن تقديم خمسة ملايين دولار كتبرع للنداء الإنساني من أجل المدنيين المتضررين من الأزمة.
وقالت: “نشعر بالتشجيع وندعم التقارير التي تشير إلى أن المحادثات جارية بين الأطراف، وسنواصل أنفسنا البقاء على اتصال مع الأطراف، وتشجيع المسار الدبلوماسي لحل هذه الأزمة.”
وقالت بصفتها مندوبة الإمارات “نحتاج لإبقاء القنوات مفتوحة، والحث – كما قلت خلال تفسيري أثناء تصويت مجلس الأمن – على وقف الأعمال العدائية، ونحتاج إلى وصول إنساني بدون إعاقة، ويجب السماح بوضع طريق آمن لكل من يريد مغادرة أوكرانيا. كانت هذه أولوياتنا.”
ولكن كرئيسة لمجلس الأمن، أضافت تقول “نتوقع أن تظل هذه المسألة على جدول أعمال مجلس الأمن بطريقة مخصصة، وسيتم الدعوة لعقد اجتماعات، وقد استمعنا إلى رغبة بعض أعضاء المجلس بعقد المزيد من الاجتماعات حول أوكرانيا، نتوقع ذلك طالما استمرت الأزمة.”
وأوضحت أنه يجب ترك مساحة لخطة دبلوماسية. وقالت: “ما نراه الآن هو تصعيد مفهوم، والكثير من الشدة حول الموضوع. ولكن أعتقد أنه يجب إبقاء القنوات مفتوحة، وتلك الدول التي امتنعت (عن التصويت على قرار يدين الهجوم الروسي) لديها تلك القنوات مع الرئيس (فلاديمير) بوتين، وستستخدمها في المساعدة والدعم في أي طريقة ممكنة.”
ردّا على أسئلة تتعلق باليمن، أكدت السيدة نسيبة أن يوم أمس أصدر مجلس الأمن “قرارا رائدا” تبنى تجديد العقوبات، وأخضع الحوثيين ككيان لحظر الأسلحة.
وأضافت تقول: “أعتقد أن هذه إشارة للعالم الخارجي بأنه أولا مجلس الأمن متحد في إدانة الهجمات الإرهابية التي حدثت في الإمارات العربية ضد المدنيين والمرافق المدنية، وحدثت كثيرا في المملكة العربية السعودية. وقال مجلس الأمن إنه يحمّل الحوثيين المسؤولية على هذه الهجمات العابرة للحدود، وقد عبروا خطّا أحمر بشكل جلي جدا، ويلتزم المجلس في التعامل مع هذا الخط الأحمر.”
وأشارت إلى أن القرار حظي بدعم واسع النطاق، مؤكدة أنه لا يوجد حل عسكري للنزاع في اليمن، وأنه يجب إعادة تنشيط العملية السياسية بقيادة مبعوث الأمم المتحدة الخاص، هانس غروندبرغ.
“من الواضح أنه يحتاج إلى المزيد من النفوذ، ومن الواضح أن هناك حاجة إلى آلية لتحفيز الحوثيين من أجل وقف ارتكاب هجمات إرهابية عابرة للحدود والتركيز بدلا من ذلك على عملية سياسية.”
وردّا على المزيد من الأسئلة بشأن اليمن، أكدت أنه الآن أصبح من الواضح أن إمداد الأسلحة إلى جماعة الحوثي ككيان يخضع لحظر الأسلحة، وبالطبع اعتمد ذلك على تقرير الخبراء بشأن اليمن، على حد قولها.
وأضافت أن حظر الأسلحة هو خطوة أولى: التعامل مع الحوثيين كجماعة لحظر إمداد وبيع أي مستلزمات عسكرية للحوثيين كجماعة وليس كأفراد.
وقالت: “لا أحد يريد أن يرى فراغا يظهر في اليمن، وهو ما نراه بالفعل حيث تجد مجموعات إرهابية موطئ قدم لها وتقوم بالهجمات عبر المنطقة والعالم. ولذلك يظل اليمن على رأس جدول الأعمال.”
وردّا على سؤال يتعلق باتفاق أبراهام بين الإمارات وإسرائيل، أشارت لانا نسيبة إلى أهمية “أن نعلم أن رؤية اتفاق أبراهام كانت جزءا من رؤية بيئة إقليمية فيها تقبّل وانفتاح، تسمح بفضاء من الحوار والدبلوماسية.”
وأضافت تقول: “في نهاية المطاف، اتفاق أبراهام ليس استبدالا لما يجب أن يحدث فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وهذه مفاوضات ثنائية بين الفلسطينيين والإسرائيليين حول حل الدولتين.”
وأكدت أنها، بصفتها مندوبة الإمارات العربية، تدعم بالكامل موقف الجامعة العربية حول حل الدولتين وجميع القواعد والإطارات والقرارات الدولية المتعلقة بهذا الأمر.
وأضافت تقول: “لدينا الآن علاقات ثنائية مع إسرائيل، تساعدنا في التأثير على الدبلوماسية في اتجاه إيجابي – ونأمل ذلك – (ليشمل) المنطقة الأوسع.”
كما تحدثت عن التأثير الإيجابي، من الناحية الاقتصادية وريادة الأعمال والاجتماعية، للمنطقة بشكل عام.
وقالت: “لدينا الآن بيت العائلة الإبراهيمية – كنيس ومسجد وكنيسة – في نفس المكان، حيث يمكن أن يمارس الأشخاص عباداتهم. هذه هي رؤية النسيج الغني للشرق الأوسط، في دولة مثل دولتنا، ونود أن نراها تتضاعف في جميع أنحاء المنطقة، لأنها رؤية أمل وتسامح لأكثر من 60 في المائة من الشباب العربي دون سن 30 في المنطقة، هؤلاء يرغبون في رؤية نهاية للنزاع الذي يسيطر على الأخبار في القنوات الإخبارية. الجميع متعب من النزاع ويريدون نفس الشيء الذي يريده الغير حول العالم وهي فرصة اقتصادية لبناء حياة لأسرهم وتعليم أطفالهم والعيش بتقبّل بعضهم البعض، وأعتقد أن هذا هو محرّك اتفاق أبراهام.”
طلب أحد الصحفيين تعليقا من دولة الإمارات العربية على إعلان “حكومة انتقالية جديدة” في ليبيا، وردّا على ذلك، قال نائب مندوبة الإمارات، السفير محمد أبو شهاب، الذي كان مشاركا في المؤتمر الصحفي اليوم: “بالنسبة لنا، نود رؤية عملية بقيادة وملكية الليبيين، ويجب أن يكون التركيز على ضمان إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية وسنفعل كل ما في وسعنا للمساعدة في العملية الأممية، وهنا ينصب دعمنا بالكامل.”
وفيما يتعلق بسوريا، أشار السفير محمد أبو شهاب، إلى أن “النزاع استمر لأكثر من 10 سنوات، وقُتل مئات الآلاف، ونزح 13 مليون سوري. إننا نحاول النظر في مسار لإحداث تغيير ديناميكي، والانخراط في هذا الملف بشكل قد يغير (المسار) من أجل مساعدة المبعوث الأممي كي يحقق تقدما في خطته.”
وفيما أشار إلى أن الإمارات العربية المتحدة ليست حاملة قلم في ملف سوريا، “إلا أننا نرغب بالقيام بدور بنّاء ونحاول أن يحقق المجلس بعض التقدم وأن ندعم المبعوث الأممي.”