كنوز الصومال.. موارد طبيعية تائهة بين تهديدات أمنية وجفاف
يرتبط التحسن الاقتصادي في الصومال بتعافي الوضع الأمني وتراجع معدل الجفاف.
ويزخر الصومال بموارد طبيعية كبيرة، لكن لم يستغلها الصوماليون بسبب هشاشة النظام الحكومي والأزمات السياسية والأمنية التي عاشها خلال ثلاثة عقود مضت.
وتتعدد الموارد في مجالات أبرزها الزراعة والرعي والثروة الحيوانية والسمكية والمعدنية إضافة إلى احتياطات النفظ والغاز التي لم يستخرج بعد .
ويرصد هذا التقرير أبرز الموارد الطبيعية في البلد الأفريقي التي تهيمن الصورة النمطية في الإعلام من أخبار التفجيرات والجفاف والأزمات والفقر لاكتشاف مقدرات هذه البلد من الموارد الطبيعية، وتستند الأرقام الواردة في هذا التقرير تقديرات رسمية وغير رسمية خلال السنوات القلية الماضية .
موارد طبيعية
وتشتهر الصومال بتوفّر الموارد الطبيعيّة فيها،حيث يتوفّر لديها كمّ كبير من احتياطي الغاز الطبيعي والنفط، بالإضافة لذلك فهي غنية بالحديد، القصدير، النحاس، الملح .
وتتميز الزراعة في الصومال بأنها من أكبر المجالات الاقتصادية، حيث تشتهر بوجود ثروة حيوانية ضخمة فيها، ومن أهم صادرتها اللحوم، والأسماك، والمنتجات الزراعية .
بالإضافة إلى ذلك السكر، والموز، والذرة، كما أن الصومال تعد أكبر مستودع للمستكة والمرّ حيث تصدرهما على مستوى العالم إلى معظم الدول، وتعمل على تصدير المواشي والأغنام من الحيوانات.
أما في المجال الزراعي يعد القطاع أهم القطاعات الاقتصادية في البلاد إذ يشكل مع الثروة الحيوانية 40% من إجمالي الدخل القومي في الصومال كما يشكل 65% من إجمالي عوائد الصادرات، إذ تقدر الأراضي الصالحة للزراعة بـ8ملايين هكتار تجعل الصومال سلة غذائية لدول المنطقة.
وفي الثروة الحيوانية يشغل قطاع الثروة الحيوانية المرتبة الثانية في الاقتصاد الصومالي من حيث الأهمية إذ يمتلك الصومال أكثر من 40 مليون رأس من الإبل والبقر والغنم، حيث تصدر سنويا ملايين رؤوس من الماشية إلى الخارج بعائدات تقدر بالملايين.
فموارد البحر حاضرة أيضا إذ يملك الصومال نطاقا ساحليا وصف بأنه الأطول في المنطقة، ممتدا على خليج عدن والمحيط الهندي، وهذه الكمية الضخمة من السواحل غنية بالثروة السمكية واللؤلؤ والأصناف البحرية والملاحات الطبيعية، ومع هذا فإن استغلالها اقتصاديا مازال في مرحلة أولية.
الإنتاج البحري
وتعمل الحكومة على النهوض بالإنتاج البحري، وتقدر نسبة مساهمة الإنتاج البحري في اقتصاد الصومال نحو 2% وأكثر النشاط البشري يركز صيد الأسماك.
ومن حيث الأنهار تضم الصومال نهرين كبيرين وهما جوبا وشبيلي، وهما أكثر الأنهار فائدة للإنسان والحيوان والنبات ومنبعهما الرئيسي هي المرتفعات الإثيوبية ومع هذا فكلا النهرين يتبعان ويسيران ويصبان دون أن يتدخل الإنسان في أمرهما من تعميق المجري ويصب نهري شبيلي إلى البحر بينما يجف نهري جبوبا في اليابس.
أما المراعي تتمتع الصومال بمساحة المراعي الدائمة نحو أكثر من 20 مليون هكتار أي ثلث مساحة البلاد تقريبا، ويعمل بها أكثر من 70% من عدد السكان، لكن هذه المساحة تتمتد وتنكمس حسب الظروف المناخية الذي يمر به البلاد.
في المعادن، يمتلك الصومال احتياطيات غير مستغلة من العديد من الموارد المعدنية، بما في ذلك اليورانيوم، خام الحديد، القصدير، ، البوكسيت، النحاس، الملح و الغاز الطبيعي.
وفي أواخر الستينيات، اكتشف علماء الجيولوجيا التابعون للأمم المتحدة، رواسب كبيرة من اليورانيوم ومخزونات معدنية نادرة أخرى في الصومال.
كان الاكتشاف الأكبر من نوعه، حيث قدر خبراء الصناعة الودائع بأكثر من 25 ٪ من احتياطيات اليورانيوم المعروفة في العالم والتي بلغت 800 ألف طن.
ومن حيث المواد الصناعية يمثل النشاط الصناعي في الصومال حالة ثانوية في الوقت الحاضر فلا يساهم بأكثر من 5% من جملة الاقتصاد الوطني لأن أغلب الصناعات الموجودة مازالت في مرحلها الأولية، إذ تقتصر معظم الصناعات أولية في تعليب منتجات الصغيرة لكن يبدوا أن البلاد سيشهد مصانع كبيرة في السنوات المقبلة .
أما في السياحة يتمتع الصومال مواقع أثرية تاريخية في كافة أنحاء البلاد، فهذا القطاع مهمش تماما في السياسات الوطنية للنهوض باقتصاد البلاد وتمنع الظروف الأمنية صرف النظر عنها.
لكن المراقبين يرون السياحة قطاعا واعدا ترفده المدن الساحلية والمواقع التاريخية التي يملكها الصومال وكذالك المناطق الخلابة التي تقع على ضفاف نهري جوبا وشبيلى التي يمران على البلاد
ويتفق الإقتصاديون بأن يمكن القول بأن الصومال لم ينجح في استغلال موارده حتى الآن، وأن ظروف القهر والفقر والإرهاب لا يمكن التغلب عليها سوى تبني ساسات جديدة تخدم في النمو الإقتصادي الذي يكمن في تطوير جهود استغلال الموارد الطبيعية .
ويقول أستاذ الإقتصاد في الجامعة الوطنية الصومالية محمد خليف، إن استغلال موارد الصومال الطبيعية أمر في غاية الأهمية لمحاربة الفقر وتقليل مخاطر المجاعة والإنعدام الغذائي التي تؤرق البلاد .
ويعتبر خليف، بأن الصومال يعد بمثابة سلة غذائية في منطقة القرن الإفريقي في حال الإستغلال التام، لافتا إلى ضرورة تبني سياسات تخدم محاربة التغيير المناخي الذي يؤثر سلبا على الموارد الطبيعية .
ويرى أستاذ الإقتصاد بأن على الصومال أن يضع سياسة وطنية لمحاربة الفقر عبر تعزيز استغلال الموارد ورفع الصادرات من المحصولات الزراعية والثروة السميكية إلى دول العالم .
كما يشير خليف، إلى ضرورة الإستفادة من احتياطيات النفط والغاز الطبيعي عبر سن القوانين الضرورية لاستخراجها وتوزيعا بشكل عادل بين الصوماليين على أن لا تفتح جبهة صراع جديد بين الصوماليين لعقود مقبلة من الصراع .
المعادن والسياحة
وشددّ على أهمية التركيز على الاستغلال من قطاع المعادن والسياحة وجذب استمار رأس المال الأجنبي من أجل بناء كيانات اقتصادية كبيرة في الموراد الطبيعية الصومالية .
وكل هذا مرتبط بسن قوانين استثمار تجلب المال الأجنبي وتدعم الجهود المحلية إضافة إلى اتجاه الصوماليين بوضع سياسي وأمني مستقر يمهد الطريق في استغلال أمثل لتلك الموارد، داعيا إلى وضع سياسة وطنية شاملة لأسمى أنواع الاستغلال من الموارد وخلق الوظائف للشباب ومحاربة البطالة وتعزيز الخدمات في البلاد .
وكشف تقرير صاددر عن صندوق النقد الدولي، ديسمبر الماضي أن اقتصاد الصومال شهد تحسّناً نسبيّاً في السنوات الأخيرة إثر تحسُّن الأوضاع الأمنية والسياسية وكان من الطبيعي أن يتم تحسن الناتج القومي فيها، والذي بلغ عام 2019 حوالي 7،70 مليارات دولارٍ محققاً معدل نمو بنسبة 2،9% تقريباً.
كما أبرز التقرير الصادر من مكتب الإحصائيات القومي عام 2020، والذي أشار إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للفرد في جمهورية الصومال الفيدرالية يُقدَّر بثلاثمئة وتسع دولارات يومياً.
وحافظت جمهورية الصومال على اقتصادها وبلغ معدّل النمو الإجمالي 3,7 % عام 2020 في الوقت الذي كان معدل النمو الحقيقي في عام 2014 يبلغ ( 2,6 %).