أوضح تقرير اطلعت عليه وكالة “رويترز”، أن شركات الحوالة الصومالية أجرت خلال السنوات الأخيرة حوالات بأكثر من 3.7 مليون دولار نقداً بين مهربي سلاح تحوم حولهم الشبهات، بما في ذلك يمني خاضع لعقوبات أميركية بسبب صلاته المزعومة بمتشددين.
ومن المحتمل أن تؤدي هذه الاكتشافات التي توصلت إليها المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، إلى تعقيد المحاولات التي تبذلها شركات الحوالة الصومالية للاستمرار في الحصول على الخدمات المصرفية العالمية.
وبالرغم من أن هذه الشركات تمثل شريان حياة للملايين وسط الفوضى التي تعيشها هذه الدولة الواقعة في القرن الأفريقي، فإن عدداً قليلاً من المصارف يقبل التعامل معها، بسبب خطر التعارض مع قواعد الشفافية الدولية ومكافحة غسل الأموال.
وسُئل بنك الصومال المصرفي الذي ينظم عمل شركات تحويل الأموال، عن التقرير، فقال إنه لا يعلم عن الحوالات، لكنه سيحقق في الأمر، مضيفاً أنه يحرز بصفة عامة تقدماً في مكافحة تمويل الإرهاب.
واتصلت “رويترز” بالشركات الأربع، فقالت كل منها إنها تبذل قصارى جهدها للالتزام بالمعايير العالمية للتعرف على العملاء بالرغم من عدم وجود نظام لبطاقات الهوية الوطنية في الصومال. وقالت الشركات أيضاً إنها تحتفظ بقواعد بيانات للأفراد الخاضعين لعقوبات دولية.
صلات بالحيشي
وحللت المبادرة العالمية سجلات تعاملات لفترة تقارب ست سنوات من مدينة بوصاصو، وقارنتها بسجلات الهواتف المحمولة التي قدمتها مصادر أمنية، وبعمليات البحث في قواعد البيانات.
وحدد التقرير 176 عملية خلال السنوات الست الأخيرة، قائلاً إنها مرتبطة على ما يبدو بتجار سلاح تحوم حولهم شبهات في الصومال واليمن. وزاد ما يقارب ثلثي الحوالات عن 10 آلاف دولار، وهو المستوى الذي يجب عنده إبلاغ السلطات التنظيمية تلقائياً.
وقال التقرير إن بين هذه الحوالات، عمليتين تقتربان من 40 ألف دولار، وصلتا إلى أرقام هواتف لها صلة بسيف عبدالرب سالم الحيشي، بعد أن فرضت عليه وزارة الخزانة الأميركية عقوبات عام 2017، لاتهامه بتزويد تنظيم “القاعدة” في شبه الجزيرة العربية وتنظيم “داعش” في اليمن بالسلاح والدعم المالي. ولم يتسن الاتصال بالحيشي للتعليق.
وذكر المبادرة العالمية أن شركتي “أمل إكسبريس” و “إيفتين إكسبريس”، اللتين تعملان انطلاقاً من الصومال، هما اللتان أجريتا الحوالات التي استخدمت تركيبات مختلفة من اسم الحيشي واسم الشهرة الخاص به.
وقالت “أمل إكسبريس” إن إيصال الحوالة الذي ظهر في التقرير، وقيل إن له صلة بالحيشي، مزوّر. “إيفتين إكسبريس” قالت بدورها إن إيصال المعاملة مزيف، مضيفة أنها تخطر السلطات الصومالية بكل التعاملات التي تزيد قيمتها على 10 آلاف دولار.
هويات متعددة
ولم يتوصل التقرير إلى أية تعاملات حولت فيها الشركتان الأخريان، “دهب شل” و”تاج”، أموالاً إلى أفراد خاضعين لعقوبات، غير أنه أشار إلى حوالات أجراها أفراد من خلالهما باستخدام أسماء وأرقام عدة، في ما يمثل مخالفة للقانون الصومالي.
وقال التقرير إن رجلاً واحداً استخدم 24 اسماً من خلال الشركات الأربع. وقالت الأخيرة إنها لا تسمح للعملاء باستخدام هويات أو أرقام هواتف متعددة، من دون أن تذكر ما إذا كان الرجال الستة المذكورون في التقرير، موجودين في قواعد بياناتها. وأوضحت “دهب شل” أنها توقفت عن إجراء حوالات بين الصومال واليمن.
وباستثناء الحيشي، الخاضع الوحيد للعقوبات الأميركية، تم تحديد هوية ثلاثة آخرين تظهر أسماؤهم في التعاملات المشبوهة، باعتبارهم تجار سلاح تحوم حولهم الشبهات في تقارير معلنة من جانب لجنة خبراء الأمم المتحدة في ما يتعلق بالصومال.
ولا توجد حسابات مصرفية سوى لعدد قليل من الصوماليين. وتدير شركات الحوالات المالية نشاطاً حيوياً للاقتصاد، ولتوصيل المساعدات الإنسانية.
بطاقة الهوية
وقال الرئيس السابق للجنة خبراء الأمم المتحدة جاي بهادور، والذي وضع التقرير، إن قطع الصلات بين الشركات والنظام المصرفي ليس حلاً. وأضاف، “استبعاد الشركات من الخدمات المصرفية الدولية سينكل بالأسر التي تعتمد عليها، ويدفع أصحاب التدفقات المالية إلى العمل في الخفاء”. وأوضح أن على الشركات ضمان احترام وكلائها لقوانين مكافحة غسل الأموال، وأن على السلطات الصومالية أن تعمل على تحسين إنفاذ هذه القوانين. وقال بهادور لـ “رويترز”، إن “عدد العاملين في الهيئات التنظيمية المالية في الصومال ليس كافياً، وليست لديهم الموارد اللازمة، ولا تثق فيهم المؤسسات المالية المحلية”.
وصرح محافظ البنك المركزي الصومالي عبدالرحمن عبدالله، بأن التعاون بين الجهات التنظيمية والمؤسسات المالية يتحسن. وأضاف لـ “رويترز”، أن الصومال يعمل مع البنك الدولي على تطوير بطاقة هوية وطنية. وقال إنه سبق اعتقال أفراد لمخالفة قوانين مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مشيراً إلى إدانة أحد التجار في أغسطس (آب) الماضي بإدارة بنك غير مسجل.