يعتبر الفن نواة أساسية في حضارات الأمم والشعوب فهو يتيح فرصة للتعريف والتعبير عن مكونات هوية الثقافة لدى الشعوب ، و يتجاوز حدود اللغات والفوارق ويمد جسر التواصل والتقارب والتعارف فيما بينها، كما أن الفن وسيلة لحفظ الهوية، فهو أيضاً وسيلة للحوار الحسي بين المجتمعات منذ القدم وحتى يومنا هذا ، اذ تشابهت ثقافات مجتمعات وتداخلت ملامح هويتها نتيجة هذا التمازج والتقارب عبر بوابة الفن ، فلا تكاد تزور مجتمعا حتى ترى شبيها له في مجتمع آخر ، فالصومال والسودان شعبان كان للفن دورا كبيرا في تداخل ثقافاتهما ، حيث معطيات الجغرافيا والمنطقة الاسترايتيجية والهوية الإسلامية التي تجمع الشعبين لعبت دورا أساسيا في التقارب فيما بينهما منذ عصور ،
وكان للفن صبغة لامعة في تأصيل هذا التشابه والتداخل بين الشعبين ، فيعتبر الفنان السوداني الراحل سيد خليفة سفير الفن السوداني حلقة الوصل بين الثقافتين حين زار الصومال وغنى في المسرح القومي الصومالي بصوته العذب الشجي الذي استقطب محبين كثر مثل الذي شهدته الفنانة الصومالية الراحلة حليمة مغول – والتي يعرفها الإخوة السودانيون ب( الحليمة الصومالية ) اثناء تقديمها حفلا غنائيا في المسرح القومي السوداني بامدرمان – حيث استقطبت جمهورا واسعا ومحبا من الشعب السوداني الشقيق ، وتأثر الفنانون الصوماليون بالفن االسوداني أمثال الفنان الراحل أحمد ربشه صاحب عبقرية غنائية قل أن يجود الزمان بمثله ، قصد السودان لدراسة الموسيقى و تأثر به كبار الفنانين السودانيين أمثال الهادى الجبل ومحمود عبدالعزيز.
وتوالت زيارات الفنانين لكلا البلدين محيين سهرات في مقديشو والخرطوم كانت تنسج حكايات وقصص الماضي المجيد والمستقبل المشرق ، وتوطدت العلاقات بين البلدين وبلغت في أوجها ، ومازال الفن كحلقة وصل بين الشعبين حتى وقتنا الحاضر ، فالفنانة السودانية صاحبة الصوت النقي الشجي ندى القلعة التي تعتبر رائدة وسفيرة الفن السوداني في الوقت الحاضر تشكل نقلة نوعية في جسر التواصل بين الشعبين الشقيقين في ظل التطورات الحديثة لوسائل الاتصال والاعلام التي اخترقت الحدود الزمانية والمكانية وصار جمهور واسع من الشباب الصومالي يتابع اعمالها الفنية واهتمامها بالفلكلور الصومالي عبر صفحاتها في وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المختلفة ، وهذا غيض من فيض على ما أثراه الفن في التقارب والتمازج بين الشعبين الصومالي والسوداني.
*سفير جمهورية الصومال الفيدرالية لدى السودان