الصومال اليوم

الصومال.. فصل الأمن عن السياسة وخطة لحماية العاصمة مقديشو

أضحى الملف الأمني في الصومال متصدرا للمشهد عقب تعرض مكتب رئيس الوزراء محمد حسين روبلي لهجوم من قبل عناصر من فرقة حماية القصر الرئاسي.
الهجوم الذي جاء بأمر من الرئيس الصومالي المنتهية ولايته محمد عبدالله فرماجو، يعد سابقة خطيرة لم تسجل في تاريخ البلاد، بأن يأمر رئيس قوات حكومية بمهاجمة مكتب رئيس حكومته ومقر مجلس الوزراء بسبب خلاف سياسي عارض قد تتم تسويته في أي لحظة.
وتستعد الحكومة الصومالية لإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية والجيش لكبح تلك التصرفات التي تهدد وجود تلك الدولة الهشة، المبنية على أساس محاصصة عشائرية تمت إعادة صياغتها قبل عقدين في مدينة عرتا بدلة جيبوتي، بعد مؤتمر مصالحة وطنية شاملة هناك بين جميع الأطراف الفاعلة في الصومال.

خطة أمنية جديدة للعاصمة

وأعلن مجلس الوزراء الصومالي في اجتماعه الاعتيادي الأخير، الخميس الماضي، في مقديشو موافقته على “خطة أمن العاصمة مقديشو” الذي طرحته وزاة الأمن الداخلي.
وبحسب الخطة فتشكل قوة مشتركة من جميع الوحدات الأمنية في البلاد بقيادة ضباط لم يشاركوا في تسييس مهامهم الأمنية.
وتهدف الخطة إلى كبح سيطرة فرماجو على الأجهزة التي استفحلت خلال السنوات الخمس الماضية، واستخدامها ضد خصومه السياسيين الآخرين.
ولم تكشف وزارة الأمن بعد عدد تلك القوات وميزانيتها إلا أنها قد تتشكل من ضمن المنظومة الأمنية الموجودة بعد إعادة هيكلتها بقيادة موثوقة.

المخابرات ومطار مقديشو

وفي إطار الملف الأمني، أصدر وزير الأمن الصومالي عبدالله محمد توجيها لمدير المخابرات المؤقت ياسين فري بسحب جميع القوات التابعة لجهاز المخابرات بالملابس المدنية من مطار مقديشو الدولي بعد تسجيل تجاوزات لتلك القوات واستخدامهم سياسيا وزعزعتهم لأمن المطار.


وذكر وزير الأمن، في بيان، أن النقاط الأمنية الرسمية لقوة المخابرات ستبقى في في قواعدها الرسمية داخل مطار مقديشو للاستفادة من خبراتهم المتراكمة في تعزيز الأمن، إلا أنه شدد على “ضرورة سحب العناصر غير الرسمية التي يستخمها فرماجو وأنصاره لتهديد خصومهم”.
ولم يتجاوب مدير المخابرات المؤقت ياسين فري، الموالي لفرماجو، بشكل رسمي مع أمر وزير الأمن الصادر قبل 3 أيام، إلا أن الدبلوماسيين الأجانب حذروا من خطورة الأمر.
وأصدر وزير الأمن رسالة طمأنة بأن “الشرطة الفيدرالية ستملأ الفراغ، وأن هذه الخطوة ضرورية لتسهيل التنقل وسط فترة انتخابية يعيشها الصومال”.

نأي الجيش عن السياسة

وعقب أحداث الهجوم على مكتب روبلى، أصدرت الولايات المتحدة بيانا شديد اللهجة طالبت الأطراف السياسية بنأي الأجهزة الأمنية عن السياسية وإبقائها على الحياد في الصراع السياسي.
وعقب ذلك عقد كل من قادة الجيش والشرطة مؤتمرا صحفيا مع كل الضباط ووجهوا لهم أوامر بالابتعاد عن الاندماج في الأطراف السياسية.
واتبع مدير المخابرات نفس النهج، مطالبا جهاز المخابرات والعناصر المنسوبة له بالتركيز على محاربة الإرهاب والمهام الأمنية وعدم التدخل في السياسة.
يأتي هذا رغم أن جهاز المخابرات كان عصا فرماجو لضرب المعارضة والاعتداء على خصومه السياسيين بقيادة المدير السابق فهد ياسين الذي أطاح به روبلى في سبتمبر/أيلول الماضي عقب اتهامات وجهت إليه بالتورط في قضية اختفاء موظفة في الجهاز تدعى إكرام تهليل فارح.

مطلب أمني للمعارضة

وتطالب المعارضة الصومالية، المتمثلة باتحاد مرشحي الرئاسة، بتسليم فرماجو المسؤولية الأمنية كاملة لرئيس الوزراء لإيجاد استقرار سياسي وأمني.
إضافة إلى أخذ قادة جميع الأجهزة الأمنية أوامرها من مكتب رئيس الوزراء ومجلس الوزراء في الفترة الانتقالية، وبقاء فرماجو مرشحا كغيره من المرشحين.
ووفق مطالب المعارضة، فقد أمر رئيس الوزراء جميع قوات الأمن والجيش بأخذ الأوامر منه حصرا ومحاسبة كل من لم يلتزم هذا الأمر بعد محاولة فرماجو الانقلابية الفاشلة، وذلك في مؤتمر صحفي عقده في 27 ديسمبر/كانون الأول الماضي عقب الهجوم على مكتبه.
ويقول المحلل الأمني الصومالي، سعيد صالح، إن “الخطوات التي اتخذتها الحكومة الصومالية هي رادعة في أي محاولة أخرى يحاول فرماجو من خلالها استخدام القوة العسكرية في خلافاته مع الخصوم السياسيين”.
واعتبر “سعيد” أن “كبح جهاز المخابرات وتطهيره من السياسة إنجاز كبير سيحسب لرئيس الوزراء روبلى ووزير الأمن في حال تحقيق ذلك بشكل كامل”.
ولفت إلى أن “إطاحة فهد ياسين كانت مفتاحا لثورة إصلاح المؤسسة الأمنية ونأيها عن السياسة”.
ويرى المحلل الأمني أن “وضع قادة الوحدات الأمنية والجيش تحت سلطة رئيس الوزراء مباشرة باتفاق سياسي مع المعارضة يخدم الاستقرار الأمني والسياسي في المرحلة الانتقالية ويساهم في تطوير وتعزيز نزاهة الانتخابات وثقة الأطراف في المسار”.

Exit mobile version