يستعد موسى بيهي عبدي، رئيس “أرض الصومال” غير المعترف بها دولياً، لتقديم عرض للرئيس الأميركي جو بايدن، بشأن استخدام الجيش الأميركي ميناء بحري ومطار جوي، استراتيجيين، مقابل “الاعتراف بالمنطقة كدولة ذات سيادة”، بحسب ما أوردت صحيفة “وول ستريت جورنال”.
ونقلت الصحيفة عن وزير خارجية أرض الصومال عيسى كايد، توقعه أن بايدن “سيرحب بالتأكيد بوجود الولايات المتحدة وحماية الممرات المائية في مدينة بربرة”، إذ تقع المدينة على خليج عدن، وهو طريق رئيس يربط بين المحيط الهندي وقناة السويس والبحر الأبيض المتوسط.
وحاولت أرض الصومال، المحمية البريطانية السابقة شمالي غربي الصومال، مرات عدة الحصول على اعتراف دولي، لكنها لم تحصل عليه.
تعاطف الكونجرس
ورأت الصحيفة أن عوامل عدة، بينها خيبة الأمل الأميركية في الصومال الغارق في خلاف سياسي، وفشل واشنطن في القضاء على “حركة الشباب” المرتبطة بتنظيم “القاعدة”، إلى جانب المخاوف بشأن الوضع في كل من إثيوبيا والسودان، سيزيد من تعاطف الكونجرس مع “أرض الصومال”.
وقال العضو الجمهوري البارز في لجنة العلاقات الخارجية، جيم ريش، إن “حالة عدم الاستقرار في القرن الإفريقي، وتصاعد المنافسة العالمية على الموارد، تجعل من المهم للغاية أن نعمل مع شركاء متشابهين في التفكير في المنطقة، مثل أرض الصومال، ملتزمون بالسلام والديمقراطية والازدهار”.
كان ريش قدم، العام الماضي، تشريعاً يطلب من وزارة الدفاع الأميركية “البنتاجون” دراسة فكرة التعاون الدفاعي ثنائي الاتجاه بين الولايات المتحدة وأرض الصومال، وتجاوز مقديشو، لكن لم يتم تمرير المشروع.
وتتمسك إدارة بايدن بالموقف الأميركي الراسخ منذ فترة طويلة بأن الصومال، الذي تمزقه الانقسامات العشائرية والإقليمية، يجب أن يظل موحداً، لكن في ذات الوقت، لم يخف الدبلوماسيون الأميركيون إحباطهم من الرئيس الصومالي محمد عبد الله محمد، الذي أرجأ الانتخابات لأكثر من عام وحاول تمديد فترة ولايته في الفترة الانتقالية.
وكانت إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب، سحبت مئات الكوماندوز الأميركيين من الصومال، حيث كانوا يدربون القوات المحلية لمحاربة “حركة الشباب” المرتبطة بتنظيم “القاعدة”، وجماعات مشابهة في جيبوتي وكينيا، إلا أن إدارة بايدن “لم تعلن بعد ما إذا كانت ستعيد قواتها إلى القواعد في الصومال”.
صراع على النفوذ
يأتي الجدل حول مستقبل أرض الصومال، في وقت تتسابق فيه الولايات المتحدة والصين على النفوذ في إفريقيا.
وفي عام 2017، افتتحت الصين أول قاعدة عسكرية خارجية لها في جيبوتي، المتاخمة لأرض الصومال على مضيق باب المندب، وهو نقطة اختناق حرجة بين البحر الأحمر وخليج عدن.
وتقع القاعدة الصينية، التي يقول المسؤولون الأميركيون إنها “كبيرة بما يكفي لرسو حاملة طائرات وغواصات نووية”، على بعد 6 أميال فقط من أكبر قاعدة عسكرية أميركية في إفريقيا، وهي معسكر “ليمونيير”، الذي يضم 4500 جندي أميركي.
وخلصت وكالة الاستخبارات الأميركية إلى أن بكين “تعتزم أيضاً إنشاء قاعدة بحرية في غينيا الاستوائية، على الساحل الأطلسي لإفريقيا”، إذ تعتبر واشنطن أن مثل هذه الخطوة “تشكل تهديداً”، وتحاول إقناع حكومة غينيا الاستوائية برفض المبادرات الصينية.
من جانبها، ترى سلطات “أرض الصومال” أن المنافسة الشديدة بين القوتين العظميين بمثابة “فرصة لضمان الوضع الدولي”، الذي طالما سعت إليه.
ونالت “أرض الصومال” استقلالها عن بريطانيا عام 1960، قبل أيام قليلة من حصول الصومال، التي كانت آنذاك من الأراضي التي تديرها إيطاليا، على سيادتها.
واعترفت عشرات الدول بأرض الصومال قبل أن تدخل في اتحاد مع الصومال، لكن في أواخر الثمانينيات، عندما واجه الرئيس الصومالي محمد سياد بري انتفاضة، قصف جيشه منطقة هرجيسا، عاصمة أرض الصومال، وقتل عشرات الآلاف من سكانها.
وفي عام 1991، أعلنت أرض الصومال استقلالها، وأصدرت عملتها الخاصة وأنشأت جيشها، ومنذ ذلك الحين، تجنبت المنطقة الكثير من أعمال العنف العشائرية التي عصفت بجنوب الصومال.
لكن مقديشو، التي تواجه حركات انفصالية في عدة ولايات، رفضت جهود أرض الصومال لضمان الاعتراف بها كدولة ذات سيادة، كما فشلت المفاوضات في إيجاد حل وسط.
وتعترف سلطات أرض الصومال بأنها “من غير المرجح أن تنال اعترافاً واسعاً بمقعد في الأمم المتحدة قريباً”، وبدلاً من ذلك، فإنها تسعى بالتعاون مع الولايات المتحدة إلى اتخاذ تدابير مؤقتة من شأنها تعميق التعاملات المباشرة مع الحكومات الأخرى.