الصومال.. نظام انتخابي معقد وفريد في ظل تصاعد الصراع
- الانتخابات البرلمانية والرئاسية كانت مقررة في 2020 وتأجلت إلى 2021 وتدحرجت إلى 2022
- انتخابات مجلس الشيوخ انتهت منتصف نوفمبر الماضي، بينما لم تستكمل انتخابات مجلس الشعب
- فشل اعتماد نظام الاقتراع المباشر، وعودة سلطة شيوخ القبائل في تعيين المندوبين الذين يختارون مجلس الشعب
- 3 رؤساء ورئيس وزراء ورئيس إقليم “سابقين”.. أبرز المتنافسين على منصب رئيس الصومال
يتوجه الصومال مع انتهاء كل أربع سنوات إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية، وفق الدستور المؤقت للبلاد، لكن انتخابات 2020 تأجلت عن موعدها لأكثر من مرة نتيجة خلافات سياسية حول نظام الانتخابات المعقد.
وانطلق التصويت في انتخابات مجلس الشعب (الغرفة الأولى للبرلمان) أوائل نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وكان من المفترض أن تختتم في 24 ديسمبر/ كانون الأول المنصرم، لكن الموعد النهائي تم تجاوزه.
وبينما أجريت انتخابات مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان) منتصف نوفمبر بنجاح، لم يحدد بعد موعد إجراء الانتخابات الرئاسية.
النظام الانتخابي
منذ انهيار الحكومة المركزية في 1991 يعتمد الصومال نظام انتخابات غير مباشرة مبني على المحاصصة القبلية، أي تقاسم المناصب السيادية على “قاعدة 4.5″، بمعنى أربع قبائل كبرى، وخمس قبائل صغرى.
وهذه القاعدة تم تبنيها عام 2000 كسبيل وحيد لعودة البلاد إلى نظام الدولة.
لكن المواطنين الصوماليين كانوا يأملون في خوض تجربة انتخابات عبر الاقتراع الشعبي المباشر، خاصة بعد اتفاق الحكومة ورؤساء الولايات الفيدرالية على ذلك في 2018.
إلا أن هذه الخطوة فشلت رغم مصادقة البرلمان عليها، نتجية اعتراض رؤساء الأقاليم الفيدرالية، والتي يرون أنها قد تسفر عن تغيير المعادلة السياسية في البلاد، وتمنح فرصة لاستمرار النظام الحالي لولاية ثانية.
وبعد تجاذبات سياسية كادت أن تغرق البلاد في فوضى سياسية، اجتمع رؤساء الولايات الفيدرالية وممثلي الحكومة، في 17 سبتمبر/أيلول الماضي، واتفقوا على العودة لنظام الانتخابات غير المباشرة الذي كان سائدا طيلة العقود الماضية.
ولهذا تتم الانتخابات عام 2021 في نظام انتخابات غير مباشرة مبنى على المحاصصة القبلية.
دور رؤساء الولايات الفيدرالية والحكومة
رؤساء الولايات الفيدرالية والحكومة، الجهتان المسؤولتان على تحديد نظام الانتخابات في البلاد، وحماية تنفيذ بنود اتفاقية 17 سبتمبر، حول إجراء انتخابات غير مباشرة.
دور شيوخ القبائل
شيوخ القبائل يمثلون دروا كبيرا في العملية السياسية منذ انتخاب أول حكومة انتقالية عام 1991، حيث كانوا ينتخبون نواب البرلمان في الحكومات الانتقالية المتعاقبة.
أما في انتخابات 2021، وقبلها في 2012، تغير نظام انتخاب النواب، حيث سيلعب شيوخ القبائل دور اختيار المندوبين (ممثلين قبليين) الذين سينتخبون بدورهم نواب مجلس الشعب.
إلا أن الانتخابات الجارية تتمير بتوسيع نطاق مشاركة شيوخ القبائل، الذين سيختارون المندوبين ليصل عددهم إلى 825 شيخا قبليا، بدل 135، بواقع 3 شيوخ لكل مندوب الذي بدوره سينتخب نواب مجلس الشعب (الغرفة الأولى للبرلمان)، والذي يضم 275 مقعدا.
المجتمع المدني
وتتميز انتخابات 2020 بمشاركة فئة المجتمع المدني لأول مرة في الانتخابات، ويأتي دورهم ضمن جهود الحكومة لتوسيع نطاق اختيار المندوبين الذين سينتخبون أعضاء مجلس الشعب، ويتم اختيارهم من قبل رؤساء الولايات الفيدرالية.
حيث كان شيوخ القبائل وحدهم من يختار المندوبين، لكن في هذه الانتخابات توسع نطاق اختيار المندوبين، حيث سيختار في الانتخابات الجارية 3 شيوخ قبائل، اثنين من المجتمع المدني لكل مندوب.
اللجان الانتخابية
تتمثل في ثلاث لجان؛ اللجنة الانتخابية على مستوى الفيدرالي، اللجنة الانتخابية على مستوى كل ولاية، ولجنة حل الخلافات، وتختص كل لجنة بمهام معينة.
لجنة الانتخابات على مستوى الفيدرالي، والمكون من 25 عضوا، مسؤولة عن الإشراف على سير الانتخابات، وتحديد مراكز الانتخابات بالتنسيق مع لجنة الانتخابات على مستوى الإقليم.
أما لجنة الانتخابات على مستوى كل ولاية، فمسؤولة عن الانتخابات في الولاية التي تمثلها فقط.
فيما تعمل لجنة حل الخلافات، المكونة من 21 عضوا، على الاستماع وحل شكاوى المرشحين في الانتخابات البرلمانية، وكل ما يمس نزاهة الانتخابات.
اختيار المندوبين
تمت زيادة عدد المندوبين الذين سينتخبون النواب إلى 101 مندوبا لكل مقعد، أي بإجمالي نحو 28 ألف مندوبا، بدل 50 مندوبا لكل مقعد في الانتخابات السابقة، بنحو 14 ألف مندوب فقط.
ويختار شيوخ القبائل والمجتمع المدني المندوبين من قبل الذين يمثلون القبيلة التي تملك كرسي البرلمان.
مجلس الشيوخ
ويمثل الغرفة الثانية للبرلمان، ويضم ممثلين عن الولايات الفيدرالية السبعة: هيرشبيلى، جوبالاند، غلمدغ، جنوب غرب الصومال، بونتلاند، إلى جانب الأقاليم الشمالية أي صوماليلاند التي لها تمثيل سياسي في الحكومة الفيدرالية، وإقليم بنادر (يضم العاصمة مقديشو).
ويتكون أعضاء مجلس الشيوخ من 54 عضوا، وينتخبهم أعضاء برلمانات الولايات الفيدرالية.
حصة المرأة
تصل إلى 30 بالمئة من أصل 329 عضوا يتكون منه البرلمان بغرفتيه.
ورغم أنه لم يعلن بعد عدد المرشحات في الانتخابات البرلمانية، إلا أن المرأة حققت في انتخابات مجلس الشيوخ، نسبة 26 بالمئة.
ومن المبكر معرفة النسبة التي ستحصل في انتخابات مجلس الشعب قبل انتهاء الاقتراع.
الدوائر الانتخابية
تجري الانتخابات البرلمانية عبر 11 مركز اقتراع موزعة على 7 دوائر انتخابية على مستوى البلاد.
المرشحون المحتملون للرئاسيات
منذ بدء استحقاق الانتخابات البرلمانية، أعلنت أكثر من 25 شخصية ترشحها للانتخابات الرئاسية، ويتوقع إصدار قائمة المرشحين المقبولين بعد تحديد موعدها.
وأبرز المرشحين للانتخابات الرئاسية 5 شخصيات معروفة، هي:
1- الرئيس محمد عبدالله فرماجو:
الرئس التاسع في البلاد من مواليد مقديشو عام 1962، وانتهت ولايته الرئاسية في 8 فبراير/شباط 2021.
تلقى فرماجو، تعليمه الأساسي والثانوي في العاصمة، قبل أن ينتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تخرج من جامعة “بافالو” في نيويورك.
وانخرط في السلك الدبلوماسي عندما تم تعيينه في 1985، سكرتيرا أولا لسفير الصومال لدى واشنطن، ثم عين رئيس للوزراء في 2010.
ويتمتع فرماجو بتحالفات مع رؤساء ثلاثة ولايات فيدرالية من أصل 5، إلى جانب تأثيره الكبير على نواب صومالي لاند وبنادر.
لكنه قد يصطدم بطبيعة السياسة الصومالية التي ترحب دائما بالوجوه الجديدة، وتنبذ الشخصيات التي تسعى إلى تحقيق ولاية ثانية.
2- الرئيس السابق حسن شيخ محمود:
الرئيس الثامن في البلاد من مواليد 1955، في مدينة جللقسي، (وسط) تخرج من الجامعة الوطنية عام 1981، ثم أكمل دراسته في الهند، حيث حصل على درجة الماجستير.
يعد من الشخصيات التي تتمتع برصيد سياسي محترم من المجتمع المدني، إلى جانب علاقاته الواسعة مع السياسيين والمرشحين المحتملين في سباق الرئاسة.
ويقود محمود، حزبا سياسيا يضم وجوها وشخصيات بارزة في الساحة السياسية، والتي قد تمكنه من العودة إلى القصر الرئاسي من جديد.
3- الرئيس الأسبق شريف شيخ أحمد:
الرئيس السابع في البلاد، من مواليد عام 1968 في منطقة مهداي (جنوب)، تلقى تعليمه الأساسي في مقديشو، لينتقل بعدها إلى السودان ثم إلى ليبيا ليكمل تعليمه.
مؤسس المحاكم الإسلامية في البلاد، ورئيس كتلة اتحاد المرشحين (المعارضين) المحتملين في سباق الرئاسية.
ويتمتع شريف بدعم قبيلته، ويحظى بإنجازات سياسية وأمنية سابقة إلى جانب قيادته حزبا سياسيا يضم شخصيات سياسية مشهورة، ما قد يجعله من أقوى المرشحين في الانتخابات الرئاسية.
4- عبدالكريم حسين جوليد:
رئيس ولاية جلمدغ سابقا، ووزير الداخلية والأمن سابقا، من مواليد 1968، سياسي معروف ،اشتهر في خدمة المجتمع المدني ومن أبرز الشخصيات التي ساهمت في مشروع التعليم في البلاد.
خاض جوليد، غمار السياسية منذ 2012، وتمكن خلال هذه السنوات الأخيرة من ربط علاقات واسعة مع القبائل والسياسين الصوماليين، ما يجعله مرشحا قويا في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
5- حسن علي خيري:
رئيس الوزراء الأسبق، من مواليد 1968، في مدينة جلهريري (وسط)، تلقى تعليمه الأساسي في مقديشو، ثم تحصل على الليسانس من كلية إدارة الأعمال بجامعة أوسلو النرويجية، ثم على الماجستير في نفس التخصص من جامعة ادنبرة البريطانية.
في غمار السياسة شغل خيري، منصب مستشار للرئيس السابق حسن شيخ محمود، كما عُين رئيسا للوزراء في 2017، ثم أقيل إثر خلافات مع الرئيس الحالي فرماجو، يعد خيرى من الشخصيات السياسية الفاعلة.