الصومال اليوم

الصومال.. تصعيد خطير بين الرئيس والحكومة ومخاوف من المجهول

دعا الرئيس الصومالي المنتهية ولايته، محمد عبد الله فرماجو، الأحد، إلى مؤتمر تشاوري والبحث عن بديل لرئيس الوزراء حسين روبلي، الذي اتهمه بـ”الفشل” في إنجاز الانتخابات، مما عده محللون بمثابة محاولة جديدة لدفع البلاد نحو المجهول، ومن ثم تمديد ولايته.
ورد روبلي، في بيان، أكد خلاله أن فرماجو “يهدف إلى تعطيل العملية الانتخابية في وقت تمر البلاد بمنعطف خطير، ويشير بوضوح إلى أن فرماجو لن يتخلى عن السلطة”.
وشهد الصومال في العام الجاري أزمة سياسية، بعد فشل خطط إجراء الانتخابات التي كانت مقررة في فبراير الماضي، بسبب عدم الاتفاق بين القوى السياسية داخل البلاد على كيفية تنظيمها، ثم انهيار المحادثات بين حكومة مقديشو والقادة المحليين في أبريل الماضي.
وطلب فرماجو في هذا السياق من المشرعين تمديد ولايته لمدة عامين، مما أدى إلى اندلاع اضطرابات اجتماعية واشتباكات في مقديشو، واضطر الرئيس المنتهية ولايته إلى التخلي عن خططه، وكلف رئيس الوزراء بقيادة الاستعدادات لإجراء انتخابات غير مباشرة هذا العام، وفقا للاتفاق المبرم في 17 سبتمبر 2020.
وبحسب بيان الرئاسة، أكد فرماجو “إعلان فشل رئيس الوزراء في إنجاز الانتخابات العامة على أساس اتفاق 17 سبتمبر”، كما دعا إلى “عقد اجتماع تشاوري لتصحيح مسار الانتخابات بمشاركة الحكومة الفيدرالية، والولايات، ومحافظة بنادر للاتفاق على قيادة جديدة قادرة على إجراء انتخابات شاملة وشفافة في البلاد”.
وطالب فرماجو كذلك بـ”الاستماع إلى آراء المثقفين والسياسيين والمجتمع المدني من ذوي الاهتمامات الانتخابية، من أجل تحقيق عملية انتخابية تنتهي ببيئة سلمية وعادلة”.
وأوضح البيان أن ذلك جاء “بعد الاطلاع على الاتفاقية التي تم التوصل إليها في 17 سبتمبر 2020، والخطاب الذي وجهه فرماجو أمام مجلس النواب في مطلع مايو 2021، والذي فوض فيه روبلي بمسؤولية قيادة الانتخابات، فإنه تبين أنه بعد 14 شهرًا أن الانتخابات لم تكتمل”.

تشبث بالسلطة
وردا على المرسوم الرئاسي، قال روبلي، في بيان، إن “تحرك فرماجو جاء قبل ساعات من اجتماع المجلس الاستشاري الوطني الذي يعقد الاثنين لبحث الإسراع بالعملية الانتخابية، ولضمان شفافية الانتخابات”، مؤكدا أنها “خطة لمنع الاجتماع مما يشي بأن فرماجو لن يتخلى عن السلطة”.
وأكد روبلي أن فرماجو “سعى بكل ما أوتي من قوة لضمان وصول نتائج الانتخابات لصالحه أو تمديد غير قانوني عبر عرقلة الانتخابات منذ أن توليت الحكومة، ظل الرئيس يعيق باستمرار تنفيذ الانتخابات المتفق عليها، باستخدام تكتيكات مختلفة”، متعهدا بأن تكون الانتخابات التي يقودها متكافئة للجميع.
وشدد البيان على أن روبلي هو المسؤول عن الانتخابات وقيادة البلاد في المرحلة الانتقالية، وأن اجتماع المجلس الاستشاري الوطني سيعقد، الاثنين، في مقديشو كما هو مخطط لتصحيح مسار الانتخابات.
ودعا المجتمع الدولي والشعب الصومالي إلى “العمل معا ضد الأفراد الذين يشكلون تهديدًا للسلام وبناء الدولة في الصومال؛ لتجنب حدوث أزمة سياسية وأمنية في البلاد”.

دعم محلي ودولي لجهود روبلي
وفي وقت سابق الأحد، عقد روبلي اجتماعا مع ممثلي المجتمع الدولي لبحث الأوضاع في البلاد، وعلى رأسها الانتخابات وأجندة الاجتماع المقبل للمجلس الوطني الاستشاري.
وقال روبلي إن المؤتمر سيركز على الحفاظ على شفافية الانتخابات وتصحيحها وتنفيذ الإجراءات الانتخابية وإصدار جدول زمني نهائي.
وأشاد ممثلو المجتمع الدولي بالجهود التي يبذلها روبلي في تسريع الانتخابات وجعلها شفافة وذات مصداقية، حيث رحبوا بالاجتماعات التي عقدها مع اتحاد المرشحين والمجتمع المدني وأهمية الاستماع إلى مقترحاتهم بشأن الانتخابات.
كما أعلن اتحاد مرشحي الرئاسة دعم رئيس الوزراء في معركته مع فرماجو، الذي اتهموه بأنه يسعى لتعطيل الانتخابات، ومن ثم التمديد له.
وفي وقت سابق، صوّت أعضاء مفوضية الانتخابات الفيدرالية على إقالة رئيسها من منصبه بعد نحو أسبوع من عزل روبلي 7 أعضاء من عضوية لجنة تسوية الخلافات الفيدرالية في الانتخابات، وتعيين 7 آخرين بديلا لهم جراء “فقدان استقلالية اللجنة والاندماج في الأطراف السياسية وانتهاك قوانين الانتخابات”.
ووفق أحدث جدول زمني للانتخابات، انطلقت انتخابات مجلس الشعب في مطلع نوفمبر الماضي، وكان من المفترض إنهاؤها في 24 ديسمبر الجاري، إلا أن العديد من العقبات واجهت العملية الانتخابية وعطلت مسارها.

هدف فرماجو
الباحث السوداني في الشؤون الإفريقية، صالح محيي الدين، قال إن كل ما يحدث هو مساع لإفشال العملية الانتخابية، ومن ثم وضع البلاد في حالة تأزم للأوضاع السياسية، وبالتالي استمرار الوضع على ما هو عليه، وهو هدف فرماجو الذي يسعى إليه للاستمرار بالسلطة.
وأضاف محيي الدين في تصريح صحفي، أنه لا يوجد خيار آخر سوى تسريع عملية الانتخابات وإفشال مخططات الرئيس والدولة العميقة، وهو ما تعهد به روبلي بدعم من المجتمع الدولي ورؤساء الولايات.
وأوضح أن هناك تخوفات صومالية من سرقة الانتخابات، وعلى الحكومة التصدي للمحاولات الإقليمية والدولية، وعدم السماح بالتدخل بها وتوجيهها نحو مرشحين بعينهم بغية استمرار تحقيق مصالحهم في البلاد.
وأكد أن الصوماليين يرغبون في انتخابات سلمية وشاملة، خاصة أن هذه الانتخابات هي الأكثر أهمية خلال السنوات الماضية، متوقعا خسارة فرماجو للمعركة السياسية الحالية مع روبلي، خاصة أن الأخير مفوض بحكم القانون بقيادة المرحلة الانتقالية.
وأقرت في السابق ثلاثة جداول زمنية للانتخابات الفيدرالية منذ 29 يوليو، ثم تعثر المسار حتى اليوم وسط ضغوط خارجية وداخلية لإنهاء حالة الفراغ الدستوري.

Exit mobile version